الصحفي فايز أبو شماله
أظهر استطلاع للرأي أجراه التلفزيون الإسرائيلي, أن نسبة 43% من المستطلعة آراؤهم يفضلون الحل العسكري في مواجهة حركة حماس، وذلك لمنع أي هجمات مستقبلًا.
وفي تقديري أن هذه النسبة المرتفعة هي رد فعل يحاكي شعور الإسرائيليين بالمهانة، وعدم تصديقهم لتقرير مراقب الدولة الذي اعترف بعجز الجيش عن تحقيق النصر الذي تعودوا عليه، وقد أكد استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة يديعوت أحرونوت ذلك العناد، حيث حمل الإسرائيليون مسئولية فشل عدوان 2014 إلى المستوى السياسي بنسبة 63%، وهذا يعني تبرئة الجيش الإسرائيلي من القصور والعجز، وأزعم ثانية، أن هذا يعكس حالة الغرور والعجرفة والغطرسة التي تربى عليه اليهود في إسرائيل.
إن الأرقام التي يشير إليها استطلاع الرأي الذي أجراه التلفزيون الإسرائيلي لَتؤكد أن المجتمع الإسرائيلي مغيب عن الواقع الميداني، إذ رأى 42% أن الردود الإسرائيلية الأخيرة على إطلاق الصواريخ من غزة لا تكفي، وأنه يجب توجيه ضربات أقوى، وهذا مؤشر على أن غالبية الإسرائيليين لا يعرفون تفاصيل ما يجري على الأرض، تمامًا مثل جهاز الاستخبارات الذي تبين أنه لا يدري عما يجري على أرض غزة، وتفاجأ كجهاز الشاباك بتعقيدات المقاومة.
ويكفي هنا الاستشهاد بتقرير مراقب الدولة الذي ركز على ندم وزير الحرب السابق موشي يعلون، حين أشار إلى العلاقة بين التصعيد قبل الحرب والوضع الإنساني والمدني في غزة، ورغم ذلك، لم يبادر يعلون إلى إجراء نقاش حول ذلك في المجلس الوزاري، هذا الندم يؤكد أن نتائج الحرب لم تكن وفق أمنيات ورغبات الجيش الإسرائيلي وقائده السابق يعلون، وحتى قائده الأسبق إيهود باراك، وقائده اللاحق ليبرمان، الذي فهم المعادلة القائمة على الأرض بشكل جيد، فراح يراجع تصريحاته، ويتخلى عن تهديده بتصفية إسماعيل هنية في غضون ثلاثة أيام من توليه منصب وزارة الحرب، وأزعم أن هذا التعبير الواعي لموازين القوى يقف خلف استطلاع الرأي الذي أشار إلى أن نسبة 53% من الإسرائيليين يعربون عن عدم رضاهم عن أداء وزير الجيش الإسرائيلي ليبرمان في سياساته تجاه قطاع غزة.
لقد فرض واقع غزة العنيد معطياته على قرار الحكومة الإسرائيلية، والتي لن تنجر خلف رغبات جمهور إسرائيلي يجهل المتغيرات الميدانية، ويغرق في وهم القوة التي لا تقهر، فقادة الجيوش الإسرائيلي يدركون أن للقوة حدودًا، وأن إعادة تجربة ما تم تجريبه من حروب على غزة هو جنون، ووهم لا يصدقه عاقل، ويشهد على ذلك موشي يعلون، الذي قال لمراقب الدولة: كان بإمكاننا تفادي هذه الحرب لو انتبهنا لأوضاع الناس المدنية الحياتية في قطاع غزة.
وهنا بيت القصيد، وهذه هي مهمة المقاومة الفلسطينية، التي يجب أن ترسل رسائلها الواضحة إلى القيادة الإسرائيلية بضرورة فك الحصار عن غزة، والتوقف عن الضغط على حياة الناس المدنية والاقتصادية والحياتية، لأن الانفجار سيكون في اتجاه الأرض المحتلة سنة 48.