مُنِنَّا بالوصول..فامْنُنْ بالقَبُول !! .. بقلم عبدالله بِنْ مُحمد الأسطل
تم النشر 28 ديسمبر 2017
عدد المشاهدات: 2753
أضيف بواسطة : عبدالعال محمد
طوبى لمن استبقى رفيف أجنحة الملائكة فوق قلبه من رمضان 2017 ودعا ربه أن يُبلغه رمضان 2018 بسكون قلبه وترميم حائط روحه وسُقي شجرة نوافل الطاعات بعد أن جفت بقلبه وغاب عن نثل الصيام والقيام ونور الوحي..! عام جديد: يعني أن ثمة وجع يضاف إلى سوريا، ومعاناة في غزة، وفتنة في العراق.. وقلم يختنقه تكاثر جروح المسلمين.. ونفخة خنزير.. وألم أُم.. وبُكاء أب! فبكل ما في قلوب الجدات من نقاء يطغى على تنميق الكلمات، وبكل ما في صوت ماهر زين من حنين وهو يغني (أعمارنا؛ أعمالُنا)، وبكل شجاعة الشهيد إبراهيم أبو ثُريا، وبكل تفاؤل رجل غزي بالمصالحة بعد أن غدت باهتة وتبعثرت في شوارع الوطن! وبكل ما في دموع أخت سورية من حرارة وهي تنظر إلى مكان أخيها الفارغ على مائدة العشاء، وبكل ما في حب من ذاك الصديق الذي تبسم لي جابرًا الغياب: سماؤنا واحد، إذًا لست ببعيد! وبكل ما في غُصة ذكرى وانتظار! وبكل ما في قلب أم من غصص حينما كانت تحمل ولدها وهي تنظر إلى الفواكه المرصوفة ولا شيء في الجيب إلا الخواء، بكل هذا يحل العام الجديد.. فاللهم إنا قد مننا بالوصول فأمنن علينا بالقبول! آيا من استقبل عامه الجديد دون منيته: ضع في عقلك رقم 20 سنة وأضفه إلى أي شيء آخر في عقلك وانظر إلى النتيجة: كيف ستُصبح أنت؟! هل ستكون على قيد الحياة؟! كم سيكون عدد أولادك؟! ما الأشياء التي ستبقى والأخرى سترحل؟! جربت هذه الفكرة فوجدت أثرًا عجيبًا! فلو سألت شخصًا عُمره 20 ماذا ستفعل في ال60؟ لقال الأمر بعيد! ولو سألت من عُمره 60 هل تذكُر ال20؟ لقال: كأنها أمس.. إذًا العمُر قصير ويخدع! فمع بداية ال2018 ما زلتُ أتساءل بشغف: (هل تلتفت إلينا الأيام التي نلتفت إليها دائمًا)؟! فبشائر التوفيق تُشير للتحقيق فالتمسها في مُفتتح ال2018! أعجبني قول (ماريو) وهو يقول: (عندما تتراكم الأعوام في عُمر الإنسان يبدأ بإدراك أن الوقت يفلت من بين يديه)، وقبل أن يفلت الوقت من بيننا.. كيف بنا أن نُعيد طُهر الطفولة ونقاء القلب كما كان في أول 5 دقائق من مولدنا حينما كُنا أحرار؟! فالحُرية بمفهوم (مكسيم غوري) تختلف حينما قال: (الحرية هي أول خمس دقائق ولدت فيها أبكي عاريًا، بلا اسم، بلا خطيئة، بلا توجهات، بلا بشر)! فلم يبقى لي من عام 2017 إلا أن أبتهل: (ذكرني ما أنسى من نفسي)! فيا رب مع مُفتتح 2018 علمني أن أُسافر عكس ظنوني! فقد بتُ من سنين أتجنب المرور بكلمات مثل (موت.. قتل.. وفاة، إصابة، فقد، هُناك، حُزن، صد)؛ كلمات تسببت في أن أغُادر طفولتي أسرع مما ينبغي لفرط ما تدربت على قراءة بعضها في شريط الأخبار وآلمني بعضها الآخر مِمن أُحب! وأصبحت أمنيتي أن لا أجدها في هذه العام الجديد.. بل لا أسمعها ولا أقرأها.. وعلها تنقرض! ومن