أبعاد ما جرى في رام الله شوقي العيسة


تم النشر 20 مارس 2017


عدد المشاهدات: 1530

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


في أول أسبوع من الاحتجاجات السلمية التي جرت في سوريا، قام بعض الحكماء بتقديم النصيحة المباشرة للحكومة السورية، بأن عليها العمل بروية وعقل واتزان لكسب الشعب، وليس تعميق غضب الشعب، وأن هذا يتطلب تغييرات جوهرية سياسية في العلاقة بين النظام والشعب، وحذروهم من اللجوء إلى الحل الأمني القمعي، خاصة وأن أطرافا عديدة معادية تخطط لتفتيت الدولة السورية. لم يأبه النظام وتصرف بعنجهية، واختار القمع مما أدى إلى الوصول إلى ما نشهده اليوم.

في فلسطين، أعداء شعبنا يخططون ليلا ونهارا لتصفية قضيتنا، قسمونا ويواصلون تقسيمنا أكثر، ويعملون على كل الجبهات لإضعافنا ولإظهارنا أمام العالم كشعب غير قادر على الاستقلال في دولته وحكم نفسه بنفسه، ينشرون الإشاعات، ويزرعون العملاء، ويشجعون الفساد والإفساد، ويفرضون شروطا وإملاءات لتعميق أزماتنا ونزع الثقة بين الشعب وقياداته المختلفة.

وفي هذه الفترة التي يتزايد فيها تكالب الأعداء وتخلي الأشقاء، يبدو أن قيادة السلطة بحاجة إلى نفس النصيحة التي قدمت للحكومة السورية.

فشعبنا يمر بحالة من الغضب والاحتقان لم يسبق لها مثيل، وأسبابها كثيرة؛ غياب أفق حل سياسي، انقسامات متعددة، فشل في تشكيل حكومة وحدة، فشل في عقد المجلس الوطني، تخبط في القرارات، فساد مستشرٍ، تعذيب في السجون، قمع للحريات، اعتداء على المواطنين بشكل قاسٍ أمام الكاميرات، انحدار في الأخلاق، تفشي الانتهازية والوصولية، فشل الحكومة في التعامل مع البطالة ومع مشاكل أخرى كثيرة.

هذه المعطيات تجعل الأعداء يحتفلون بفرصة ذهبية لتعميق عدم ثقة المواطن بالقيادات، وتسريع تصفية القضية.

في هكذا ظروف تأتي أحداث الاعتداء على المواطنين في رام الله، مجموعة لا تزيد عن الخمسين تعتصم تضامنا مع شهيد قتله الاحتلال بوحشية قبل أيام، يقوم أفراد الأمن بشكل منظم وبأوامر من مسؤوليهم بضرب المواطنين والصحفيين. التبرير كان أقبح من الذنب. إغلاق الشارع شتائم بألفاظ نابية، أجندات خارجية، مؤامرات خارجية، أجندات حزبية. أي نفس المبررات التي نسمعها في دول الإقليم، وكأن التكرار لا يعلم.

لو افترضنا جدلا وهو افتراض بعيد عن الواقع أن هناك جهات معادية وراء المعتصمين، فإن تصرف الأمن حقق لهم أهدافهم بأسهل وأسرع الطرق، وعمّق الغضب الشعبي على السلطة.

هذه ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها الأمن مع المواطنين بهذه الطريقة، وليست المرة الأولى التي يعتدي فيها على الصحفيين.

إذا كان الأمر خطأ في تقدير الموقف أو فشل في اختيار الشكل المناسب للتصرف فيجب علاجه بالشكل الصحيح وبسرعة، "ومش كل مرة بتسلم الجرة"، ولكن في نفس الوقت يجب عدم استبعاد الاحتمالات الأخرى، فعدونا يحاول باستمرار زرع معاونيه في كل المستويات، وسبق وكشف بعضهم، ودائما من مهامهم نزع الثقة بين المواطن والسلطة والتصرف بما يسيء للسلطة أو للدقة: إعطاء الأوامر بالتصرف بما يسيء للسلطة.

أما إذا كان الأمر محض غباء لدى بعض المسؤولين فالمصيبة أكبر، وأيضا يجب علاجها بسرعة.

قرار تشكيل لجنة التحقيق قرار في الاتجاه الصحيح، على أن يرافقه إبعاد مسؤولي الأمن الذين لهم علاقة بالحدث عن مواقعهم إلى حين انتهاء التحقيق حتى لا يؤثروا عليه، وأن يتم التعامل مع نتائج التحقيق بحزم، وليس مثل المرات السابقة. يجب أن يدفع المسؤول عن ذلك ثمنا على فعلته.

َ




- انشر الخبر -