الأسرار الخفية للقمة العربية الثلاثية (الأردن – مصر – السلطة الفلسطينية) ومستقبل القضية الفلسطينية


تم النشر 03 إبريل 2017


عدد المشاهدات: 1849

أضيف بواسطة : أ.محمد سالم


كتب أ.أحمد أحمد مصطفى الأسطل

     تخلل الفترة التي سبقت القمة العربية التي عقدت بتاريخ 29/ آذار/مارس/2017 في الأردن بمنطقة البحر الميت حالة من التوتر في المنطقة العربية والإقليمية وكذلك الفلسطينية، ما بيّن الفجوة الكبيرة في النظام الإقليمي.

     تعددت المؤتمرات وبانت المواقف؛ فلم ترعَ مصر مؤتمرات عين السخنة لولا البون المتنامي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس فيما يخص ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وتعزيز الدور المصري في عملية التسوية السلمية لاسيما أنه رفض مبادرة سلام إقليمية ترعاها مصر بحضور بنيامين نتنياهو وفقا لهآرتس، وهذا لربما ما دفعها من جهة أخرى للتقارب مع حركة حماس ناهيك عن أسباب أخرى تخص الشأن الداخلي المصري.

     ويأتي بعدها مؤتمر إسطنبول التي مهدت له تركيا لأن يقام على أراضيها، والتي تحاول أن تجعله منه ورقة في تعزيز دورها الإقليمي، وقد يكون الهدف من ورائه معالجة أسباب داخلية تركية، ولربما هو توجه إخواني _ باعتبار تركيا جزء من المنظومة الإخوانية_ لحرف مسار اللعبة السياسية بعد خسارتهم في أكثر من مكان_ ومنها مصر_ عمق فكر الإخوان المسلمين، وراهن البعض على أن يكون هذا المؤتمر نواة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وما يعزز هذه الظنون المرونة السياسية التي باتت تدعو لها حركة حماس بقبولها حدود عام 1967؛ لإقامة دولة فلسطينية عليها، وإن دل ذلك فإنما يدل على رغبة حماس التخلص من الجمود الذي يحيط بها، وبالتالي لربما هي رسالة بضرورة العمل معها باعتبارها الأقوى على الساحة الفلسطينية. وما يثير الجدل أيضا قيام طهران بعقد مؤتمر لدعم القدس؛ ما يبرز السياسة الإقليمية تجاه تسخير القضية الفلسطينية لتحقيق أجندة خاصة، وبالتالي دفع قيادة العمل الوطني الفلسطيني لأدوات أو وكلاء لمشاريع خارجية.

     ما يلاحظ أنه في أوج هذه المؤتمرات قام الرئيس الفلسطيني بجولة خارجية لربما استهدفت تفعيل القضية الفلسطينية في ظل الانشغال العربي بقضاياه القطرية، ولربما هي رسالة لمن يهمه الأمر بتأكيد عنوان الشرعية الفلسطينية في ظل دوامة المؤتمرات الفلسطينية المتعددة أيضا.

     على أية حال كثرت مؤخراً المشاريع والمقترحات بشأن معالجة القضية الفلسطينية، ومنها: مشروع دولة غزة أو بمعنى آخر مشروع تسمين غزة، والمقترح الإسرائيلي الذي صرح به نتنياهو أثناء زيارته لأستراليا بوضع غزة تحت الحماية الدولية ضمن رؤية الحل بالنسبة له، وجاء أخيرا المقترح الأمريكي بقيادة دونالد ترامب؛ إذ اقترح على نتنياهو تسوية القضية الفلسطينية بخيارين كلاهما مر بالنسبة له، وهو: دولة واحدة ديموقراطية قد تأكلها الديموغرافيا العربية، أو دولتين ولكن لا نعرف هل يقصد من وراء ذلك إجبار نتنياهو على الاختيار؟

     وبعد هذه الموجة من المشاريع والمقترحات والمؤتمرات تبخرت مع غبار قدوم الصيف، وتلاشت تماماً مع بدء أعمال القمة العربية في الأردن، واستطاعت القمة رأب الصدع في عودة العلاقات المصرية الفلسطينية إلى حدٍ ما، وعودة نشاط الرباعية العربية من جديد وبخاصة مصر والسعودية، وهنا يجب التنويه وإن لم تقدم القمة العربية دعماً حقيقياً للقضية الفلسطينية لكن القارئ للمشهد السياسي الفلسطيني يظهر أن الرئيس محمود عباس المستفيد الوحيد منها في جولة الصراع مع خصومه.

     على أية حال ما نقرأه من القمة العربية ليست القمة بحد ذاتها بقدر القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس محمود عباس مع الرئيس عبد الفتاح السيسي برعاية الملك الأردني تمهيدا للزيارة المرتقبة لهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تحمل كثيراً من التساؤلات وفي الوقت نفسه، تبين سيناريوهات مقبلة لحل القضية الفلسطينية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها _لربما_ : استيعاب اللاجئين الفلسطينيين بجزء من سيناء، وضم الكتل السكانية الفلسطينية في داخل حدود دولة الاحتلال لعام 1948 إلى الدولة الفلسطينية لترسيخ مفهوم الدولة اليهودية التي تنادي به دولة الاحتلال الإسرائيلي، والانسحاب من بعض المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية؛ لتمنح الدولة الفلسطينية عنصر القابلية للحياة، ولكن هل غياب الملك سلمان بن عبد العزيز_ باعتبارهم رعاة المبادرة العربية للسلام _ عن هذه القمة الثلاثية عفوي أم مقصود؟ وهل انتهت الخلافات المصرية السعودية أم باقية؟ وهل له دور فيما طبخ بين القادة الثلاثة فيما يخص زيارة الولايات المتحدة والرؤية المشتركة لعملية السلام؟

ماجستير: دبلوماسية وعلاقات دولية.

(كاتب ومحلل سياسي)




- انشر الخبر -