تُشير مُختلف المعطيات الموثقة، أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين المُسجلين في سجلات وكالة أونروا في سوريا، وصلت لنحو 560 ألف مع بداية العام 2016.. لكن أعداداً لا بأس بها منهم قد باتت خارج البلد عبر عمليات النزوح والهجرة.. وقد وصلت عملياً أعداد من خرج منهم سوريا إلى نحو 235 ألف لاجئ فلسطيني، يتوقع أن تتزايد أعدادهم مع المراحل التالية مع استمرار المحنة السورية، واستمرار أزمات اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيها. وفي حقيقة الأمر، لقد تَعَرّضَ مُجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لهزاتٍ وخضّاتٍ ملحوظة، ولتوالد العديد من الظواهر السلبية المُختلفة خلال العقدين الأخيرين، والتي استبطنت في دواخله، وقد بانت مُخرجاتها واضحة خلال الأزمة السورية الداخلية والتي أصابت لاجئي فلسطين في سوريا بالصميم. وكان في مقدمة تلك الظواهر تفاقم ظاهرة التهميش لهذا المُجتمع، بكل المستويات والأبعاد، وتراجع الفرص بما فيها فُرص العمل، وخصوصاً العمل المهني العالي، والعمل المطلوب لأصحاب شهادات التعليم العالي. فتلك الظاهرة (ونقصد ظاهرة التهميش) جرّت وما زالت تجرُّ كوارث متتالية. وبالطبع فإن مَرَدَّ ذلك لا يعود للناس وحدهم بل لمستجدات وشروط الحياة والمعيشة والعوامل التي تتحكم بمسارات الدورة الاقتصادية، وجودة الحياة والتعليم والصحة.. إلخ. وهنا نُشير أيضاً إلى ظاهرة التراجع في مستويات الحياة، وخاصة في الجانب الاقتصادي منها، وهو أمر تعاضد بشكل كبير مع حالة التهميش التي حوّلت المخيم باتجاه معادلة (أرياف ومدن) في الدول العالمثالثية، في تجمع سكاني فلسطيني يتميز بكونه مجتمعاً فتياً، ترتفع فيه نسبة من هم دون السادسة عشرة من العمر. إن الأهم من كل ذلك، كان بروز ظاهرة التمزّق الاجتماعي، وقد تفاقمت تلك الظاهرة مع محنة مخيم اليرموك وعموم التجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية، وتشتت الناس، وبحثهم عن الخلاص الفردي والأسري عبر بوابات الهجرة وغيرها، خصوصاً مع قلة الخيارات وغياب الجهات الفلسطينية المعنية عن المتابعة الجدية لأحوال الناس.. فالأزمة السورية ذاتها أحدثت شروخاً معينة في الحالة الفلسطينية، في ظل الهجرات المتتالية عبر قوارب الموت، والتي زادت من تفكك المجتمع الفلسطيني فوق الأرض السورية، ومن تمزقه. هنا، علينا أن نلاحظ تزايد غياب فصائل العمل الوطني الفلسطيني عن حياة الناس، وتزايد تراجع تلك الفصائل يوماً بعد يوم، وطغيان حالة الإهمال التي تنتهجها تلك الفصائل للمجتمع الفلسطيني اللاجئ فوق الأرض السورية، بعد أن استنفدت تلك الفصائل ما كانت تريده من هذا التجمع إبان المرحلة الماضية.
المصدر: الوطن القطرية