الميلاد و النشأة :
ولد الدكتور رياض الأسطل ، في مدينة خان يونس بتاريخ 29 / 6 / 1954 م ، و تلقى تعليمه الابتدائي في مدرستي القرارة ، و عبد القادر الابتدائية ، ثم انتقل إلى مدرسة عبد القادر الإعدادية ، و منها إلى مدرسة خان يونس الثانوية
و في مدرسة خان يونس الثانوية تبدأ أولى خطواته العملية نحو عالم الثقافة و الإبداع ، حيث اطلع في المرحلة الثانوية على عشرات الكتب الثقافية من أمهات كتب التراث . و وضع في حينه نوات مكتبته الخاصة ، الموجودة اليوم بالمركز .
أساتذة أجلاء لا يغيبون عن الذاكرة :
و يحتفظ الدكتور رياض الأسطل ، بمكانة متفردة من الأساتذة الأجلاء الذين تأثر بهم ، في بعض جوانب حياته ، و من هؤلاء الأساتذة : الأستاذ عبد الرحيم الشوربجي والأستاذ دهشان أبو ستة والأستاذ مصطفى العبادلة ، و الأستاذ زكي سلامة ، و الأستاذ نصر الله المصري ، و الأستاذ سليمان قديح ، و الأستاذ محمد على الأسطل ، و الأستاذ فوزي النواجحة ، و المرحومان الأستاذ عمر صابرة و الأستاذ أحمد السميري .
أما الزاوية المظلمة في ذاكرته ، فتكمن فيها صورة ذلك الأستاذ الذي كان يعاقب طلابه لأتفه الأسباب بالبصق في أفواههم ! . و قد ظلت هذه الصورة تمثل مشهداً للقسوة و الجهل ، و طاغوت القوة الذي يشوه الصورة الناصعة للتعليم ، لسنوات طويلة في مخيلة الكاتب . و مما لا شك فيه أن مثل هذه الصورة قد كانت سبباً رئيساً في كراهية التعليم و المعلمين ، من قبل عدد كبير من الطلبة ! .
الخطوات الأولى على طريق الإبداع :
و كان الدكتور رياض الأسطل قد بدأ أولى محاولات الإبداع ، في المرحلة الإعدادية بكتابة عدد من القصائد الشعرية البسيطة ، التي ذهبت مع الريح ، ولكن تجربتها محفورة في الذاكرة . أما أولى محاولاته الشعرية والقصصية فقد كتبت في المرحلة الثانوية ، و قد توزعت بين المحاولات الشعرية ، والتي انتهت مع نهاية المرحلة الثانوية بديوان "رباعيات من التاريخ المعاصر" والذي تناولت قصائده جملة من القضايا الوطنية وشكلت نواة لكلمته المقاومة التي جرت عليه استدعاءات الحاكم العام الإسرائيلي، أو ضابط ركن مدينة خان يونس، منذ وقت مبكر ، حيث تعرض الكاتب لما تعرض له معظم أبناء الشعب الفلسطيني من مضايقات واعتقالات مؤقتة وتهديدات لا حصر لها . أما على صعيد المحاولات القصصية ، فقد ارتبطت بالقصة القصيرة ، والتي كانت أولاها قصة "المغرور" ، و محاولة كتابة الرواية ، بالإضافة إلى كتابة عدد من المقالات الأدبية . ( سنورد نماذج من كتابات تلك الفترة في زاوية المقالات القديمة ) .
و حين انتقل الكاتب إلى القاهرة حرص على تعزيز ثقافته من خلال ثلاثة مصادر رئيسة ، هي : الكتب الثقافية ، و حلقات النقاش العلمي ، و بخاصة مناقشة رسائل الماجستير و الدكتوراه ، و الندوات الثقافية الكثيرة التي كانت تعقد في قصور الثقافة بمصر القاهرة . ومن الجدير بالذكر أن الكاتب قد اصطحب معه إلى القاهرة جل محاولاته الأدبية ؛ لأنه كان يعتقد، منذ ذلك الحين، أن تلك المحاولات تشكل جزءاً منه، وترتبط بوجدانه وصميم تفكيره .
