القدس المحتلة - ترجمة المركز الفلسطيني للإعلام +-
فرضت المقاومة في غزة قواعد اللعبة من جديد، وسط حالة من الذهول اجتاحت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية من جرأة المقاومة وردها القوي على تجاوزاته؛ فغزة التي لا تمتلك ما تخسره أكثر مما فات، باتت صاحبة الكلمة الأخيرة في هذه المعركة السريعة والدقيقة.
قسم الترجمة والرصد في "المركز الفلسطيني الإعلام" تابع أبرز ردود الأفعال في الإعلام العبري حول الأحداث الأخيرة على قطاع غزة.
تآكل الردع
ما أطلق في المعركة أمس يعادل من أطلق خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ انتهاء الحرب الأحيرة 2014.
وكتب المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت احرنوت" يوسي يهوشاع: خلال 12 ساعة أطلق عشرات الصواريخ وقذائف الهاون من غزة على إسرائيل، وهو ما يعادل ما أُطلق طوال السنوات الأربع منذ الجرف الصامد (انتهاء معركة العصف المأكول).
وأضاف: صفارات الإنذار ظلت تدوي طوال ساعات الليل، وسلاح الجو هاجم مرة أخرى بعد منتصف الليل أهدافاً في القطاع؛ حماس أطلقت العنان للفصائل، وكان الرد الفاتر من الجيش لا يساهم في الردع الإسرائيلي الذي تآكل، حتى لو كان قطاع غزة مهتماً بالهدوء، لا ينبغي أن تنتهي هذه الجولة وهم راضين عما حدث.
وتابع أنه يجب على أولئك الذين يريدون استعادة الهدوء لسكان محيط غزة، إعادة الردع الإسرائيلي من أجل تجنب الجولة التالية، أو حتى من خلال عملية واسعة النطاق.
ومضى يقول: من سمح بإطلاق النار هو حماس، وكما اتضح في السنوات الأخيرة فإن سيطرتها على إطلاق النار مطلقة، عندما لا تريد من المنظمات المارقة إطلاق الصواريخ أثناء المظاهرات تنفذ تعليماتها بالكامل، هذه المرة أطلقت حماس العنان وسمحت لجميع المنظمات بإطلاق النار.
المحلل: من سمح بإطلاق النار هو حماس، وكما اتضح في السنوات الأخيرة فإن سيطرتها على إطلاق النار مطلقة، عندما لا تريد من المنظمات المارقة إطلاق الصواريخ أثناء المظاهرات تنفذ تعليماتها بالكامل، هذه المرة أطلقت حماس العنان وسمحت لجميع المنظمات بإطلاق النار.
الرد القاصر
وباعتراف المراسل "كان الرد الإسرائيلي خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية قاصراً جداً"، بالإضافة إلى ذلك انتظر الجيش خمس ساعات قبل الهجوم والرد على الهجوم الفلسطيني الصباحي، وزعم الجيش أن 30 هدفاً قد تعرض للهجوم في العملية الأكثر أهمية منذ الجرف الصامد.
في "إسرائيل" يقولون إن حماس لا تريد مواجهة، لكننا تعلمنا جيدا أن هناك مجالا للتواضع في محاولة فك رموز نواياها، وحماس ذاهبة إلى النهاية.
ووفق المراسل؛ ليس من الصواب أن نسمح لها بوضع قواعد جديدة للعبة من أجل تمديد الفترة بين الجولة والجولة، طالما لا يوجد حل سياسي لقطاع غزة بالتوازي مع مطلب استعادة الردع، ويجب أن تعمل القيادة السياسية على التقليل بأكبر قدر ممكن من الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وعدم الانتظار حتى تنفجر حتى إذا كانت الأزمة ليست خطأنا فإن المصلحة الإسرائيلية هي حلها بسرعة.
وكتب اليؤور ليفي في صحيفة يديعوت: ليس لدى إسرائيل سوى القليل من الاهتمام بعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، علاوة على أن مثل هذه العملية تنطوي على خسائر مالية هائلة للاقتصاد، ومنها إخلاء المستوطنات في محيط غزة، والتعويض عن الأضرار، وحشد احتياط الجيش، وزيادة ميزانية الدفاع والتباطؤ الإقتصادي.
