فلسطين اليوم - وكالات
حلمي موسى
عادت الحرب الإسرائيلية على غزة في العام 2014 إلى الواجهة مجدداً في الدولة العبرية، بعد نشر مقتطفات من المسودة النهائية لتقرير مراقب الدولة القاضي يوسف شابيرا عن إخفاقات تلك الحرب.
ويوجّه التقرير انتقاداتٍ شديدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وإلى قيادة الجيش، وهو آخر ما يحتاجه نتنياهو في هذا الوقت الذي تشتدّ فيه الانتقادات ضدّه سواء لسلوكيات زوجته أو لدوره المريب في صفقة الغواصات الألمانية.
وأمس الأول، قدّم مراقب الدولة العبرية القاضي شابيرا المسودة النهائية للمعنيين لتقديم ملاحظاتهم عليها قبل أن يرفع تقريره النهائي الرسمي للكنيست.
ويوجّه التقرير انتقادات حادّة، أشدّ من تلك التي جرى الحديث عنها حتى الآن، للقيادة السياسية، ممثّلةً برئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق موشي يعلون وللقيادة العسكرية برئاسة رئيس الأركان السابق بني غانتس.
ويدور الحديث بشكل أساسي عن عدم إجراء القيادة السياسية أيّ بحثٍ جدّي في خطر الأنفاقِ في قطاع غزّة داخل المجلس الوزاري المصغّر. ويعني هذا الكلام تبنّي مراقب الدولة لرواية وزير التعليم نفتالي بينت الذي أعلن على مدى العامين الماضيين، عدم بحث مسألة الأنفاق أبداً في الكابينت، الذي هو عضو فيه، رغم خطورة الأمر.
وبحسب تقرير مراقب الدولة، فإنّ بحث أمر الأنفاق لم يتمّ في الكابينت إلّا بعدما أصرّ بينت على ذلك في 30 تموز الماضي، في حين كان ذكر خطر الأنفاق موجوداً قبل ذلك.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو ويعلون لم يعرضا على الكابينت الموضوع بكامل خطورته، واكتفيا في أقصى الأحوال بأقوال عمومية وقليلة. وأقرّ المراقب بأن نتنياهو أخفى معلومات عن أعضاء الكابينت ولم يدقق في الحقائق.
جهات تعرف تفاصيل التقرير، تدّعي بأنه قيل فيه إن نتنياهو تعاطى باستخفاف مع تهديد الأنفاق، ولم يعمل على إعداد خطة عملياتية ضد هذا التهديد. ويتهم التقرير يعلون بأنه لم يشرك الوزراء بمعلومات متوفرة عن خطر الأنفاق، كما أن نتنياهو المطّلع على خطر الأنفاق لم يأمر الجيش بإعداد رد عملياتي ولا بلورة نظرية قتالية ولم يهتم بوجود استعداد للمواجهة.
وبحسب هذه المحافل، فقد وجّه المراقب في المسودة الأخيرة انتقاده للجيش الإسرائيلي، ولكنه أشار إلى أنه كان منتظراً من كبار رجالات هيئة الأركان أن يضغطوا على وزير الدفاع ورئيس الأركان لإجراء بحث في الموضوع.
إضافة إلى ذلك، يقولُ المراقب إن الجيش أخفى عن الكابينت معنى قصف فوهات الأنفاق، وهو عمل آخر يتطلّب المعالجة، بل وعرّض القوات التي كانت تعمل داخل قطاع غزة للخطر. ويوجه التقرير انتقاداً شديداً لنائب رئيس الأركان المعيّن ورئيس شعبة الاستخبارات في حينه، أفيف كوخافي.
وبين من تسلّموا المسودة كان رئيس الحكومة وأعضاء الكابينت في أثناء الحملة ومنهم يعلون، وزير الخارجية في حينه افيغدور ليبرمان، وزير التعليم نفتالي بينت، وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان، وزيرة العدل في حينه تسيبي لفني ووزير المالية في حينه يائير لبيد.
وتمّ منح مَن تلقوا انتقادات مهلة عشرة أيام ليسلّموا المراقب موقفهم من المسودة النهائية، وفي بداية كانون الأول المقبل، ستسلّم المادة إلى الرقابة العسكرية وعندها سترفع إلى رئيس لجنة رقابة الدولة، النائبة كارين الهرار.
وبعد ذلك ستبدأ المعركة السياسية على نشر أو عدم نشر التقرير للجمهور. وكما نشر في «يديعوت احرونوت» قبل نحو شهر، في المعارضة، يوجد تخوّف من أن يضغط نتنياهو سياسياً ويمنع النشر.
وأشار مصدر مقرّب من نتنياهو في ردّ على المسودة الأخيرة إلى أن «خطر الأنفاق عرض بكامل خطورته في 13 جلسة وزارية للكابينت» وأن نتنياهو وصف خطر الأنفاق بأنه «واحد من أربعة أخطار استراتيجية تتهدّد دولة إسرائيل، وبينها الخطر النووي، خطر الصواريخ وخطر السايبر». وزعم هذا المقرّب أنه «لا يمكن الادعاء جدياً بأن خطر الأنفاق لم يعرض على كامل أعضاء الكابينت».
وقال هذا المقرب إن المسودة ادعت في البداية أن الكابينت لم يعرف عن خطر الصواريخ، و «أنها الآن تقول إن الخطر لم يعرض بكامل شدته»، وأضافوا إلى هذا التوصيف كلمة «بتفاصيله»، مشدداً على أن «كل شيء عرض، لكن السؤال الآن هو هل من الخطر عرضه بتفاصيل كاملة أم لا، وهذا يجعلنا في مكان آخر من الناحية الفنية».
ويتّهم التقرير يعلون بأنه لم يُشرك الوزراء بمعلومات متوفرة عن خطر الأنفاق.
وبحسب بن كسبيت في «معاريف»، فإن تقرير مراقب الدولة «قاسٍ، بل محبط، يصف بصورة قاتمة دولة تدار من دون توجيه. ومع ذلك، فإنه يستخدم لغة نقية من دون مبالغات، ولا يلقي بمسؤولية شخصية وإنما يوجه ملاحظات، وهذه هي الأدوات المتوفرة لمراقب الدولة. والصورة البادية هي لجيش واستخبارات تجمع معلومات كبيرة القيمة وغالية، لكن هذه المعلومات لم تصل أبداً إلى أعضاء المجلس الوزاري المصغّر. ورئيس الحكومة ووزير الدفاع احتفظا لنفسيهما بالمعلومات وأخفياها عن المجلس الوزاري، وبالتالي لم تصل إلى الهيئة الدستورية المفترض أن تبحث الأمر. وهذه ليست النهاية: نتنياهو الذي علم بخطر الأنفاق من شعبة الاستخبارات منذ العام 2013، لم يفعل شيئاً ليحثّ جهوزية الجيش وليدفع من أجل إعداد خطط عملياتية، ولذلك فإن المسؤولية ملقاة على كاهله».