* * *
قصتي مع الدكتوراه ، و مأساة الدراسات العليا في الوطن العربي :
يحتفظ الدكتور رياض الأسطل في ذاكرته بتجربة مريرة ، في سعيه للحصول على درجة الدكتوراه ، وذلك من خلال اكتشاف عقم التعليم العالي في الوطن العربي ، و قد تجلى هذا العقم في عدة جوانب منها :
تقليدية التعليم العالي .
ارتباط مستقبل الطالب بمزاج المشرف .
الروتين القاتل في عملية التسجيل ، و سياسة ( الكعب الداير ! ) ، على الجامعات المصرية . و حرفية التعامل مع المواضيع المطروحة .
سيل الرسائل و صمت الأرفف ، و غياب القيمة الواقعية و الحياتية للأبحاث ! .
التدخل السياسي ، و محاصرة الطموح الفلسطيني ( و قد تعرض الكاتب في حينه للحرمان من إكمال درجة الدكتوراه ، بعد أن أتم الرسالة ، بسبب عدم استجابة زعفران ( عاصمة عربية ) لزعفران دبي ! . ( الزعفران هنا هو كلمة السر الاستخبارية ، بين السفارة و جهاز الأمن المكلف بملف الفلسطينيين ! ) . و كانت النتيجة التخلي عن التسجيل و الرسالة ، بعد شقاء ثلاث سنوات ! .
و مما لا شك فيه أن كل جانب من الجوانب السابقة ينطوي على مواقف و قصص و طرائف ، سيأتي الحديث عنها لاحقاً )
العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة :
و عمل الدكتور رياض الأسطل ، بوزارة التربية و التعليم ، في دولة الإمارات ، فيما بين سنتي ( 1980 ، و 1993 م ) . و قد كانت هذه السنوات من أكثر سنواته ثراءً فكرياً و ثقافياً ، و ذلك للأسباب التالية :
الانفتاح على معظم نوافذ و دروب الثقافة العربية ، عبر الندوات و الكتب ، و المقابلات ، و الحركة الثقافية النشطة ، التي تستقطب معظم الكتاب و المفكرين و الفنانين العرب . و قد كانت إمارة الشارقة ، في حينه ، بمثابة عاصمة الثقافة العربية ، حيث كان المركز الثقافي العربي ، من أهم مراكز الاستقطاب الثقافي بالدولة .
الكتابة الصحفية ، في مجالات الإبداع و السياسة و البحث .
متابعة الدراسة ، و الحصول على درجتي الماجستير و الدكتوراه .
عودة إلى عالم الشعر
و في الإمارات العربية المتحدة ، عاد الدكتور رياض الأسطل إلى الكتاب في عالم الشعر ، بعد انقطاع مؤقت أثناء سنوات الدراسة الجامعية ، لم يكتب خلالها سوى عدد قليل من القصائد ، بالرغم من انفتاحه على عالم الشعر ، و اطلاعه ، على معظم دواوين فحول الشعراء .
و في الإمارات كتب الكاتب عدداً كبيراً من القصائد ، و المطولات الشعرية ، كان من أهمها القصائد الواردة في دواوين : إلياذة الدم و النزيف ، والصوت و النخل و الجلجلة ، و قراءة في دفتر الصمت ( قيد الإعداد للنشر ) .
دراسات نقدية ، و مقالات سياسية :
و أثناء فترة وجوده بالإمارات كتب عدداً من الأبحاث و المقالات الهامة ، من بينها ، الميول الثقافية لطلاب المرحلة الإعدادية ، و أزمة التعليم العالي في الوطن العربي ، و الإعلام التنموي العربي ، و قراءة في الإبداع الشعري بالإمارات لسنة 1984 م . بالإضافة إلى عشرات المقالات المتنوعة . فضلاً عن كتابته لرسالتي الماجستير و الدكتوراة .
