هل الخطر الصهيوني مقتصر على فلسطين وحدها فقط؟ هل انتهى مشروع دولة "إسرائيل" الكبرى؟ وهل؟ وهل؟ أسئلة ستحاول هذه المقالة الإجابة عنها وباختصار، بما يتلاءم مع المساحة المتاحة. قال موشيه دايان في أحد لقاءاته: "إذا لم نجتح الدول العربية بالدبابات فسنجتاحها بالجرافات". يتحدث نتنياهو في كتابه "مكان تحت الشمس" عن الظلم البريطاني لليهود باقتطاع الأردن من "الوطن التاريخي اليهودي". "إسرائيل" ترفض رفضاً قاطعاً ترسيم حدود دولتها حتى اللحظة! أما لماذا؟ فللأسباب التالية: أن الترسيم سيحدد مصادرتها لأراض جديدة، إنه سيمنعها من سن القوانين العنصرية بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وسن القوانين التشريعية المنتهكة لحقوقهم، كما سرقة والأراضي العربية (هضبة الحولان مثلاً). إن المؤسسة العسكرية ترفض رفضاً قاطعاً ترسيم حدود الدولة؛ لأن ذلك سيمنعها من ممارسة العدوان على الدول العربية، وإنه سيحد من عودة يهود العالم إلى وطنهم التاريخي. إن الترسيم سيثير المزيد من الانقسامات وتحديداً حول مصادر التشريع بين المتشددين اليهود (ونسبتهم في الشارع تتعاظم يوماً بعد يوم) وبين باقي الأطراف في الحركة الصهيونية التي تنادي بانكفاء "إسرائيل" على الذات؛ حتى تحين الظروف الملائمة لإعادة طرح المشروع. إن الترسيم سيفاقم من بروز السؤال -الذي لم تجر الإجابة عليه حتى اليوم- وهو تحديد تعريف من هو اليهودي؟ قائد عسكري إسرائيلي أجاب عندما سُئل عن رفض "إسرائيل" ترسيم حدود دولتها بـ"إن حدود إسرائيل حيث تصل دباباتها وأقدام جنودها". "إسرائيل" ما زالت تعدّ الضفة الغربية "يهودا والسامرة". ضمت القدس مبكراً إلى "إسرائيل" في 27 نوفمبر 1967. ترفض الانسحاب من هضبة الجولان العربية السورية ومن مزارع شبعا اللبنانية. أيضاً، ورغم أن مبادرة السلام العربية تؤكد على الاعتراف الرسمي العربي بدولة "إسرائيل"، وإقامة سفارات لها في العواصم العربية، وبرغم أنها وفي موضع "عودة اللاجئين" أخضعت هذا الحق وفقًا لما سيتم الاتفاق عليه بينها وبين السلطة الفلسطينية. رغم كل ذلك؛ رفض رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك أرييل شارون هذه المبادرة فور تبنيها من قمة بيروت في عام 2002، كذلك فعلت الحكومة الإسرائيلية التي يرأسها. رغم أن الدول العربية تمد يدها للسلام مع "إسرائيل"، إلاّ أن شارون اجتاح الضفة الغربية حينها، وسجن الرئيس الراحل ياسر عرفات في المقاطعة، ومنعه من حضور القمة، في أحد تصريحاته قال شارون: إن المبادرة لا تستحق الحبر الذي تم كتابتها به. موقف رئيس الوزراء الحالي نتنياهو من المبادرة، كان الرفض المطلق لها جملةً وتفصيلًا. وأخيرا يطالب الدول العربية بتعديل المبادرة وفقا للشروط الإسرائيلية! من وجهة نظره (أن العرب قمعيون، دكتاتوريون، لا يمكنهم التعايش مع الديمقراطية)، ويمكن التعامل معهم فقط من خلال القوة، وهو يريد سلامًا مقابل السلام وليس سلامًا مقابل الأرض. هذه هي حقيقة المواقف الإسرائيلية، "إسرائيل" تريد استسلامًا كاملًا من العرب -وبضمنهم الفلسطينيون- تريد من العرب أن ينصاعوا للتسوية التي تطرحها، وألا يطالبوا بالجولان العربية السورية. فهي مهمة للأمن الإسرائيلي، وألا يطالبوا بالقدس المحتلة فهي ستبقى في إطار القدس الموحدة "العاصمة الخالدة والأبدية لإسرائيل"، وأن يتخلوا عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وأراضيهم. بل العكس من ذلك، على الدول العربية دفع تعويضات للمهاجرين اليهود الذين هاجروا منها (طائعين) إلى "إسرائيل"، وعليهم الرضوخ لوجود المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وعليهم قبولها وقبول المتغيرات الديموغرافية في الضفة الغربية. على أساس وجود 400 ألف من المستوطنين فيها، وأنه لا دولة فلسطينية على كامل حدود عام 1967 وأنه لا انسحاب من منطقة غور الأردن، وأنه لا سيادة للدولة الفلسطينية. وكذلك الامتثال للطلب الإسرائيلي منهم بالاعتراف بيهودية دولة "إسرائيل". وإن اعترفوا بكل ذلك (ستتكرم) "إسرائيل" بالتفاوض معهم على التسوية. هذه الصورة هي حقيقة المواقف الإسرائيلية. بالتالي؛ فإن "إسرائيل" لا تشكل خطرًا على الفلسطينيين فحسب- وإنما على المنطقة العربية كلها. وعلى الأمة العربية من المحيط إلى الخليج. "إسرائيل" سعت وتسعى وستظل تسعى للسيطرة على المنطقة العربية. إن لم يكن بالمعنى الجغرافي من خلال بناء دولة "إسرائيل" الكبرى، فمن خلال الهيمنة السياسية والأخرى الاقتصادية. المصدر: صحيفة الشرق القطرية
جميع الحقوق محفوظة - المركز الفلسطيني للإعلام - ©