فلسطين اليوم
بقلم: نداف ايال
(المضمون: سوريا هي فشل تام لسياسة عدم التدخل الغربية. كما انها فشل روسيا؛ فعلى مدى سنوات يتدخل بوتين حتى الرقبة في الحرب -المصدر).
أولئك ممن كتبوا من بيننا في تلك الايام من ايلول 2013 بأن سلوك أوباما في الموضوع السوري هاوٍ، متهور وخطير لاقوا هزة رأس مستنكرة. أخيرا يوجد تعاون بين الولايات المتحدة وروسيا على شيء ما، قال المؤمنون بالاتفاق اياه، فلماذا نخرب بنبوءات الغضب.
ولكن تلك لم تكن نبوءات غضب. فالاتفاق الذي وضعه بوتين أمام اوباما لم يتضمن قرارا ملزما من مجلس الامن وفقا للمادة السابعة، المادة التي تسمح باستخدام القوة ضد الاسد اذا ما
انتهك تعهداته. كما كان واضحا بان الاتفاق يمنح الاسد مظلة حماية، بوليصة تأمين من اسقاطه. كان واضحا في حينه، مثلما هو واضح اليوم، بان الاسد وعائلة الاسد هما المشكلة الاساس للحرب السورية، وبلا القضاء عليهما فان الصراع سيحتدم فقط. كل هذه الامور كانت صحيحة في حينه مثلما هي صحيحة اليوم، باستثناء أننا الان بعد نحو 400 الف قتيل، أزمة لاجئين وبعد صعود زعيم واحد، دونالد ترامب، الذي استخدم صور المهاجرين السوريين في حملاته الاعلامية الانتخابية.
وهذا الصباح نحن بعد فظاعة اخرى. لا فرق بين طفل قتل برصاصة في رأسه وبين طفل سمم بالغاز ونحن نشاهد صور يفرفط، في محاولة لتنفس نفس آخر أخير من الهواء الى رئتيه اللتين كفتا عن أداء مهامهما. الطفلان قتلا، وبنية سوء تامة قتلا. الاسد مسؤول على الاقل عن 70 في المئة من الضحايا المدنيين في الحرب الاهلية. في الاشهر الاخيرة تقتل حليفته روسيا ناس أكثر في سوريا مما يقتل تنظيم داعش. الاسد وبوتين يجسدان للعالم قوة القوة غير الملجومة، الوحشية والمركز على الهدف. لقد كان يفترض بالهيئات الدولية ان تمنع وتشوش استخداما كهذا للقوة، ولكنها مشلولة؛ مشلولة بسبب المبنى الاساس الذي يمنح روسيا حق الفيتو ومشلولة بسبب انعدام التصميم الامريكي.
لقد اتهم البيت الابيض برئاسة ترامب إدارة اوباما بالوضع السوري، وبالطبع هذا اتهام له ما يستند اليه. ولكن أن تتهم سلفك في المنصب هو سحر انتهى مفعوله. فأمس ظهر ترامب بعد بضع ساعات من تسمم مئات المواطنين بالغاز في سوريا؛ عمليا، كان له ظهوران علنيان. فقد عني بشكر البنائين وعاملي التكييف وأوضح بان "امريكا اولا" يتضمن الادارة. بكلمات اخرى: اوباما اختار الانعزال عن الازمة السورية، وحصد العاصفة. اما ترامب فيريد الانعزال عن كل العالم وأزماته، وبالطبع عن سوريا ايضا. لقد مقت اوباما بوتين ولكنه اعتقد – بخطأ تام، خطأ فظيع – بانه سيكون بوسعه التوقيع معه على اتفاق حول سوريا. اما ترامب فمعجب ببوتين ولا يضغط عليه أبدا لعقد اتفاق حول سوريا. فلا حاجة، إذ "فقط مواطنو سوريا يمكنهم ان يقرروا مصيرهم"، اذا ما اقتبسنا وزير الخارجية حديث العهد ريكس تيلرسون. جون مكين الجمهور كان مذهولا جدا من الانعطافة البوتينية التي تلقتها إدارة حزبه الذي وصف أقواله بانها "تمثل فصلا معيبا في التاريخ الامريكي".
سوريا هي فشل تام لسياسة عدم التدخل الغربية. كما انها فشل روسيا؛ فعلى مدى سنوات يتدخل بوتين حتى الرقبة في الحرب. والنتيجة بالنسبة لروسيا والغرب فظيعة؛ نصف السكان تركوا بيوتهم وهم لاجئون في بلادهم أو خارجها. واحد من كل عشرة قتل أو اصيب. الحرب تشكل مربضا للنمو، للتدريب وللتجنيد للمنظمات الاجرامية في العالم. ولتسوية الازمة يحتاج العالم الى شرطي عالمي ناجع ولا يوجد سوى واحد كهذا – في واشنطن. لشدة الاسف، هو حاليا يرفض ان يأخذ على عاتقه المهامة. يجدر بنا أن نأمل في أن يتغير هذا.