يومها كان قلبك مرصعاً بالرؤى، كانت أغاني الحرية تشرق بين عينيك المثقلتين بحزن المجاهدين الكبار، وكان الحنين يورق بين أصابعك إلى أرضٍ زرعتَ فيها الأمل، سقَيْتَه بدمكَ، ومضيتْ.
نحن يا سيدي، لا نقدّس البشر، لكنَّنا نحب أن نحتفي بالرجال الذي يمثلون كبرياء أمة، الذين قاتلوا مغول هذا العصر، نختار تاريخ شهادتهم، لا تاريخ ميلادهم؛ لأن تاريخ الشهادة هو ميلاد لصاحبه، وميلاد لشعبٍ يترنح تحت نير الاحتلال.
لذلك فأنت المولود في 14/11، ونحن الشهود على ميلادك المبارك، الشهود على كل ما خلّفته من ميراث أخلاقي، وعسكري، الشهود على عهد الرجولة والبطولة.
لم يباغتك العدو بالاغتيال، إنما أنت الذي باغته باستعدادك للشهادة، ثم صَدَمْتَه بما أعدته كتائبك المباركة من مفاجآت كسرتْ كبرياءه، ومرَّغت أنف غروره في تراب فلسطين المعطر بدماء الصحابة الشهداء.
لم يباغتك العدو بالاغتيال، إنما أنت الذي باغته باستعدادك للشهادة، ثم صَدَمْتَه بما أعدته كتائبك المباركة من مفاجآت كسرتْ كبرياءه، ومرَّغت أنف غروره في تراب فلسطين المعطر بدماء الصحابة الشهداء.
أنت يا سيدي من الذين أتقنوا فن الحياة، وأحسنوا اختيار نهايتهم، وقلّ من الناس مَن يعيش بشرف، ويموت بكرامة.
لقد كان حزننا عليك أعمق من غور النهر، فالفرسان كالملوك لا يولدون كل يوم، لكنَّ عزاءنا أنك طلبت الشهادة وتمنيتها فنلتها بعد أن أثخنت في أعداء الله.
نستذكر في ذكرى استشهادك يوماً دوّختَ فيه دولةً من ورق، وأثبتَّ أن أجهزتها المتضخمة غروراً تنفجر بدبوس في يد طفل فلسطيني صغير.
كان يوما من أيام الله، بثته كل تلفزيونات العالم على الهواء مباشرة، ختمت فيه حكاية وفاء وعزة لرفاقك الفرسان الذين غيبتهم سجون العدو لسنوات من الظلم والقهر، ولكنهم أخيراً قهروا السجانين بابتسامات الحرية المشرقة.
يومها يا مهندس الانتصار فرحنا بكل خلية تألمت منا، فرحنا بحجم عناقيد الدموع التي هطلت من عيوننا في سنوات الصبر والكبرياء.
يومها كبرتم في عيوننا آلاف المرات، بينما تضاءلت "إسرائيل" التي أصبحنا نراها من فوهات بنادقكم المظفرة، تضاءلت ولا تزال كذلك، حتى نستفيق يوماً على فلسطين محررة من الموت، والقهر والظلام.
يومها كبرتم في عيوننا آلاف المرات، بينما تضاءلت "إسرائيل" التي أصبحنا نراها من فوهات بنادقكم المظفرة، تضاءلت ولا تزال كذلك، حتى نستفيق يوماً على فلسطين محررة من الموت، والقهر والظلام.
أتعلم يا سيدي ماذا فعل جنودك الميامين، ثأراً لروحك، وانتصاراً لحقهم المسلوب؟ لقد قصفوا "تل أبيب"؛ المدينة الفاجرة، مدينة الإسمنت والحجارة، القتل والخراب، قصفوها بما صنعته أيديهم المباركة، لقد أجبروا رئيس وزراء العدو على القول بأسى لم نره في عينيه من قبل: "نأسف، قُصفت تل أبيب".
إن نتنياهو قائل هذه العبارة، ولكنك أنت كاتبها، وأنت الذي أجبرته على قراءتها، بشفتين مثقلتين بالخزي، وعينين طافحتين بالانكسار. ويومها عرف نتنياهو أنهم يتجرعون قطرة من السم الذي حقنوا به شرايين التاريخ والحضارة.
لم يكتف أبطال معركة حجارة السجيل بما سطروه من ملاحم لا تُنسى، بل اخترقوا حصون العدو، وقاتلوه من مسافة الصفر، ولقنوا جنوده دروساً لن ينسوها، ووصلت صواريخهم إلى مشارف حيفا، كان ذلك في معركة العصف المأكول، التي استطاع المجاهدون فيها، وقبل أن تحل ذكرى استشهادك الثانية قصف "تل أبيب" بصاروخ حمل اسمك ((J80، ويقول رجالك أن في جعبتهم المزيد يا سيدي، وإنا لمنتظرون.
لقد سمعنا في تلك المعارك صليل سيوف المسلمين في عين جالوت، وقعقعة سنابك خيل صلاح الدين وهي تطأ أرض القدس.
ها نحن بفضلكم نشعر أن الإحساس المؤلم بوحشة المنفى، وقسوة الغربة، وضياع الوطن، وإخفاق الثورة، أصبح أخف وطأةً، وأن حياة الفلسطيني التي كانت تتلون بمعاني التشرد، أصبحت مطرزة بخيوط العودة.
أيها الغائب والعيون عليك، لقد أصبحتْ الشعلةُ التي أسرجتها بدمك أمواجاً من المشاعل في واقع عربيٍّ مظلمٍ كئيب.
سلام عليك وأنت لسان الصدق في زمن الكذب العربي الفصيح، وبيان النصر في زمن الهزيمة العربي القبيح.
سلام عليك مع النبيين والصديقين والشهداء ..
إقرأ المزيد
https://palinfo.com/190804
جميع الحقوق محفوظة - المركز الفلسطيني للإعلام