في آخر زيارة له طلب شادي من والدته مصحف وشراب التمر الهندي الذي تعود على وجوده على مائدة الإفطار كل رمضان، شادي أخبر والدته أنه يستعد للصيام في سجنه، وعبثا حاولت الوالدة قبل يوم من الشهر الفضيل وخلال الأيام الأولى لرمضان الحديث معه تلفونيا إلا أن إدارة "المصلحة" التي يحتجز بها رفضت ذلك.
تقول فريهان فراح والدة شادي:" لا أعرف شيئا عنه تمكنت ن زيارته قبل أسبوع من رمضان، ورفضوا السماح لي بالإتصال به بمناسبة الشهر الفضيل".
وشادي فراح ليس كأي أسير، فهو أصغر الأسرى في سجون الإحتلال فهو الطفل الذي لم يتجاوز عمره 12 عاما بعد، إلا أن سلطات الإحتلال تعامله كأسير بالغ وأكثر من ذلك، كما تقول الوالدة، فكونه يحمل الهوية المقدسية يعامل بتشدد أكثر من أي أشير آخر.
وكان شادي قد أعتقل مع صديقه أحمد الزعتري (13 عاما) في الـ29 من ديسمبر/كانون الأول 2015 بتهمة حيازة سكاكين في منطقة قريبة من باب العامود وسط القدس المحتلة، ونيته القيام بعملية طعن، وحول بعد التحقيق وسلسلة من الجلسات المحكمة إلى مركز لاحتجاز الأحداث في مدينة طمرة بالداخل المحتل عام 1948، ومنذ ذلك الحين وهو يحتجز فيه.
معتقل في مركز احتجاز الأحداث وجميع الموحدين داخل المركز اكبر منه عمراً ومحتجزين على قضايا جنائية خطيرة
تقول الوالدة:" لم يراعوا كونه طفلا وتم تحويله لمركز احتجاز الأحداث وجميعهم أكبر منه عمرا، ومحتجزين على قضايا جرائم وسرقات ومخدرات، ودون مراعاه لتهمته ولحالته النفسية".
ومنذ الأول من رمضان تعيش والدة شادي على قلق دائم على طفلها الذي قطعت أخباره، تقول أنها لا تعرف عنه شيئا كيف يصوم وماذا يفطر ومن يقوم على سحوره، وخاصة إن معظم من معه لا يصومون.
وتمنع والدة شادي من زيارته إلا كل ثلاث أشهر بحجة حملها الهوية الضفة الغربية، بينما يسمح لوالده من زيارته كل 15 يوما:" الصليب الأحمر لا يعترف بشادي أسير أمنيا، لذا لا يسمح لي بزيارته إلا كل ثلاث أشهر والإتصال به كل أسبوعين مرة لمدة عشرة دقائق فقط".
وإلى جانب المنع من الزيارة لفترة طويلة، تقوم العائلة بزيارته على نفقتها الخاصة وليس من خلال الصليب الأحمر، وهو ما يكلفها تكاليف إضافية.
وبعد كل زيارة له تعود الوالدة محملة بكثير من الحزن والهم على طفلها الذي تركته ورائه، وعشرات الاسئلة في رأسها، كيف يقضي وقته وكيف يتعامل مع من معه، وماذا يؤكل؟. تقول:" أشعر أن شادي كبر ست سنوات وليس سته أشهر فقط خلل فترة إعتقاله، في كل زيارة له أشعر بمدى التغير الذي حصل على شخصيته، لقد فقدت شادي الطفل وأشعر أنني أتعامل مع شادي الشاب".
وفي أخر زيارة لها قبل أسبوع حملت الوالدة لشادي ألعابه التي تعود عليها ليتسلى بها خلال العطلة الصيفية إلا أنه رفض أستلامها وطلب منها أن تعيديها، قال لها " لقد كبرت على اللعب بهذه الألعاب".
ومنذ بدء انتفاضة الأقصى في 28سبتمبر/أيلول 2000، ولغاية اليوم، سُجلت أكثر من (90) ألف حالة اعتقال، بينهم أكثر من (11.000) طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشر، ونحو (1300) امرأة فلسطينية، وأكثر من (65) نائباً ووزيرا سابقا، وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة (25) ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.
ولم تقتصر تلك الإعتقالات على شريحة معينة أو فئة محددة، بل طالت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون تمييز، حيث شملت الأطفال والشبان والشيوخ والفتيات والأمهات والزوجات ومرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين ونوابا في المجلس التشريعي ووزراء سابقين وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وأدباء وصحفيين وكتاب وفنانين…