الروتين الخطير
وتحت عنوان "تصعيد بدون فرامل" كتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أليكس فيشمان: "وضعنا الآن سقوط حر في غزة؛ بدون مظلات ولا وساطة ولا حوار فقط هو النار، وفي ظل الظروف التي حلت خلال الـ 24 ساعة الماضية، لن تتوقف هذه النار إلا عندما يستسلم أحد الطرفين، وباختصارعندما ترضى المنظمات التي أطلقت النار في غزة".
"وضعنا الآن سقوط حر في غزة؛ بدون مظلات ولا وساطة ولا حوار فقط هو النار، وفي ظل الظروف التي حلت خلال الـ 24 ساعة الماضية، لن تتوقف هذه النار إلا عندما يستسلم أحد الطرفين، وباختصارعندما ترضى المنظمات التي أطلقت النار في غزة".
وأضاف المحلل فيشمان: "بالنسبة لقادة حماس والجهاد بغزة، فإن هذا إنجاز يمكن أن يبرر إطلاق النار، لكن في إسرائيل لا توجد نية للسماح لحماس بإطلاق الطلقة الأخيرة؛ حيث عقد أمس وزير الدفاع مشاورات مع قائد الأركان العامة و تلقى الجيش تصريح بالاستعداد لجميع الإحتمالات: من زيادة قوة النيران التي تستخدم ضد قطاع غزة إلى توغل بري، وتصاعد القوة في النيران يمكن أن يؤدي إلى هجوم جوي واسع قد يستمر عدة أيام ضد ما يسمى البنية التحتية لحماس، بما في ذلك البنية التحتية الواقعة تحت الأرض في عمق قطاع غزة".
وبحسب فيشمان؛ فإن أهمية مثل هذا الهجوم هي أن العمليات الجوية ستنفذ ضد واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم حيث السكان المحليين هناك حقا لا يوجد مكان ليهربوا إليه، والأضرار والتكاليف البشرية ستكون كبيرة، ولكن الكلمة الأخيرة ستقولها إسرائيل، هذا هو قرار المنظومة العسكرية بالتشاور مع رئيس الوزراء لعدم السماح للجانب الآخر بتذوق أي طعم للنصر، هذه أيضا فرصة لوقف موجة الإرهاب الشعبي على الجدار، والتي أصبحت في الأشهر الثلاثة الأخيرة روتينًا خطيرًا، وفق قوله.
نهاية نظام الموازين
وأشار المحلل إلى أن هناك أسباب لكل ما جرى، وحسب التعبير الذي أطلقه "هكذا تندلع الحروب في الشرق الأوسط"؛ في ينايرهاجمت إسرائيل نفقًا وأسفر الهجوم عن مقتل 14 من أعضاء الجهاد الإسلامي، في ذلك الوقت طالبت حماس الجهاد بضبط الرد، وأول أمس عندما قتل الجيش ثلاثة من نشطاء الجهاد على الحدود انتهى نظام الموازين في مثلث "إسرائيل-مصر-حماس" من العالم.
مرة واحدة بدأت "احتجاجات كسر الحصار" عن قطاع غزة، انهارت تقريبا كل التفاهمات والاتفاقات الشفهية التي صيغت بعد الجرف الصامد؛ إسرائيل وحماس صعدوا إلى مسار الحرب؛ أسبوعين منذ مسيرة "يوم النكبة" الذي أسفر عن مقتل 62 فلسطينيا على السياج، وحاول المسؤولون الإسرائيليون إطعام الجمهور عناوين رئيسية حول هدنة وشيكة، وبرامج إعادة تأهيل دولي لغزة إسرائيل تقف في مركزه، يقول الكاتب الإسرائيلي.
وشدد فيشمان على أن كل شيء لا يزال على الورق، الهدف من العناوين هو تلبية هدف واحد فقط: خدمة ما يطلق عليه "لعبة إلقاء اللوم" في اللغة الدبلوماسية لبناء الذريعة من أجل الفشل، إحدى الحجج هي أن حماس غير مستعدة لقبول صفقة إنسانية تشمل السجناء والمفقودين، وحماس تطالب باتفاق منفصل على الجثث بما في ذلك الإفراج عن السجناء و50 سجيناً أُطلق سراحهم وأُعيدوا إلى السجن، وهنا أكثر أو أقل انتهت المفاوضات وبدأت الحرب.