العودة ومحنة الانتماء :
و كان قد تعرض لمحنة الانتماء عند عودته من الخارج ، حيث كان هناك تنافس سياسي و أيديولوجي شديد بين الجامعات في غزة . و لما كان الأمر كذلك ، فقد كان مجرد العمل المؤقت في إحدى الجامعات ، يضعك في موضع الريبة ، من الجامعات الأخرى . فالمسئولون عن الجامعات ( في الغالب ) لا يعنيهم الكفاءة العلمية ، بقدر ما يعنيهم تحديد الهوية السياسية الحزبية أو التنظيمية فـ ( هوية فلسطيني وحدها لا تكفي في جامعاتنا ! .) . و حب العطاء لا يبحث فيه . و من الطريف أنني قابلت حين تقدمت بطلب العمل الأكاديمي عدداً من المواقف الطريفة ، و منها :
أن أحد المسؤولين ( زحلقني ) طالباً مني المراجعة بعد شهر ، لخوفه من المنافسة ، ثم أعلن عن المقابلات في اليوم التالي ! .
أما مسؤول آخر فألغى أحد المقررات التي كان يدرسها خارج إطار تخصصه ، حتى لا أجد فرصة للعمل من خلال القيام بتدريسها ! .
وفي إحدى لجان المقابلات لم يكن بين أعضائها أي متخصص في مجال اختصاصي، نظراً لأن الاختصاص لم يكن يحتل المرتبة الأولى ولا الثانية وربما حظي بالمرتبة الأخيرة بعد الاعتبارات الأيديولوجية والعصبية والمناطقية والشخصية والمصلحية !
و في لجنة أخرى استقدمت معي رسائلي العلمية ، و نماذج من أبحاثي ، فقالت اللجنة لي : هذه ما إلهاش لزوم ، نزلها على السيارة ، ثم عد إلينا . وكانت المقابلة حديثاً مسخاً ، بلا طعم ولا لون ولا رائحة طيبة . المهم أن الجامعة لم ترد على طلب التوظيف لا بخير ولا بشر . . حتى تفاجأت بعرض العمل في تلك الجامعة من خلال مؤسسة غير أكاديمية ، كان الملف قد أحيل إليها ، فأعرضت عن الموضوع ، و تخليت عن الطلب؛ لأن محتوى العرض يتضمن طلب المقايضة على الولاء ! .
أما في الجامعة الثالثة ، فكان بدء المقابلة بسؤال تقليدي ، يعرفه الجميع ، و هو : ( الكريم ابن الكرام ، ماذا يحفظ من القرآن الكريم ؟ ) ، ثم انتقل الحوار للحديث حول بعض القضايا التي تستمزج اللجنة بها اتجاهات المتقدم، و تستقرئ الانتماء السياسي للشخص الخاضع تحت طائلة الامتحان الحركي، وليس العلمي .
و هكذا كان عاماً من الأعوام العجاف ، التي تنطوي على قصص و مفاجآت ، سيأتي الحديث عنها لاحقاً ( إن شاء الله ! )
رحلتي في مجال الدعوة و الدراسات الإسلامية :
و مع عودتي إلى فلسطين سنة 1993 م ، وجد الدكتور رياض الأسطل أن الوطن بحاجة إلى نهضة دينية ، و أنه في أمس الحاجة إلى منهج دعوي مستنير ، و إلى بلورة رؤية سياسية إسلامية مختلفة ، تقوم على استجلاء التاريخ ، و على الوعي بجوهر الإسلام ، و على ضرورة التعامل مع قضايا الواقع المعاش بروح الإسلام ، و بثقافة العصر ، و بواقعية الممارسة السياسية ، ذات الجذور الإسلامية العريقة . و بناءً عليه شرع في إلقاء خطبه ، و دروسه ، على نحو متواصل و معروف منذ عودته إلى الآن ، و في أكبر المساجد بمحافظة خان يونس ، و منها مسجد الرحمة ، و مسجد حسن البنا ، و المجمع ، و المركز الإسلامي ، و الشرطة ، و الشهداء ، و الغانم ، و الإسلام و السلام ، و الشافعي ، و الكتيبة ، و غيرها ، بالإضافة إلى إلقائه لعدد من الخطب و الدروس و المحاضرات في بقية المحافظات .
