صدم الشعب الفلسطيني، ومعه كل أحرار وشرفاء العالم؛ خلال رؤيته ومشاهدته لشريط الفيديو الذي نشرته مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات؛ للشهيد الفتى والطفل قصي حسن العمور (١7 عاماً) من بلدة تقوع شرق بيت لحم، جنوب الضفة المحتلة؛ حيث تم إطلاق النار عليه خلال تصديه لاقتحام بلدته، وأصيب في منطقة الصدر بالرصاص الحي، ليقوم جنود الاحتلال بخطفه، وسحله أمام الكاميرات؛ في منظر اقشعرت منه الأبدان.
تعتبر المعايير الأخلاقية وقت الحروب والنزاعات؛ أكبر مؤشر على عدالة ونزاهة أية قضية وأحقيتها، فلا قوة تدوم بلا أخلاق، فالأخلاق أساس وجود الإنسان مهما كان دينه أو لونه أو عرقه، ومن لا يملك رصيدا أخلاقيا عاليا جدا؛ لاحقا يسقط سقوطا مدويا.
يصدم المرء عند اكتشافه للمعايير الأخلاقية التي يتربى عليها جنود جيش الاحتلال، فـ"نتنياهو" يزعم أن جيشه هو الأكثر أخلاقية في العالم، وأنه لا يقهر، لكن شريط إعدام الطفل العمور كشف بوضوح عكس ذلك، وهو بالمجمل العام نقطة في بحر، وباعتراف كتّاب في دولة الاحتلال.
هل من الأخلاق التي يتغنى بها جيش الاحتلال؛ بث الذعر والرعب والخوف في نفوس الأطفال تحت جنح الليل، ومداهمة بيوتهم للاعتقالات اليومية، وإيقاظهم من أحلامهم الجميلة ليستيقظوا فجأة على صراخ وسلاح ووجوه مشحبرة بالسواد؛ كما حصل فجر يوم الثلاثاء 17\1\2017 مع زوجة الشهيد المقدسي غسّان أبو جمل، بحي جبل المكبر في القدس المحتلة؟ وهل من الأخلاق إطلاق عشرات الرصاصات على طفلة بعمر 14 عاما لمجرد أنها رفعت سكينا في وجه جندي مدجج بالأسلحة ومدرع؟! والذي يمكن نزع السكين منها بكل سهولة.
كتاب ومحللون من دولة الاحتلال أقروا وكشفوا أن التحقيقات التي أجرتها مخابرات الاحتلال مع خلايا للمقاومة الفلسطينية، كشفت أنهم تجنبوا المس بالأطفال والنساء من المستوطنين خلال تنفيذهم لعلميات المقاومة.
جنود جيش الاحتلال، وجيش الأخلاق العظيمة والجيش الذي لا يقهر، من المؤكد أنهم لا يعرفون أنه حتى قطع شجرة لا يجوز عند المسلمين في الحرب، وأن كل تصورهم وأفكارهم كما يعبئون بها من قبل قادتهم، تدور على أن العربي ليس بإنسان، بل هو حيوان متوحش، ولا بأس بقتله.
في مختلف المراحل التاريخية، وفي كل الحضارات العظيمة، كانت القوة الأخلاقية تشكل عنصراً قوياً ورئيسيا في جلب النفوس، وقبول الآخر، وبالقوة الأخلاقية العظيمة فقط ودون حرب، انتشر الإسلام، ووصل دول بعيدة، ويا ليت "نتنياهو" يتعظ من دروس التاريخ ويقرأ تاريخ الإسلام العظيم لعله يتوقف عن ظلم واحتلال شعب آخر، وما هو بفاعل.
الأخلاق مهمة جدا في تربية وتنشئة الإنسان مهما كان دينه ولونه، وبشكل سوي بعيدا عن الوحشية والهمجية، من قتل وسحل وتعذيب، فالله خلق الإنسان ليعمر الكون، لا أن يهلكه ويدمره ويتلذذ بالسحل والتعذيب.
القوة الأخلاقية في غاية الأهمية، فالتميز الأخلاقي، يبقى الضمير الإنساني حيا ومتحفزا دائما، من أجل الإيثار والوفاء والصدق والإخلاص في العمل والقيام بالواجب والدفاع عن الحق، وتطوير الحياة للأفضل، لا الدفاع عن التصرفات المشينة والمخجلة، ولا الزعم الكاذب من قبل جيش الاحتلال؛ أنه صاحب أخلاق رفيعه، وقيم ومثل عليا، وأنه جيش لا يقهر.
وصف جيش الاحتلال بأنه "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" جاء من خلال قادته، فمن يا ترى صدق هؤلاء القادة الذين تلاحقهم محاكم دولية على تهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي حال ضعف أمريكا حليفهم الأكبر؛ فقد يكون مصيرهم مثل الزعيم الصربي مجرم الحرب "سلوبدان ميسلوفيتش"؛ (وما ذلك على بعزيز).