انتشرت صفحات إلكترونية على منصات التواصل الاجتماعي تحمل مسميات مختلفة، منها _على سبيل المثال_ صفحة المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، التي يتهافت عليها عدد لا بأس به من الفلسطينيين والعرب.
الجهات الأمنية تؤكد أن مخابرات الاحتلال الإسرائيلي هي من تقف خلف هذه الصفحات، والهدف منها يكمن في إسقاط أكبر عدد من المواطنين _وخاصة الشباب_ في وحل العمالة.
"مخابرات (الإنترنت)"
ويرى الخبير في الشؤون الأمنية والتقنية محمد أبو هربيد أنه لابد من وضع البعد الاستخباري بمكان من الأهمية فيما يتعلق بهذه الصفحات، مشيرًا إلى أن الاحتلال أنشأ ما يعرف باسم "مخابرات (الإنترنت)"، التي تقوم بالدور نفسه الذي تقوم به المخابرات في الحياة العادية.
وقال لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال الإسرائيلي لمس أنه استطاع أن يحقق شيئًا على الأرض بصفحات مشبوهة مضللة للجمهور الفلسطيني، سواء أكانت صفحات مكشوفة أم غير مكشوفة".
وأشار أبو هربيد إلى أن عمل مخابرات الاحتلال يصل إلى درجة الممارسة العلنية مثل صفحة "المنسق العام"، التي تزعم أنها تقدم خدمات متعلقة بالشؤون المدنية، مع أن من يقف خلفها "مخابرات (الإنترنت)"، التي تسعى إلى جمع المعلومات ونشر الشائعات والأخبار الكاذبة، فضلًا عن نشر أفكار غريبة وتجنيد عملاء جدد.
وبين أن بعض الشباب الفلسطينيين يتواصلون مع هذه الصفحات على أمل تسهيلات احتياجاتهم، وهذا غير ممكن، مشيرًا إلى أن المواطن صاحب الحاجة إلى تصريح ما يتواصل مع الصفحة الرئيسة للمنسق، ثم ينقله إلى المراسلات الخاصة.
وأكد أنه لم يثبت لدى الجهات الأمنية أن أي شخص اتجه إلى هذه الصفحات نال حاجته، بل جميعهم مورس عليهم الابتزاز، ومحاولات تسويف القضية، لافتًا النظر إلى أن الهدف من إنشاء هذه الصفحات دعائي فقط.
المدون الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي خالد صافي يرى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تضم عددًا كبيرًا جدًّا من المستخدمين، ومعظمهم من فئة الشباب، الذين يستهدفهم الاحتلال بإنشاء صفحات مشبوهة وفق منهجية مدروسة وإستراتيجية كامنة ليصل إلى عمق المجتمع، ألا وهو الشباب.
وقال لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يسعى إلى التأثير على الشباب برسالة تبدو في ظاهرها موضوعية تصف الأحداث، وتعطي المنظور الإسرائيلي لما يجري على أرض الواقع، في محاولة لزرع بذرة الشك تجاه المقاومة من جهة، وتجاه مستقبلهم من جهة أخرى".
وأضاف: "يحاول الاحتلال أن يوهم الشباب الفلسطينيين بيقين الفكرة الإسرائيلية وصدقها، وأن يبقى على استعداد للشك، أو على شك مستمر بالمقاومة"، منبهًا إلى أن الاحتلال يحاول أن يوصل للغرب صورة أنه يسعى إلى الحوار مع الجار بإنشاء صفحات بلغتهم، ليعطي صورة الحضاري المتمدن في الحديث مع الأعداء.
وأكد صافي أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى استقراء عمق الشباب الفلسطينيين بصورة أوضح، ويستهدف ما يحتاج له، وهو ما نلمسه في الإعلانات الممولة التي تتناول ملفات، مثل السفر والهجرة، التي تعطي الشباب حلولًا ذهبية موهومة لمشاكلهم.
وعزا سبب اهتمام الاحتلال بهذه الصفحات إلى العدد الكبير لمرتاديها، الذين يمضون ساعات طوالًا يتصفحون هذه الصفحات، مشيرًا إلى أن الاحتلال ينظر إلى منصات التواصل الاجتماعي على أنها أرضية خصبة للإيقاع بالشباب الفلسطينيين.
يتجاهل دور السلطة
وفي سياق متصل يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن الاحتلال يمارس سطوته ويرى أنه محتل ويجب أن ينفذ إلى الجمهور الفلسطيني، متجاهلًا دور السلطة الفلسطينية، مع أنها تلعب دور الوسيط بين المجتمع الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي.
وقال لصحيفة "فلسطين": "يبدو أن الاحتلال لم يعد يثق بالسلطة الفلسطينية، ويحاول أن يستغل هذه المواقع لإحداث ثغرات في المجتمع الفلسطيني وتذكيره بأنه محتل وأن مصالح السكان ليست مرتبطة إلا بالاحتلال الإسرائيلي، وهذا نوع من القهر".
وأضاف المدهون: من المعروف أن الإدارة الحكومية في قطاع غزة "لا تلتزم بأي اتفاقات مع الاحتلال، والأخير يحاول تعويض هذا الجانب والتغلغل داخل الجسم الفلسطيني، ويسعى إلى إدارة كل ما يتعلق في حياة الناس من طريق وسائل التواصل الاجتماعي".