طول نفس
ووضع فيشمان خيار اللجوء للاغتيالات بقوله: من المعقول أن نفترض أنه قريباً جداً سننتقل أيضاً للاغتيالات المستهدفة لقيادة حماس، ومن ناحية أخرى إطلاق نار بعيد المدى من غزة نحو الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما في ذلك محاولات اختراق السياج والقيام بهجمات داخل الأراضي الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه ستبذل حماس الجهود لفتح جبهة أخرى في الضفة.
وختم فيشمان: إن قوة حماس العسكرية هي واحدة من المراسي التي تمكنها من السيطرة على القطاع والوقوف أمام رام الله، وفي المرحلة التالية من الهجمات من المنطقي الإفتراض أن إسرائيل ستهاجم أيضاً المؤسسات الحكومية، وأين ستكون نقطة التوقف من غير الواضح، من الجولات السابقة علمنا أن حماس لديها قدر كبير من طول النفس.
المراسل الإسرائيلي: قوة حماس العسكرية هي واحدة من المراسي التي تمكنها من السيطرة على القطاع والوقوف أمام رام الله، وفي المرحلة التالية من الهجمات من المنطقي الإفتراض أن إسرائيل ستهاجم أيضاً المؤسسات الحكومية، وأين ستكون نقطة التوقف من غير الواضح، من الجولات السابقة علمنا أن حماس لديها قدر كبير من طول النفس.
حضور الردع المقاوم
من جانبه، قال محلل الشؤون الإسرائيلية في"المركز الفلسطيني للإعلام" أن الكيان الإسرائيلي اعترف أن قيادة المقاومة كانت حاضرة بصلابة إرادتها وكلمتها الواحدة.
وأشار في معرض تعليقه على ردود الفعل الإسرائيلية أن ذلك تمثل بتوقيت وأسلوب الرد وبالحجم المطلوب، ما أربك الكيان وعكس توقعاته في توحد جبهة المقاومة، ليس هذا فحسب بل بقوة الإعلام الحربي المقاوم المتزامن مع الفعل الميداني.
وأضاف: كعادته الكيان يقلب الحقائق ولا يعترف بهزيمته وارتباكه؛ "والا" العبري نقل عن سكان المجلس الإقليمي أشكول أيضا أنهم غاضبون يومين كنا في الملاجئ لم نخرج منها و نسمع صفارات الإنذار والصواريخ كل 10 دقائق، بينما لم نسمع عما حققه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، لن نكون هادئين إلا إذا تم ردع حماس والجهاد الإسلامي في غزة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نشرت صحيفة يديعوت أن الكيان عمل طابع رسمي بريدي يحمل صورة للقبة الحديدية وهي تعترض لعشرات الصواريخ وقذائف الهاون، واعتبر ذلك انجاز وطني وأن القبة الحديدية من عام 2011 سجلت أكثر من 1500 عملية اعتراض ناجحة، واليوم إذاعة جيش الكيان اعترفت بأنه خلال الساعات 24 الماضية أطلق حوالي 100 قذيفة صاروخية نحو مستوطنات غلاف غزة تم اعتراض 40 منها فقط، وفق قوله.
وأكد المحلل أن ما حدث بسرعة ثبت في العقلية الفلسطينية أن المقاومة ما زالت بخير، وأنها قادرة على استلام المبادرة وقيادة الميدان السياسي والعسكري، في المقابل أعادت إلى العقلية الإسرائيلة أن غزة تتمترس خلف مقاومتها، وأنها من الواجب أن تحسب ألف حساب قبل أن تفكر في فكرة مجنونة "حرب قادمة".
وبحسب المحلل؛ إن شجاعة المقاومة أمام الصلف والعنجهية الصهيونية، ثبًت وبشكل قاطع أن الردع الصهيوني تآكل ويحاول الجيش البحث عنه في الضربات الجوية، وأن الردع المقاوم حاضر وجاهز كما هي جهوزيته في "مسيرة العودة"، وأن الكيان بدأت رؤيته تضعف لما يحدث، وبات يفكر فعليا برفع الحصارعن القطاع لتحقيق الهدوء على الجبهة الجنوبية.