بركات العُمر! ما رواه البيهقي عن محمد بن رهويه، قال: سُئِل أبي: كيف ألفّ الشافعي هذه الكتب كلها ولم يكن كبير السن؟! فقال: (عجل الله له عقله لقلة عمره)! فها أنا أنثر على قلبك فتات من أحرف علنا نُعيد بها ذاك الطُهر وتلك البركة ويكون عامنا الجديد بين طاعة دائمة ومعصية زائلة؛ فهذه وصايا عشر أرمي بها من جُعبتي في نحر (ا ل ش ي ط ا ن) عله يتقطع شيئًا فشيئًا -كإسمه هُنا- فينحصر بين قوسي الإخلاص والتوفيق حتى يُصبح كالأحرف صغيرًا ويكُف عن ملاحقتنا! 1- صحائف لا تُطوى: أسطر في صحيفتك في عام 2018 أعمالًا تجعل صحيفتُك منشورة مُشرقة لا تُطوى بعد موتك، واقرأ معي حديث سيدي-صل الله عليه وسلم- وكأنك تقرأه أول مرة: (سبع يجري للعبد أجرهم وهو في قبره بعد موته: من علّم عِلمًا، أو كرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرْس نخلًا، أو بنى مسجدًا أو ورّث مُصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته)! ثُم اجلس لوحدك مُتفكرًا مُتمعِنًا مُخططًا في هذا الكنز.. كم من هذه السبعة ستدرك في عام 2018 وأي منها سيجري عليك أجرهُ بعد الموت؛ لتجعل هذا العام مُختلفًا ونبعه فياضًا بالحسنات! 2- بداية العام وآخره: أبدأ يومك، أبدأ شهرُك، أبدأ عامك بطاعة واختمه بطاعة؛ فالبدايات والخواتيم عليها مدار الفوز أو الخسارة.. ابدأ يومك بصلاة فجر واختمه بنومة على سلامة صدر وطهارة بدن، فلو كان أول سطر في صحيفتك خيرًا وآخر سطر فيها خيرًا لمحا الله لك ما بينهما! 3- وقديمًا يزداد طُهرًا ونقاءً: في صحائفك أعمال كنت تعملها وتواظب عليها لكنها تحتاج منك اليوم إلى مراجعة، فأنت اليوم غير راضِ عنها ساعِ في الإرتقاء بها: - صلاة غير خاشعة! - إتقان لعملك المهني غير تام! - استغلال غير أمثل للأوقات! - قراءة للقرآن غير مُتدبرة! - علاقة للجيران وللأصحاب مُتقشفة! - عمل للدين ولكنه غير فعال ومُذبذب! كُل هذه فُرص سانحة لكي تُحسن أحرف صحيفتك وتجوّد في صحيفتك وعينك كُلما فترت الهمة وأثقلت الأعباء قول ربك: (ليبلوكم أيُكم أحسن عملا)! 4- اجعل صحيفة أعمالك قابلة للمحو: وذلك لانتباهك لكل ما تخُط في صحيفتك، ثُم إعلان توبتك فور زلتك! آخذًا في الحُسبان عُنصر الوقت لتفيق بسرعة، كما بشرك سيدي -صلّ الله عليه وسلم- وكم تمنيت أن أهدي هذه الحديث العظيم لكُل شخص يُقابلني! : (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المُسلم المُخطىء فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كُتبت واحدة)! وتذكر: كما أن الذنب كان عملًا فكذلك التوبة لا بُد أن تكون عملًا! 5- تخير أجمل الجُمل: أي العمل أفضل يا رسول الله ؟! سؤال طالما رفعه الصحابة إلى سيدي -صل الله عليه وسلم- ليخبرهم بما يروي الظمأ، وهي جُملة تعكس لهفة الصحابة على أعظم الأعمال أجرًا وأعلاها قدرًا؛ فتملأ هذه الجُملة مسامعُك من الآن حين تقدم على عمل صالح لتفاضل بين