تأملات في ابتسامة سليمان عليه السلام


تم النشر 29 أكتوبر 2016


عدد المشاهدات: 1694

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


للباحث : المهندس عبد الدائم الكحيل 

 صورة لنملة سامي الهسنياني

   كاتب وباحث من كوردستان-العراق

Sami_alhesnyani@yahoo.com 

        هل شعرت يوماً بالراحة والاطمئنان وأنت تدخل على شخص غاضب منك وتراه يبتسم في وجهك؟ وهل شعرت بالسعادة وأنت تبتسم في وجه إخوانك وأصدقائك؟ وهل شعرت بأن الشفاء يسري في جسدك وأنت ترى الطبيب يبتسم في وجهك وهو يشخص لك العلاج؟ وهل علمت بأن الابتسامة لها فعل السحر في العقول؟ وهل شعرت بانجذاب نحو شخص يبتسم في وجهك كلما رآك؟ وهل علمت أخي القارئ الكريم بأن الابتسامة أصبحت علم يدرس وفن يمارس لتحسين العلاقات الاجتماعية وتنمية الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية، وهل تعلم أن تم الاعتراف به كعلم في بداية القرن العشرين وسمي بعلم نفس الضحك.

       لا شيء يعادل الابتسامة المشرقة، فهي سر من أسرار الجاذبية وطريق مختصر للتجاذب بين القلوب،  فالابتسامة رمزا للصحة السليمة.

        ذكر لنا القرآن الكريم قصة سليمان عليه السلام مع النملة وكيف أنه تبسّم لقولها، قال تعالى: 

﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾سورة النمل.  وقال رسول الله عليه السلام يحث المسلمين بطلاقة الوجه والتبسم في وجه بعضهم البعض، فقد قال: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، وقال أيضاً :(تبسمك في وجه أخيك صدقة)،وقال أيضاً : (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق).  

وقد كان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس تبسماً لأصحابه، يقول  عبد الله بن الحارث بن حزم: ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 ويقول المثل الصيني: إن الذي لا يحسن الابتسامة لا ينبغي له أن يفتح متجراً.

 والابتسامة الصادقة النابعة من شغاف القلب هي التي تفعل فعل السحر وتجذب كالمغناطيس، وهي التي تزيد الوجه رونقا وبهاء؛ لا الابتسامة المصطنعة التي تخفي وراءها الكيد والمكر. وأن الطريقة المثلى للابتسامة هي أن تبتسم وأنت تنظر للشخص الذي تحدثه، فهذا سيعطيه شعوراً سريعاً بالأمن والاطمئنان، ودلالة على التواضع والمحبة.

      والابتسامة اليوم أصبح ظاهرة حضارية لتعديل مزاج الإنسان وإزالة التوتر وضغوطات الحياة اليومية، وتفتح لها دورات خاصة لتعليم الآخرين الابتسامة في وجه المقابل.  

 يقول أحد العلماء: إن كل إنسان منا لديه مواد كيميائية خاصة تفرزها أجهزة جسمه عندما يتعرض للخوف أو الحزن أو الكآبة أو القلق. هذه المواد تكون في أدنى مستوى لها عندما تنظر لشخص قدم إليك وهو يبتسم في وجهك!!! لماذا؟ لأن هذه الابتسامة قد أزالت من ذهنك أي خوف أو قلق حول هذا الشخص. وبالنتيجة نستخلص أن الابتسامة هي أسلوب مهم للنجاح في الحياة.  يقول العلم أنه عندما يبتسم الإنسان يتحرك من (5- 13) عضلة في الوجه، وعندما يكون في حالة تجهم وعبوس يعمل (47) عضلة...

    والآن إلى أهم هذه التأملات:

    مختصر القصة سليمان عليه السلام وجنوده يتفقدون الرعية، يمرون على وادٍ به نمل كثير فكانت القصة كما رواها القرآن الكريم. ومن الآية نستنتج ما يلي:

1-            تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الكبير للضعيف الذي يخافه وهو لا ينوي أذاه.

2-    تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الحاكم العادل للفقير الضعيف الذي يرجوا النجاة والخلاص دون أن يلحقه الأذى من الحاكم، وهو يرى تصرفات الضعيف الدالة على ذلك.