و خلال هذه الرحلة تميز دور الدكتور رياض الأسطل بعدة جوانب ، منها :
* الحرص على بلورة بعض جوانب الفقه السياسي الإسلامي .
*
الحرص على سيادة كلمة الإسلام ، و ليس سيادة منطق و فكر التنظيم ! .
* الحرص على الوحدة الوطنية و وحدة الصف النضالي .
*
تقوية أواصر المحبة و الألفة بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني
ربط الإنسان الفلسطيني بعجلة العصر ، و إطلاعه على روح العصر ، و التيارات السائدة فيه .
العمل على فضح الفساد ، و تعرية أصحاب المواقف المشينة ، في حدود ما يسمح به الإسلام ! .
* الحرص على النقد البناء ، و البعد عن أساليب القدح و القذف ، التي يستخدمها البعض ، في تخدير عواطف المستمعين ، بل وفي تضليلهم في أحايين كثيرة .
و في هذا الإطار كان للدكتور رياض الأسطل جملة من الكتب و النشرات ، تتعلق بـ :
* محاربة الفتنة ، و نبذ العصبيات القبلية و المناطقية .
الرقائق العبادية ، و خاصة في الحج و صوم رمضان .
بعض دقائق وإعجاز التفسير
* فضح أخطاء بعض الكتب السابقة .
و كان من أهم كتابات هذه الرحلة :
* الهجرة النبوية قراءة في الفقه السياسي الإسلامي
و العهدة العمرية نموذج تاريخي للتسامح الإسلامي .
* و الانتخابات في الإسلام : دراسة فقهية و سياسية .
ولد الدكتور رياض الأسطل ، في مدينة خان يونس بتاريخ 29 / 6 / 1954 م ، و تلقى تعليمه الابتدائي في مدرستي القرارة ، و عبد القادر الابتدائية ، ثم انتقل إلى مدرسة عبد القادر الإعدادية ، و منها إلى مدرسة خان يونس الثانوية
و في مدرسة خان يونس الثانوية تبدأ أولى خطواته العملية نحو عالم الثقافة و الإبداع ، حيث اطلع في المرحلة الثانوية على عشرات الكتب الثقافية من أمهات كتب التراث . و وضع في حينه نوات مكتبته الخاصة ، الموجودة اليوم بالمركز .
أساتذة أجلاء لا يغيبون عن الذاكرة :
و يحتفظ الدكتور رياض الأسطل ، بمكانة متفردة من الأساتذة الأجلاء الذين تأثر بهم ، في بعض جوانب حياته ، و من هؤلاء الأساتذة : الأستاذ عبد الرحيم الشوربجي والأستاذ دهشان أبو ستة والأستاذ مصطفى العبادلة ، و الأستاذ زكي سلامة ، و الأستاذ نصر الله المصري ، و الأستاذ سليمان قديح ، و الأستاذ محمد على الأسطل ، و الأستاذ فوزي النواجحة ، و المرحومان الأستاذ عمر صابرة و الأستاذ أحمد السميري .
أما الزاوية المظلمة في ذاكرته ، فتكمن فيها صورة ذلك الأستاذ الذي كان يعاقب طلابه لأتفه الأسباب بالبصق في أفواههم ! . و قد ظلت هذه الصورة تمثل مشهداً للقسوة و الجهل ، و طاغوت القوة الذي يشوه الصورة الناصعة للتعليم ، لسنوات طويلة في مخيلة الكاتب . و مما لا شك فيه أن مثل هذه الصورة قد كانت سبباً رئيساً في كراهية التعليم و المعلمين ، من قبل عدد كبير من الطلبة ! .
