نخب إسرائيلية بدون الثانوية العامة د.صالح النعامي


تم النشر 12 يونيه 2016


عدد المشاهدات: 1800

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


ند هجرة اليهود الشرقيين من الدول العربية والإسلامية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لإسرائيل كان قد تم إنجاز إقامة الأطر التعليمية الدينية التي أشرفت عليها مرجعيات دينية غربية، سواء حريدية أو تابعة للمتدينين القوميين؛ لذا لم يجد اليهود المتدينون الشرقيون بداً من إرسال أولادهم إلى هذه الأطر التعليمية القائمة، وتحديداً للمؤسسات التعليمية التابعة للتيار الحريدي الليتائي. فقد كان الشرقيون حريصين من خلال دفع أبنائهم للتوجه لهذه المؤسسات، على غرس القيم وأساليب الحياة الدينية التقليدية والانعزال عن المجتمع، سيما في ظل محاولات المؤسسة الحاكمة اجتثاث الثقافة الشرقية. ولقد أثبت الكثير من الطلاب الشرقيين أنفسهم، وأصبحوا حاخامات ومرجعيات دينية مرموقة، لكن ومع النجاحات التي حققوها إلا إنهم عانوا هناك – أيضاً - من التمييز والتفرقة على أسس إثنية، كما أجبر الحاخامات والمرجعيات الدينية الشرقية على الخضوع بشكل مطلق لتعليمات المرجعيات الدينية الغربية . وقد مثل الحاخامات الشرقيون نواة الحريدية الشرقية التي خرجت من تحت عباءة الحريدية الغربية وانفصلت عنها في النهاية. ولم تتحول الحريدية الشرقية إلى قوة سياسية إلا بعد تفجر الخلافات بين مرجعيات الحريدية الغربية ذاتها، وتحديداً بين الحاخام شاخ زعيم التيار الليتائي الذي كانت الحريدية الشرقية تخضع له، والحاخام مغور زعيم التيار الحسيدي، مما أدى إلى خروج الحاخام شاخ من "مجلس حكماء التوراة" الذي كان يوحد الليتائيين والحسيدين. ومن أجل توظيف ولاء الحاخامات الشرقيين له في بناء قوة سياسية، أوعز الحاخام شاخ عام 1983 للحاخام عفوديا يوسيف  أكبر مرجعيات الحريدية الشرقية بتشكيل قائمة حزبية دينية لتتنافس في انتخابات عام 1984، وشكل الحاخام يوسيف حركة "شاس". ويمثل مصطلح "شاس" اختصاراً لـ "إيحود سفارديم شومري توراة" (اتحاد الشرقيين المحافظين على التوراة)، لتمثل الحريدية الشرقية، حيث خاضت الحركة الانتخابات لأول مرة عام 1984 وفازت بأربعة مقاعد. لم تثر مشاركة حركة "شاس" في الانتخابات والإنجازات التي حققتها ردة فعل كبيرة في المجتمع الإسرائيلي، مع أن مشاركتها في الانتخابات أدت إلى خفض قوة التيار الحريدي الغربي بشكل واضح، بحيث انخفض تمثيل "ايجودات يسرائيل" من أربعة مقاعد إلى مقعدين. وقد نظر إلى انضمام "شاس" للخارطة الحزبية الإسرائيلية في البداية على أنه مجرد إضافة حركة حريدية جديدة بثوب شرقي، ولم يتوقع أحد أن تتحول هذه الحركة إلى قوة سياسية ذات حضور قوي وتأثير بالغ على دوائر صنع القرار. وفي انتخابات عام 1988 زاد تمثيل حركة "شاس" إذ قفز تمثيلها من أربعة مقاعد إلى ستة مقاعد، وإثر هذه الانتخابات حدث الانفصال لأول مرة بين الحريدية الشرقية ممثلة في حركة شاس، والحريدية الغربية ممثلة في التيار الليتائي بقيادة الحاخام شاخ، إذ رفض الحاخام عفوديا يوسيف تعليمات الحاخام شاخ بانضمام "شاس" لحكومة اليمين، وقد مثل تمرد يوسيف على إرادة شاخ نقطة تحول فارقة في تاريخ حركة "شاس" والحريدية الشرقية بشكل عام، إذ شكلت "شاس" مرجعية دينية خاصة بها، تضم عدداً من كبار الحاخامات الشرقيين بزعامة الحاخام يوسيف، وقد أطلق على هذه المرجعية "مجلس كبار حكماء التوراة"، وعلى الرغم من وجود هذا المجلس، إلا أن الحاخام يوسيف ظل صاحب القول الفصل. ومنذ العام 1984 ظلت حركة "شاس" شريكاً أساسياً في جميع الحكومات الإسرائيلية باستثناء حكومة شارون الثانية (2003-2006). ومنذ مشاركتها في الانتخابات لأول مرة عام 1984 وحتى العام 2009 كان أقل عدد من المقاعد التي حصلت عليه الحركة أربعة مقاعد وذلك عام 1984، وأكبر عدد كان 17 مقعداً وذلك عام 1999، وتملك "شاس" حالياً 7 مقعداً في البرلمان وتحتفظ بثلاث حقائب وزارية، أهمها وزارة الداخلية، التي عاد إليها زعيم الحركة أرييه درعي. ولا يترجم نفوذ "شاس" كممثلة للحريدية الشرقية في الحكومة فقط من خلال عدد الحقائب الوازارية التي تديرها، بل بفرضها العديد من المواقف على الحكومة من خلال البرنامج العام لها، سيما في كل ما يتعلق بالمخصصات المالية والتأثير على طابع العلاقة بين الدين والدولة، ناهيك عن تأثيرها في إعادة صياغة النخبة الإسرائيلية من خلال أغراق الوزارات التي تسيطر عليها بعدد كبير من كبار الموظفين. المفارقة أن جميع ممثلي شاس في هذه الوزارات مزودين بتعليم ديني فقط ويكاد جميعهم لا يملك شهادة الثانوية العامة والتي يقابلها في إسرائيل شهادة "البجروت"

المصدر موقع د. صالح النعامي




- انشر الخبر -