3-    الابتسامة دلالة على أن سليمان عليه السلام لم يقصر في حق رعيته، وأنه مرتاح الضمير ومستقر نفسياً وأنه ايجابي التعامل مع الأحداث.

4-    تبسمه لكلام النملة قد يكون من إعجابه بهذا المخلوق الصغير والضعيف، كيف انه يدافع عن مملكته منادياً فيهم الدخول في مساكنهم.

5-     تبسمه لكلام النملة أعطى للنملة القوة في الكلام، وهو ما نلاحظه من الآية.

6-     تبسمه لكلام النملة أدى إلى إنقاذ مملكة النمل من الدمار.

7-     تبسمه دلالة على أن مطالب الضعفاء والمظلومين مجابة، وأن مطالبهم في أكثر الأحيان مقبولة.

8-    تبسمه دلالة على أن للمظلوم حق أن يدافع عن نفسه أمام أي شخص كان وأن حقه راد إليه لا لظلم القوي على الفقير الضعيف، أي أن العدالة سارية آخذة مجراها.

9-    على الحاكم أن يبتسم في وجه الرعية كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، فقيرها وغنيها، حاضرها وغائبها، لا أن يبتسم للحاشية ويكشّر ويتهجّم أمام الرعية التي لا حول لها.   

10-      الابتسامة دلالة على أن الرعية في مأمن (الإنسان والحيوان ) كل مصان حقه.

11-      دلالة على الشخصية السوية والمتزنة والشفافة والتي تتأثر بأي كلام صادر حتى ولو من ضعيف مهمش.

12-  كلام النملة ذكّره بأن هناك في مملكته من لا يحسّ بهم إلا أن يلتقي بهم بموعد أو بغير موعد، فكان درس عظيم للحاكم العادل.

13-      تبسمه شرح صدره بأن يدعوا الله تعالى ويشكر نعمه الجزيلة.

14-      دلالة على أن المملكة في مأمن، لا خيانات ولا انقلابات.

15-  دلالة على توفر العدالة الاجتماعية للجميع حتى الحيوان الصغير الذي له الحق بعيش رغيد في ظل حكم عادل.

16-  وجود فسحة في حياة الحاكم وحياة الداعية فيه من اللهو المباح يتضمن الكلام الذي في نوع من الدعابة واللطائف، لتفريغ ضغوطات المسؤولية والحياة.

17-  دلالة على وجوب اتخاذ الحاكم ندماء وظرّاف للترويح عنه بإلقاء النكت والطرائف البعيدة عن المجون، لتجديد حياة الحاكم اليومية، وإخراجه من دائرة الملل والروتين.   

والآن إلى أهم التأملات التنموية للابتسامة:

معنى الابتسامة :

        تعبر الابتسامة عن معان شتى منها :

   الفرح والسرور – الانشراح – الاستقرار الداخلي – الثقة بالنفس – الشخصية السوية والمتوازنة – المحبة والود – القبول والموافقة – التواضع - وقد تعبر أيضاً عن : الخجل – الحرج – الحياء – اليأس- الفشل بعد المثابرة. 

الفرق بين الابتسامة والضحك :

1-            الابتسامة حالة دائمة (وهي نوع من الضحك اللطيف)، بينما الضحك حالة مؤقتة.

2-            الابتسامة رد فعل للسرور، بنما الضحك قد يكون رد فعل للألم أيضا ً.

3-            الابتسامة تأتي عن قناعة ورضا داخلي، بينما الضحك قد يأتي نتيجة لحالة مفاجئة طارئة.

4-            يبقى مفعول الابتسامة طويلاً، بينما الضحك لا يلبث أن يتلاشى.

5-            الابتسامة دليل التواضع، بينما الضحك إن صاحبه القهقهة دليل الكبر.

6-    الابتسامة أصعب من الضحك لأنها تشمل التعامل مع فئات متنوعة من البشر على اختلاف طبائعهم  ومشاربهم، بينما الضحك يشمل فئات منسجمة مع بعضها ومتقاربة.

7-    في الابتسامة يراعي الآداب ( حركة بسيطة تظهر فيها نواجذ الأسنان)، بينما الضحك قد يتجاوز إلى ظهور لسان المزمار في الحلق. 