الخطوات الأولى على طريق الإبداع :
و كان الدكتور رياض الأسطل قد بدأ أولى محاولات الإبداع ، في المرحلة الإعدادية بكتابة عدد من القصائد الشعرية البسيطة ، التي ذهبت مع الريح ، ولكن تجربتها محفورة في الذاكرة . أما أولى محاولاته الشعرية والقصصية فقد كتبت في المرحلة الثانوية ، و قد توزعت بين المحاولات الشعرية ، والتي انتهت مع نهاية المرحلة الثانوية بديوان "رباعيات من التاريخ المعاصر" والذي تناولت قصائده جملة من القضايا الوطنية وشكلت نواة لكلمته المقاومة التي جرت عليه استدعاءات الحاكم العام الإسرائيلي، أو ضابط ركن مدينة خان يونس، منذ وقت مبكر ، حيث تعرض الكاتب لما تعرض له معظم أبناء الشعب الفلسطيني من مضايقات واعتقالات مؤقتة وتهديدات لا حصر لها . أما على صعيد المحاولات القصصية ، فقد ارتبطت بالقصة القصيرة ، والتي كانت أولاها قصة "المغرور" ، و محاولة كتابة الرواية ، بالإضافة إلى كتابة عدد من المقالات الأدبية . ( سنورد نماذج من كتابات تلك الفترة في زاوية المقالات القديمة ) .
و حين انتقل الكاتب إلى القاهرة حرص على تعزيز ثقافته من خلال ثلاثة مصادر رئيسة ، هي : الكتب الثقافية ، و حلقات النقاش العلمي ، و بخاصة مناقشة رسائل الماجستير و الدكتوراه ، و الندوات الثقافية الكثيرة التي كانت تعقد في قصور الثقافة بمصر القاهرة . ومن الجدير بالذكر أن الكاتب قد اصطحب معه إلى القاهرة جل محاولاته الأدبية ؛ لأنه كان يعتقد، منذ ذلك الحين، أن تلك المحاولات تشكل جزءاً منه، وترتبط بوجدانه وصميم تفكيره .
* * *
قصتي مع الدكتوراه ، و مأساة الدراسات العليا في الوطن العربي :
يحتفظ الدكتور رياض الأسطل في ذاكرته بتجربة مريرة ، في سعيه للحصول على درجة الدكتوراه ، وذلك من خلال اكتشاف عقم التعليم العالي في الوطن العربي ، و قد تجلى هذا العقم في عدة جوانب منها :
تقليدية التعليم العالي .
ارتباط مستقبل الطالب بمزاج المشرف .
الروتين القاتل في عملية التسجيل ، و سياسة ( الكعب الداير ! ) ، على الجامعات المصرية . و حرفية التعامل مع المواضيع المطروحة .
سيل الرسائل و صمت الأرفف ، و غياب القيمة الواقعية و الحياتية للأبحاث ! .
التدخل السياسي ، و محاصرة الطموح الفلسطيني ( و قد تعرض الكاتب في حينه للحرمان من إكمال درجة الدكتوراه ، بعد أن أتم الرسالة ، بسبب عدم استجابة زعفران ( عاصمة عربية ) لزعفران دبي ! . ( الزعفران هنا هو كلمة السر الاستخبارية ، بين السفارة و جهاز الأمن المكلف بملف الفلسطينيين ! ) . و كانت النتيجة التخلي عن التسجيل و الرسالة ، بعد شقاء ثلاث سنوات ! .