الطاعات وتنتقي أزكى القربات! ومنها ما أنصحُك به؛ أن تصنع جدولًا وتًقسمه على أشهر وأيام العام فمثلًا: تُقيد أسماء أرحامك من عمات وخالات وغيرهم.. كي تكون هُناك زيارة دورية لهُم.. ففي كُل اسبوع زيارة واحدة -وذلك حسب جدول أعمالك-، وهاك تُعيد الكرة.. فيكون حظ كُل بيت مرة في الشهر أو مرة كُل شهرين! فضلًا عن عدد الكُتب التي تود قراءتها خلال عام، وليت هُنا مُتسع لأخبرك وأُطلعُك على جدول لهذا! فعادتي أستطيل.. لذا: هاكّ هاتفي إن أردت الإستعلام عن الجدول وكيفيته، فسأتشرف بك: 0598789489 6- املأ صحائف من حولك: سابق أحلامك في هداية ضال وجذب صديق إلى رحاب الله وكهف الوحي المجيد.. قّلِب النظر فيمن حولك لتجد الدُنيا مليئة بالضالين غاصة بالغافلين فيكون عامك فاصل بين أمرين: (الصلاح والإصلاح)! وما أحلى أن تموت وصحائف أخرى تُرسل لك الثواب وتعلي قدرك عند رب الأرباب.. وما تزال صحائف صلاح الدين تعلو كُل يوم بأعمال أهل القدسُ، وصحائف عمرو بن العاص تربو كُل يوم بأعمال أهل مصر، وصحائف عُقبة بن نافع بأعمال أهل تونس، وصحائف العلاء بن الحضرمي بأعمال أهل البحرين، وصحائف الإمام الشافعي بأعمالنا نحن بغزة! 7- قلم لا يتوقف: أشغل ملك الحسنات ما استطعت حتى في أوقات راحتك وساعات نومك، فإن نمت طاهرًا وكُلما تقلبت نادى المَلَك: اللهم اغفر لعبدك فُلان فإنها بات طاهرًا! اقلب عاداتك حسنات واحفظ هذه القاعدة جيدًا: مباحات + نوايا = (عبادات)! يحّفزك على ذلك صحابة سبقوك وتابعون أغروك.. تبغي أن تلحق بهم وتُزاحمهم على الحوض! 8- المُكفرات: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجُمعة ورمضان إلى رمضان مُكفرات ما بينهُن إذا اجتنبت الكبائر)! وإذا كان كتاب عُمرك أول سطر فيه أذان قرع أذنك عقب ولادتك فاستبشر بأن يكون آخر سطر فيه -إن شاء الله- كلمة التوحيد ينطق بها لسانُك فتكون جواز عبورك الجنة.. يااااه! ولا أروع! 9- الحبر السري: فتكون أنت الجُندي المجهول الذي لا يعلم عنه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده، فلا يُكافئك على هذه العمل سوى الذي يعلم السر وأخفى، ومن حافظ على خبيئة من عمل صالح ولم يُطلع عليها أحد.. كانت له حُسن الخاتمة! وتذكر (لا تعلو بصوتْ إخلاصك فالرياء حتمًا نومه خفيف)! 10- صاحب همة: قال ابن الجوزي في كلام بديع رقيق: (إن الخيل إذا تشارفت على نهاية المضمار بذلت قصار جُهدها لتنال السباق، فلا تكُن الخيل أفطن منك في سباق الجنة)! أعجبتني أمنية صديقي حينما سألته -ذات غُروب- فقال: أن أختم القرآن في ركعة، وزاد: أن أكون كأبي الدرداء بتسبيحه.. حينما عقد على أنامله 12000 تسبيحة! إذًا المسألة: توفيق وحرمان.. وليست علم وبيان! وأخيرًا: كم منا تمنى أن يبتهل لعام 2017 هاتفًا بأيامه: قف قبل الوداع ورُد لي.. أطياف من رحلوا وخُذ أتراحي ! أوجعتني بفراق من أحببتهم.. فعسى أخوك يجىء بالأفراحِ ! ~