    المبتسم والسعادة والعمر:

     والمبتسم شخص يشعر بالسعادة من أعماق داخله لذا تظهر ابتسامته شفافة صادقة تبعد عنه كما تقول دراسة حديثة بأن شعور المرء بالسعادة يجنبه الإصابة بنوبات القلب وأمراضه وبالسكتة الدماغية والإصابة بداء السكري بل وبالبدانة أيضاً وأمراض العقل باختلاف أنواعها وأنها تطيل عمر الإنسان بمقدار 12 سنة بعد مشيئة الله. 

ويقول الأطباء إن السبب وراء ذلك بسيط للغاية فإن السعداء من الناس يفرزون كميات قليلة من هرمونين رئيسين للتوتر المضر بالصحة تسارع بشيخوخة كل عضو في جسم الإنسان.

   فوائد الابتسامة الصحية:

               - تحفظ للإنسان صحته النفسية والبدنية.

               - تساعد على تخفيف ضغط الدم.

               - تنشط الدورة الدموية.

               - تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض والضغوطات النفسية والحياتية.

              - يساعد المخ على الاحتفاظ بكمية كافية من الأوكسجين.

               - لها آثار ايجابية على وظيفة القلب والبدن والمخ.

               - يتمتع المبتسم بنبض سليم متزن.

             - تسرِب الهدوء والطمأنينة إلى داخل النفس.

            - تزيد الوجه جمالا وبهاء.

              - الابتسامة نوع من العلاج الوقائي لأمراض العصر.          

              - صمام أمان من القلق والكبت.

             - يخفف من حموضة المعدة.

                   -  زيادة إفرازات الغدد الصم مثل غدة البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية والنخامية

             - يساعد على إزالة التوتر العصبي.

             - علاج لحالات كثيرة من الصداع.

             - يريح الأعصاب إلى الراحة والارتخاء.

            - يقهر الأرق والكآبة.

            -  تكرار الابتسامة يريح الإنسان ويجعله أكثر استقراراً، بل إنهم وجدوا أن هذه الابتسامة تقلل من حالة الاكتئاب التي يمر بها الإنسان.

           - يقول الأطباء  ويفيد الابتسامة والضحك الخفيف في تحسين القدرة الجنسية، فضلاً عن دوره في إرخاء العضلات وإبطاء إيقاع النبض القلبي وخفض التوتر الشرياني، وأخيراً بدأ العلماء في استخدامه كأساس لإستراتيجية علاجية حقيقية، تقوم على استخدام تقنيات الاسترخاء واليوجا من خلال تعلم منكسات تنفسية وتمارين خاصة.

   الابتسامة والتجاعيد:

     أثبت بحث علمي في مصر أن تجهم الوجه ( التكشير والتقطيب) يؤثر بشكل فعال في ظهور التجاعيد على الوجه ولاسيما حول العينين. وأثبتت التجارب أن الابتسامة سلاح فعال ضد التجاعيد أو على أقل تقدير تؤثر الابتسامة في تأخير ظهور التجاعيد بسبب ارتخاء عضلات الوجه أثناء الابتسامة, ولذلك فإن العلماء يقدمون نصيحة ذهبية للناس ولاسيما النساء, ومن المهم للمرأة أن تكون دائمة الابتسامة حتى تحقق راحة النفس والاستقرار.

الابتسامة ونشاط العقل:

1-            تزيد الابتسامة من نشاط الذهن .

2-             تقوي القدرة على تثبيت الذكريات بتقوية الذاكرة.

3-            توسيع ساحة الانتباه والتعمق الفكري.

4-            يزيد قدرة الفرد على التخيل والإبداع ودقة التفكير.

5-            تزيد من صفاء الذهن وعدم تشتته.

6-            ينمي من القدرات الابداعية.

فوائد الابتسامة الدعوية:

1-            طريق مختصر لكسب القلوب.

2-            صدقة تكسبها بكل سهولة.

3-            تطوير للمهارات الدعوية.

4-            دليل على التربية  الإسلامية السوية.

5-            يجعل الآخرين أكثر تقبلاً لفكرتك ومنهجك.

6-            مفتاح لهداية الكثيرين من الناس.

7-            باب يوصلك إلى نفوس المخالفين لك.

8-            تبسمك في وجه الآخرين صدقة جارية إلى يوم القيامة.