و مما لا شك فيه أن كل جانب من الجوانب السابقة ينطوي على مواقف و قصص و طرائف ، سيأتي الحديث عنها لاحقاً )
العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة :
و عمل الدكتور رياض الأسطل ، بوزارة التربية و التعليم ، في دولة الإمارات ، فيما بين سنتي ( 1980 ، و 1993 م ) . و قد كانت هذه السنوات من أكثر سنواته ثراءً فكرياً و ثقافياً ، و ذلك للأسباب التالية :
الانفتاح على معظم نوافذ و دروب الثقافة العربية ، عبر الندوات و الكتب ، و المقابلات ، و الحركة الثقافية النشطة ، التي تستقطب معظم الكتاب و المفكرين و الفنانين العرب . و قد كانت إمارة الشارقة ، في حينه ، بمثابة عاصمة الثقافة العربية ، حيث كان المركز الثقافي العربي ، من أهم مراكز الاستقطاب الثقافي بالدولة .
الكتابة الصحفية ، في مجالات الإبداع و السياسة و البحث .
متابعة الدراسة ، و الحصول على درجتي الماجستير و الدكتوراه .
عودة إلى عالم الشعر
و في الإمارات العربية المتحدة ، عاد الدكتور رياض الأسطل إلى الكتاب في عالم الشعر ، بعد انقطاع مؤقت أثناء سنوات الدراسة الجامعية ، لم يكتب خلالها سوى عدد قليل من القصائد ، بالرغم من انفتاحه على عالم الشعر ، و اطلاعه ، على معظم دواوين فحول الشعراء .
و في الإمارات كتب الكاتب عدداً كبيراً من القصائد ، و المطولات الشعرية ، كان من أهمها القصائد الواردة في دواوين : إلياذة الدم و النزيف ، والصوت و النخل و الجلجلة ، و قراءة في دفتر الصمت ( قيد الإعداد للنشر ) .
دراسات نقدية ، و مقالات سياسية :
و أثناء فترة وجوده بالإمارات كتب عدداً من الأبحاث و المقالات الهامة ، من بينها ، الميول الثقافية لطلاب المرحلة الإعدادية ، و أزمة التعليم العالي في الوطن العربي ، و الإعلام التنموي العربي ، و قراءة في الإبداع الشعري بالإمارات لسنة 1984 م . بالإضافة إلى عشرات المقالات المتنوعة . فضلاً عن كتابته لرسالتي الماجستير و الدكتوراة .
العودة ومحنة الانتماء :
و كان قد تعرض لمحنة الانتماء عند عودته من الخارج ، حيث كان هناك تنافس سياسي و أيديولوجي شديد بين الجامعات في غزة . و لما كان الأمر كذلك ، فقد كان مجرد العمل المؤقت في إحدى الجامعات ، يضعك في موضع الريبة ، من الجامعات الأخرى . فالمسئولون عن الجامعات ( في الغالب ) لا يعنيهم الكفاءة العلمية ، بقدر ما يعنيهم تحديد الهوية السياسية الحزبية أو التنظيمية فـ ( هوية فلسطيني وحدها لا تكفي في جامعاتنا ! .) . و حب العطاء لا يبحث فيه . و من الطريف أنني قابلت حين تقدمت بطلب العمل الأكاديمي عدداً من المواقف الطريفة ، و منها :
أن أحد المسؤولين ( زحلقني ) طالباً مني المراجعة بعد شهر ، لخوفه من المنافسة ، ثم أعلن عن المقابلات في اليوم التالي ! .
أما مسؤول آخر فألغى أحد المقررات التي كان يدرسها خارج إطار تخصصه ، حتى لا أجد فرصة للعمل من خلال القيام بتدريسها ! .
وفي إحدى لجان المقابلات لم يكن بين أعضائها أي متخصص في مجال اختصاصي، نظراً لأن الاختصاص لم يكن يحتل المرتبة الأولى ولا الثانية وربما حظي بالمرتبة الأخيرة بعد الاعتبارات الأيديولوجية والعصبية والمناطقية والشخصية والمصلحية !
