التمرّد الإسرائيلي والعقوبات الدولية جواد محمود مصطفى


تم النشر 22 أكتوبر 2016


عدد المشاهدات: 1415

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


لم يحدث أي تغيير في قرار الهيئة الإدارية لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (يونسكو) خلال إعادة التصويت (الثلاثاء الماضي) على منصوص اعتبار المسجد الأقصى ومكانه إرثاً إسلامياً خالصاً لا علاقة لليهود واليهودية فيه، وكذلك الأمر بالنسبة لحائط البراق، بعد أن طالبت دولة المكسيك بإعادة التصويت على قرار سابق (الخميس الماضي).

المفاجأة التي أذهلت "إسرائيل" في إعادة التصويت هي أن النتيجة جاءت، إضافة إلى التأكيد على إسلامية المسجد الأقصى وأرضه، إدانة لسياسة "إسرائيل" في القدس بأغلبية كبيرة، كما قررت اليونسكو إرسال "لجنة تحقيق لتقصي الحقائق حول مساس إسرائيل بالأماكن المقدسة للمسلمين في مدينة القدس المحتلة". 

إذن قضي الأمر، فيما يتعلق بإسلامية الحرم القدسي الشريف، والمكان (الأرض) الذي بني عليها، وكنت قد كتبت تحليلاً سياسياً (الثلاثاء) تناولت فيه قرار اليونسكو وتساءلت.. ماذا بعد ذلك؟

في الإجابة عن ماذا بعد، قصارى القول إن "إسرائيل" واليمين اليهودي المتصهين في جميع العالم لن يرضى، ولن يسكت، على هذا القرار الأممي الذي يدحض أهم فكرة قامت عليها الحركة السياسية الصهيونية في عشرينيات القرن الماضي؛ فبنفي اليونسكو أي علاقة بين اليهودية الصهيونية العنصرية والمسجد الأقصى وحائط البراق، ينسف أحد أهم مضامين الرواية التاريخية المزيفة التي قامت عليها الفكرة الصهيونية التي فبركت اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها.

من هنا جاءت ردة الفعل الإسرائيلية غاضبة وغير متوازنة على القرار؛ حيث أدرك القادة الصهاينة أن هذا القرار لم يظهر فقط تداعي المزاعم الصهيونية، ومتانة وصدقية الرواية الفلسطينية الإسلامية، بل أضفى أيضاً بشكل غير مباشر مصداقية مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال.

"إسرائيل"، وحماتها كالمعتاد، ستواصل التمرّد على القرارات الدولية، والتهرّب من تنفيذ استحقاقاتها، ومنها قرار اليونسكو الأخير، وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جادة من المجتمع الدولي لوضع نهاية لحالة التمرّد الإسرائيلي، حتى تحافظ المنظمة الدولية والمؤسسات العائدة لها على ما تبقى من هيبتها المنتهكة أصلاً، هذا أوّلاً.

وثانياً، يجب أن يكون على رأس أولويات السلطة الفلسطينية تكثيف التحركات الدولية ضد "إسرائيل" في المحافل الدولية، على اعتبار أن عوائد هذه التحركات من شأنها أن تفقد "إسرائيل" وحلفاءها القدرة على التوازن، وتفقدها السيطرة على متابعة القرارات الأممية ضد سلوكياتها العنصرية وتوحّش جيشها ضد الشعب الفلسطيني.

من هذه التحركات التي يمكن للسلطة الفلسطينية متابعتها في حال توفّرت إرادة سياسية لفتح مواجهات أخرى مع (إسرائيل) في المحافل الدولية إلى أبعد حد لإرهاقها ومحاصرتها واستنزافها، فقد أصبح هناك حاجة قوية وملحة إلى تحرك آخر في مجلس الأمن بخصوص المستوطنات، ومحكمة الجنايات الدولية، للمسارعة إلى محاكمة قادة "إسرائيل" السياسيين والعسكريين للجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين.

وثالثاً، يمكن للدول العربية والإسلامية إثر قرار اليونسكو المنتصر للحق الإسلامي العربي بخصوص المسجد الأقصى وملحقاته وأسواره، تغيير نمط التعاطي مع سلطات الاحتلال في المحافل الدولية، والمضي قدماً من خلال الأمم المتحدة وهيئاتها المتعددة للعمل مع السلطة الفلسطينية والتنسيق معها في الحقوق الفلسطينية الأخرى. 

وطالما أن النظامين الرسميين العربي والإسلامي عاجزان عن تحرير بيت المقدس، أو حمايته من العبث، فعلى الأقل يجب القيام بنشاط دبلوماسي على الصعيد الدولي لإجبار "إسرائيل" على الالتزام بفحوى القرار، إلى جانب المطالبة بوضع قوة أو لجنة دولية تشرف على تنفيذ القرار الأممي، بمنع يهود بني "إسرائيل" من اقتحام المكان واستفزاز المصلّين.

إن التغاضي عن التمرد الإسرائيلي وتحديه للقرارات والقوانين والأعراف الدولية، واستهتاره واستخفافه بإرادة المجتمع الدولي، يحتاج فعلاً إلى فرض عقوبات دولية صارمة عليه. وإلى الخميس المقبل. 

المصدر: الشرق القطرية

 




- انشر الخبر -