9-            سنّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

 فوائد الابتسامة من الناحية الاجتماعية :

      -  سبب من أسباب السعادة والنجاح. يقول لنا اليوم علماء البرمجة اللغوية العصبية بأن أحد أساليب النجاح الأقل كلفة هو الابتسامة.

       -     كما تبين البحوث أن صاحبات الابتسامة الحلوة يستمتعن بتربية الأطفال ,وهن اجتماعيات ومرحات ويشعرن من حولهن بالدفء الإنساني , ويعتقد أن السبب في ذلك أن الإنسان يكون رد فعله ايجابيا عندما نبتسم له.

    - تختزل الكثير من المفردات العاطفية التي يمكن أن نقولها للآخرين.

      -  يبقى ذكرها زمنا ً.

     - رمز المودة والمحبة.

     - رمز الود والدفء.

     - يرشح أن يكون المبتسم سفيراً لحل النزاعات، وأن يكلف بالمهام الدبلوماسية.

     - يساعد في امتصاص غضب الآخرين.

     - يساعد على التكلم بكل هدوء ووضوح.

     - يساعد على أن تفتح قلبك له.

     - موضع اعتماد الآخرين.

     - يساعد على التحدث للآخرين بلباقة.

     - دلالة على شخصية سوية ومتوازنة.

     - عبارة عن تحية صامتة.

     - تزيل والأحقاد والتوترات والمشاحنات.

     - ترسم في الذاكرة صورة إيجابية للمبتسم.

     - أكثر الأشخاص جاذبية وثقة بالنفس.

     - له قدرة على إقناع الآخرين.

     - يساعد في حل المشكلات بكل سهولة.

     - يبعث البهجة والسرور بين الناس.

    - يساعد على كسب أصدقاء جدد.

    - يرفع من الروح المعنوية.

فوائد الابتسامة من الناحية الاقتصادية:

-      يقول مدير إحدى شركات الحديد والصلب : ( لقد أكسبتني ابتسامتي مليون دولار سنويا).

-  (قصة) طلب عمال أحد المحلات التجارية الكبيرة في باريس رفع أجورهم، فرفض صاحب المحل، فما كان من عماله إلا أن اتفقوا على أن لا يبتسموا للزبائن كرد فعل على صاحب المحل، فأدى ذلك إلى انخفاض دخل المحل في الأسبوع الأول حوالي (60%) عن متوسط دخله في الأسابيع السابقة.

-  فحسب تقرير نشرته مجموعة مينتيل للأبحاث التسويقية، فقد شهدت مبيعات منتجات الأسنان من مواد تبييض وخيوط بسبب الابتسامة ارتفاعاً ملحوظاً من (17) مليون جنيه إسترليني في عام (2001) إلى( 37) مليون جنيها في العام (2002).

     -    هل يمكن تصديق أن عمليات تجميل الأسنان باتت أغلى من عمليات تجميل أخرى؟. وما تتداوله الأوساط البريطانية حاليا أن مهنة تجميل الأسنان أصبحت من أكثر المهن التي تدر أرباحا على ممارسيها. فالعديد منهم كسبوا الملايين من ورائها، وكل ذلك بسبب الابتسامة وجاذبيتها، حيث أن لظهور الأسنان فيها دور بارز.

الابتسامة ودورات التنمية:

      المبادرة الجديدة التي أطلقوا عليها "مبادرة الابتسامة" أعدتها وزارة التنمية الإدارية المصرية بالاشتراك مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وحسب تصريحات الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز فإنها تعد الأولى من نوعها، وتهدف إلى الارتقاء بمستوى أداء الخدمات الحكومية من خلال تدريب (24) ألف موظف على الابتسام في وجه الجمهور. وقد يكلف الدورة الأولى وهي لحوالي (750) موظفاً حوالي (480) ألف جنيه مصري.

 استفدت من المصادر التالية:

1-    علي غانم الطويل: الشخصية المغناطيسية.

2-    جريدة الرياض السعودية العدد 13584 أيلول 2005.

3-    موقع مجلة بوابة الكويت.

4-    جريدة الثورة المصرية 26-6-2006.

5-    جريدة الشرق الأوسط العدد 9673 مايو 2005.

6-    موقع المهندس عبدالدائم الكحيل.

7-    موقع إسلام أون لاين- نماء.

                  كتب في :    31/ 8/ 2006

 
 
 



- انشر الخبر -