في اليوم الذي ستصوت فيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على مشروع قرار تقدمت به منظمة التحرير الفلسطينية لتحديد تسمية المسجد الأقصى المبارك في ظل المحاولات الإسرائيلية في تضليل المنظمة والعالم بتسميته "جبل الهيكل وهيكل سليمان"، اقتحمت مجموعة من المستوطنين حرمة المسجد واستباحت باحاته ردًا على قرار المنظمة, وتضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية التي تدين ممارسات (إسرائيل) التي تسعى إلى تغيير الوضع القائم لمقدساتنا، وخاصة في المسجد الأقصى والقدس، بما في ذلك عمليات الضم والتهويد والتوسع الاستيطاني والتهجير القسري وتنفيذ الحفريات ذات الدوافع السياسية ومنع الحركة وحرية العبادة التي تقوض الاستقرار وفرص السلام.
وكان المجلس التنفيذي التابع للمنظمة قد أعلن في أبريل الماضي استخدام مصطلح المسجد الأقصى ورفض المصطلح الإسرائيلي "جبل الهيكل"، بأغلبية 33 دولة، ومعارضة 6 دول، وامتناع 17 دولة, وأكد القرار أنه لا يوجد أي علاقة تجمع اليهود بالمسجد الأقصى. وفي نفس الوقت أكد قرار اليونسكو أيضًا أن طريق باب المغاربة هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، كما دعا الاحتلال للتوقف عن منع المسلمين من دخول الأقصى، وأدان انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى، وشدد على أن إدارة جميع شؤون الـمسجد الأقصى إعمار وفتح واستقبال الـمصلين والزوار هي حق تاريخي خالص للأوقاف الإسلامية الأردنية.
لا شك أن أهمية هذا الموقف تنبع من أهمية المنظمة الدولية واختصاصها بالأماكن الدينية والتراثية والتاريخية في العالم، كما سبق لها أن أصدرت منذ عام 1968م (أي بعد احتلال مدينة القدس) 82 قرارا أشارت فيها بوضوح إلى أن المسجد الأقصى بما فيه حائط البراق هي حق للفلسطينيين.
لا يختلف أحد على أن المسجد الأقصى المبارك هو للمسلمين وحدهم، وقد ظل المسجد الأقصى سنوات طويلة تحت الاحتلال الروماني حتى جاء صلاح الدين الأيوبي وحرره من دنسهم، وقد ظلت الأطماع في المسجد الأقصى من قبل اليهود, فهم يرون بزعمهم أن المسجد الأقصى بني على أنقاض هيكل سليمان، وهذا القول هو تخريف لا دليل عليه، لذلك تراهم ومنذ استيلائهم على الضفة الغربية بما فيها القدس والمسجد الأقصى إلى الآن وهم يظهرون العداوة لهذا المسجد وتراهم يقومون بالحفريات تحت المسجد الاقصى بحثاً عن هيكلهم المزعوم، وهم يهددون بحفرياتهم تلك أساسات المسجد الأقصى ويعرضونه لخطر الهدم، على الرغم من اعتراف علماء آثار إسرائيليين من جامعة تل أبيب وبئر السبع وغيرهم بأنه لا يوجد أي أثر تاريخي لليهود في هذه المنطقة، ما يعني أن موقف اليونسكو هو تأكيد للمجتمع الدولي على ما ورد سابقا حول الحقيقة التاريخية ويعرفه الجميع.
أخيرًا أقول: إن تصويت المنظمة الدولية أمر مهم وحاسم في تاريخ المسجد الأقصى المبارك والمقدسات العربية والإسلامية لإثبات الحق وإبطال الباطل أنه ملك خالص للعرب والمسلمين ولا لليهود أي حق ملكي فيه، لكن يجب عدم المبالغة في الحماسة لموقف “اليونسكو” لأن القوى الكبرى لن تأخذه بعين الاعتبار، طالما أن هناك مصالح تجمعها بالمؤسسة الإسرائيلية، لأن العالم يقوم على حسابات القوة والمصالح لا على أساس الحقيقة، وعلى أي حال فإن هذا إنجاز ويجب البناء عليه، ويجب على الفلسطينيين والعرب والمسلمين أن يستثمروا مثل هذه النجاحات وبالذات هذه الشهادة الدولية من هيئة أممية مثل “اليونسكو”, يجب أن يُستثمر سياسيا وإعلاميا وثقافيا وحضاريا من الجانب الفلسطيني، وذلك لإثبات أن كل الأحاديث الإسرائيلية عن أحقية تاريخية ودينية في الأقصى هي ألاعيب سياسية يوظفها الاحتلال كما يريد، بدليل هذه الشهادة الصادرة من طرف أممي مستقبل وهو طرف غير ديني.
فلسطين أون لاين