القروض الحسنة هي قروض صورية في البنوك


تم النشر 17 أكتوبر 2016


عدد المشاهدات: 2142

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


إعداد: أنوار هنية

تداخل الحلال مع الحرام في أفهام الناس، واختلطت عليهم الفتاوى، وتضاربت عندهم الأقوال، وفي ظل الأوضاع السائدة كثرت المبررات على ألسنة الناس، في قضية أعلن الله سبحانه وتعالي بحرب منه ومن رسوله الكريم لمن يقترفها، ألا وهي القروض الربوية.

أضأنا زاويتنا هذه بعلم د. يونس الأسطل أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية، وحاورناه ليطلعنا على حكم الربا، والحكمة من تحريمه، والبدائل التي يمكن طرحها، وحكم العمل يالبنوك الربوية، وإلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بأحكام الربا.

ما حكم الربا؟
الربا من الموبقات السبع التي تعد من أكبر الكبائر في الإسلام كالإشراك بالله و عقوق الوالدين و أكل مال اليتيم..إلخ”، وقد بلغ من الخطورة ؟أن يكون الذنب الوحيد الذي أعلن الله عز وجل الحرب على أهله في القرآن الكريم حينما قال:”فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله”، سورة البقرة، كما أن نبينا عليه الصلاة و السلام جعل درهما من الربا أشد إثما من ست وثلاثين مرة ترتكب فيها الفاحشة، لذلك فإن الواجب على المسلم اجتناب الربا إلى أقصى حد، لذلك فحكم القروض الربوية حرام شرعا، وليس ذلك فحسب بل هو من أكبر المحرمات على الإطلاق.

ما الحكمة من تحريم الربا؟
حرم الله الربا لأنه يؤدي في النهاية إلى تكريس الثروة في أيدي قلة من الناس، الأمر الذي يؤدي إلى استعبادهم للناس وقد يصل بهم الغرور إلى إدعاء الألوهية بلسان الحال أو بلسان المقال.
و بوجود الطبقية المقيتة، تُرتكب الكثير من المفاسد ، حيث يضطر الفقير إلى الاحتيال و الكذب و السرقة و السطو و النصب، وربما إلى القتل ليحوز على أموال الغني و يستريح من ملاحقته، فإذا وقعت الطبقية وقع التحاسد والتباغض والعداوة.
عندئذ تكون الحالقة التي لا تحلق الشعر إنما تحلق الدين، فيضيع الدين، و تنشب الصراعات في المجتمع و يتحول إلى مجتمع مافيات.

ما البديل الذي يمكن طرحه؟
البديل الشرعي نظام الشراكة، أي يشارك الفقراء الأغنياء فيما يجيدونه من الحرف، الفقراء بعملهم والأغنياء بمالهم وفي حال الربح انقسم بينهما إذا حصلت خسارة يتحملها الغني بماله والفقير بجهده.

والشراكة إذا كانت خالصة لله من باب التعاون على البر و التقوى يوفق الشركاء ويجعل فيها البركة والربح لحديث أبي هريرة :” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله تعالى : أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه , فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما”.
إن أي حرام سواء كان ربا أو غيره لا يجوز الاقتراب منه فضلا عن ملامسته “أي ارتكابه”، إلا عند الضرورة ، عندما يكون الإنسان مخيرا بين فعل المحرم أو خسران حياته، أو عضو من أعضائه.

دليل ذلك، قول الله تعالى بعد أن ذكر المحرمات من المطعومات، }فمن اضطر غير باغ ولا عادٍ فلا إثم عليه{، فمثلا من اضطر إلى أكل مال الميتة عند الجوع الشديد حصلت له الضرورة التي تبيح المحظورة تجعل الحرام مباحاً.

هل يجوز الاقتراض للتعليم أو الزواج أو السكن أو الحج؟
بعد هذا التأصيل يلاحظ أن الاقتراض للتعليم أو الزواج أو حتى الحج ليس من الضرورات الشرعية، لان الراغب في الاقتراض إذا لم يفعل لن يموت ولن يفقد عضو من أعضائه، لذلك فإن المفسدة المترتبة على القرض الربوي أكبر من مفسدة عدم التعليم أو عدم امتلاك الباءة للزواج أو غير ذلك من فرائض الإسلام ونوافلها، وحل عدم القدرة على الزواج أن يستعفف لقوله تعالى “وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا”، وذلك بالصيام الكثير و صحبة الأخيار و الابتعاد عما يثير الغرائز أو يتجه إلى الزواج من المترملات و المطلقات لأن الله رخص لمن لا يستطيع الباءة للحرائر أن يتزوج من الإماء المملوكات، وحيث أن لا إماء، فليتزوج من قليلات المئونة، بدلا أن يتجه إلى القرض الربوي.

ما حكم العمل في البنوك؟
حكم العمل في البنوك يؤخذ من قوله عليه الصلاة والسلام:”لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه” وقال هم سواء، حيث جعل كاتب الربا كالمرابي نفسه، من حيث الإثم، لأن عقد الربا لن يتم إلا بجهد جميع المشاركين فيه، ولو رفض الكاتب أن يكتب والشاهد أن يشهد، لما اجترأ المرابي على الإقراض بالربا، من هنا كانوا شركاء في الإثم، وبناء عليه فإن الأصل في العمل في البنوك الربوية، ولو كان مراسلا، يعد من الكبائر، ولا نبيحه ترخصا إلا لمن لا يجد عمل آخر، فيجوز له أن يعمل مؤقتا شريطة الاستمرار في البحث عن عمل حلال فيه الكفاية، ولو كان دون راتبه في البنك بكثير، فإذا وجد عملا عليه ترك العمل في البنك، و الالتحاق بالعمل الحلال، وتتأكد هذه الرخصة في حق الخريجين الجدد الذين يحتاجون إلى شهادة خبرة، توصلهم إلى مواقع العمل الأخرى.

ما حكم القروض الحسنة؟
القروض الحسنة هي قروض صورية في البنوك، وليست حقيقية، وإذا وقعت، فإنها تقع في أضيق الحدود، ولعدد محدود من المعاملات.

تقوم بعض البنوك بتمويل مقاولات لبناء مساكن، مقابل ضمانات الرواتب ونحوها، ما مشروعية ذلك؟
بعضه جائز وبعضه غير جائز، أما الجائز، فهو أن تكون شركة المقاولات مملوكة للبنك أو أن يكون البنك شريكا فيها، ” أي أن يكون البنك صاحب العقد وليست واسطة”، بحيث إذا وقعت خسارة، يتحملها البنك في مقابل كسب الربح المتدفق عليه، في حال الربح.

وأما الصورة الممنوعة، فهي أن يكون البنك مجرد ممول، للمقاول، في مقابل أرباح ربوية، دون تحمل أية خسارة، بحيث يكون البنك واسطة بين صاحب البيت والمقاول، وليس شريكاً في المقاولة، وأمارة ذلك أن يسلم البنك المقاول المال نقدا وليس مواد بناء فإن كان يسلمه مواد بناء في مقابل ربح متفق عليه فهذا جائز شريطة أن يتحمل البنك أية خسائر تلحق بمواد البناء قبل وصولها إلى أماكن العمل.




- انشر الخبر -