و في لجنة أخرى استقدمت معي رسائلي العلمية ، و نماذج من أبحاثي ، فقالت اللجنة لي : هذه ما إلهاش لزوم ، نزلها على السيارة ، ثم عد إلينا . وكانت المقابلة حديثاً مسخاً ، بلا طعم ولا لون ولا رائحة طيبة . المهم أن الجامعة لم ترد على طلب التوظيف لا بخير ولا بشر . . حتى تفاجأت بعرض العمل في تلك الجامعة من خلال مؤسسة غير أكاديمية ، كان الملف قد أحيل إليها ، فأعرضت عن الموضوع ، و تخليت عن الطلب؛ لأن محتوى العرض يتضمن طلب المقايضة على الولاء ! .
أما في الجامعة الثالثة ، فكان بدء المقابلة بسؤال تقليدي ، يعرفه الجميع ، و هو : ( الكريم ابن الكرام ، ماذا يحفظ من القرآن الكريم ؟ ) ، ثم انتقل الحوار للحديث حول بعض القضايا التي تستمزج اللجنة بها اتجاهات المتقدم، و تستقرئ الانتماء السياسي للشخص الخاضع تحت طائلة الامتحان الحركي، وليس العلمي .
و هكذا كان عاماً من الأعوام العجاف ، التي تنطوي على قصص و مفاجآت ، سيأتي الحديث عنها لاحقاً ( إن شاء الله ! )
رحلتي في مجال الدعوة و الدراسات الإسلامية :
و مع عودتي إلى فلسطين سنة 1993 م ، وجد الدكتور رياض الأسطل أن الوطن بحاجة إلى نهضة دينية ، و أنه في أمس الحاجة إلى منهج دعوي مستنير ، و إلى بلورة رؤية سياسية إسلامية مختلفة ، تقوم على استجلاء التاريخ ، و على الوعي بجوهر الإسلام ، و على ضرورة التعامل مع قضايا الواقع المعاش بروح الإسلام ، و بثقافة العصر ، و بواقعية الممارسة السياسية ، ذات الجذور الإسلامية العريقة . و بناءً عليه شرع في إلقاء خطبه ، و دروسه ، على نحو متواصل و معروف منذ عودته إلى الآن ، و في أكبر المساجد بمحافظة خان يونس ، و منها مسجد الرحمة ، و مسجد حسن البنا ، و المجمع ، و المركز الإسلامي ، و الشرطة ، و الشهداء ، و الغانم ، و الإسلام و السلام ، و الشافعي ، و الكتيبة ، و غيرها ، بالإضافة إلى إلقائه لعدد من الخطب و الدروس و المحاضرات في بقية المحافظات .
و خلال هذه الرحلة تميز دور الدكتور رياض الأسطل بعدة جوانب ، منها :
* الحرص على بلورة بعض جوانب الفقه السياسي الإسلامي .
*
الحرص على سيادة كلمة الإسلام ، و ليس سيادة منطق و فكر التنظيم ! .
* الحرص على الوحدة الوطنية و وحدة الصف النضالي .
*
تقوية أواصر المحبة و الألفة بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني
ربط الإنسان الفلسطيني بعجلة العصر ، و إطلاعه على روح العصر ، و التيارات السائدة فيه .
العمل على فضح الفساد ، و تعرية أصحاب المواقف المشينة ، في حدود ما يسمح به الإسلام ! .
* الحرص على النقد البناء ، و البعد عن أساليب القدح و القذف ، التي يستخدمها البعض ، في تخدير عواطف المستمعين ، بل وفي تضليلهم في أحايين كثيرة .
و في هذا الإطار كان للدكتور رياض الأسطل جملة من الكتب و النشرات ، تتعلق بـ :
* محاربة الفتنة ، و نبذ العصبيات القبلية و المناطقية .
الرقائق العبادية ، و خاصة في الحج و صوم رمضان .
بعض دقائق وإعجاز التفسير
* فضح أخطاء بعض الكتب السابقة .
و كان من أهم كتابات هذه الرحلة :
* الهجرة النبوية قراءة في الفقه السياسي الإسلامي
و العهدة العمرية نموذج تاريخي للتسامح الإسلامي .
* و الانتخابات في الإسلام : دراسة فقهية و سياسية .