اكتشف الأستاذ محمود الهندي- عضو هيئة التدريس بقسم التكنولوجيا الحيوية بكلية العلوم في الجامعة الإسلامية- فطريات معزولة من قطاع غزة صديقة للبيئة تستخدم لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، حيث يعتمد قطاع غزة ذو الكثافة السكانية العالية، على مساحات زراعية قليلة، ويتميز القطاع بالتربة الرملية؛ الأمر الذي يتطلب من المزارعين كميات كبيرة من المبيدات الكيمائية والتي يعتبر جزء منها سام ومحرم دولياً في مكافحة الآفات الزراعية.
وقال الباحث الهندي : "كان لابد من توفير بدائل عن المبيدات الكيمائية التي باتت تهدد أمن سكان القطاع، فالكثير من هذه المبيدات تتسرب إلى المياه الجوفية، وتلّوث المصدر الوحيد لمياه الشرب في قطاع غزة، مما ينتج عنه الكثير من الأمراض، وانتشار الآفات الزراعية التي تصبح بعد فترة من الزمن مقاومة لهذه المبيدات الكيميائية".
ونوّه الباحث الهندي إلى أن فكرة الدراسة جاءت من خلال التعرف على أخطر الأمراض الزراعية في قطاع غزة، فكان أول ظهور لسوسة النخيل الحمراء في شهر أكتوبر2011م في مدينة رفح، من خلال أشتال النخيل القادمة من مصر للقطاع، وأضاف الباحث الهندي "انتشرت من خلال التزاوج والتكاثر في جميع أنحاء ومحافظات القطاع، فكان لا بد من وجود حلول بيولوجية لمكافحة هذه الحشرة".
وتشكل فريق الدراسة التي بدأت في العام 2014م من عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية، هم: الدكتور عبود القيشاوي– أستاذ النباتات والفطريات، والأستاذ أشرف الشافعي – مستشار وحدة المكافحة الحيوية، والأستاذ محمود الهندي –مشرف برنامج المكافحة الحيوية.
وأشار الباحث الهندي إلى أنه تم اختيار فطري البفاريا والميتارايزم في المكافحة الحيوية، كونهما صديقان للبيئة، وليس لهما أي أضرار على صحة الإنسان، موضحاً أنهما يقاومان الحشرة من خلال العداوة الطبيعية في البيئة، ولفت الباحث الهندي إلى أنه تم اختيار أوساط مخبرية مناسبة لعزل كلا الفطرين، ثم فحصها من خلال أشكال المستعمرات على الأوساط الغذائية، وكشف الجراثيم تحت الميكروسكوب، موضحاً أن الأمر كان حاسماً من خلال تحديد البصمة الوراثية لهذه الفطريات، لتكون بعدها محطاً للدراسة.
وأكّد الباحث الهندي أنه تم التطبيق مخبرياً من خلال جمع عدد من حشرات سوسة النخيل، وتزويجها وتكاثرها في بيئة مخبرية، لافتاً إلى أن دورة حياتها بدأت من البيوض ثم اليرقة فالشرنقة ثم الحشرة البالغة، وذكر الباحث الهندي أنه تم رش الفطريات على الحشرات لكل طور من أطوار نمو الحشرة على حدى، ليتضح بعدها أن طور اليرقات هو الأخطر على النخيل كونه يعمل على تآكله، وشيخوخته.
وبين الباحث الهندي أن نسبة قتل كلا الفطرين للبيوض بلغت (100%)، أما اليرقات والحشرات البالغة فقد وصلت نسبة قتلها أيضاً (100%) لفطر البفاريا، أما فطر الميتارايزم فبلغت(90%)، وأرجع سبب الاختلاف إلى نوعية الأنزيمات في مقاومة الأعداء.
ولفت الباحث الهندي إلى أنهم استطاعوا ولأول مرة ترك الذكور من الحشرات للتزاوج مع الإناث، ومعرفة إمكانية نقل العدوى للإناث بعد التزاوج، ليتضح أن نسبة العدوى وصلت (90%) لكلا الفطرين، مشيراً إلى أن الفطر يستطيع التغيير من شكله وبالتالي لا تستطيع الحشرة مقاومته.
وأوصى الباحث الهندي بضرورة استخدام عوامل المعالجة البيولوجية كبديل عن المركبات الكيميائية، مبيناً أنه تم استخدم في كل تجربة من هذه التجارب المركبات الكيميائية كمقارنة بين الفطريات والمركبات الكيميائية، وأن نسبة القتل للحشرات من خلال المركبات الكيمائية لم تتجاوز (35%)؛ بسبب مقاومة الحشرة لهذه المركبات.
يشار إلى أن هذه الدراسة كانت ضمن رسالة ماجستير للباحث محمود الهندي، والتي حملت عنوان: "العزل والتشخيص الجزيئي والتقييم المخبري للفطريات الممرضة مثل فطر البفاريا والميتارايزم واستخدامها ضد حشرة سوسة النخيل الحمراء"، وبإشراف الدكتور عبود القيشاوي –أستاذ النباتات والفطريات بكلية العلوم في الجامعة الإسلامية.