جاء شهر رمضان، وجاءت معه حلاوة صيامه في المسجد الأقصى المبارك، وأداء الصلاة في أروقته وساحاته، كما جاءت معه حلاوة وبهجة صلاة الجمعة، الممنوعة على أهلنا في غزة، وباتت أمنية لا تُطال، كما هي في الضفة الغربية إلا لمن هم فوق 45 عاما.
لا يختلف اثنان على أن المسجد الأقصى؛ بات مكبلا بكل أنواع السلاسل وألوان الحزن من قبل الاحتلال، وذلك بيّن وواضح من خلال منع رواده المصلين من الضفة الغربية من الصلاة فيه، ومنعه عن مليار ونصف من المسلمين.
منذ 49 عاما، وعام "النكسة"؛ يبكي المسجد الأقصى المبارك، لطول فترة أسره المتواصلة وحرمانه من رواده، وتبكي معه مدينة القدس -أرض الإسراء والمعراج- لشدة مصابها في شهر رمضان، دون أن تجد من تصيبه الحرقة والغيرة لمصابها والاكتفاء بالفرجة على هدم منازل المقدسيين وطردهم وسجنهم ونفيهم عن القدس المحتلة.
يتحسّر المصلون من أهالي الضفة الغربية على ما قبل عام 67؛ أيام زمان الجميلة، ويشتاقون لها كثيرا، أيام كان المسجد الأقصى مفتوحا طوال العام للصلاة فيه دون حواجز أو عوائق أو تفصيلات وممنوعات وتقسيمات للأعمار فوق الخمسين وتحت الخمسين، ودون القفز عن الجدار أو الجرح والاعتقال لتحقيق أمنية الصلاة في الأقصى.
الروحانيات الجميلة، ولذة العبادة، والنفحات الإيمانية في باحات المسجد الأقصى، باتت بحاجة لتصريح لها من قبل سلطات الاحتلال، والتصريح مؤقت بحسب مزاج ضباط المخابرات وتقديراتهم القائمة على أمن مزعوم كله هوس غير موجود على أرض الواقع.
برغم القوانين والمواثيق الدولية التي لا تجيز المسّ بحرية العبادة تحت أي حجة كانت، إلا أن تذوق حلاوة الإيمان، والتنعم بهدوء النفس والروح في باحات المسجد الأقصى، بات أمنية وحلمًا لا يتحقق، وأمرًا لا يطاله أكثر من مليار ونصف من المسلمين.
في شهر رمضان الفضيل؛ منظر عشرات آلاف المصلين يملؤون باحات المسجد الأقصى، ويصطفون بسلاسة ورتابة ونظام دقيق، برغم توجيه مئات البنادق نحو صدروهم، يغيظ الاحتلال، بالمقابل فإن إغاظة الاحتلال وإن كانت مطلوبة إلا أنها ليست كافية؛ فالمطلوب الخلاص النهائي من المحتل الغاصب وكنسه لمزابل التاريخ.
من يدخل المسجد الأقصى؛ يفخر بفلسطينيي الـ 48 الذين برغم محاولات "الأسرلة" والصهر؛ يشدون الرحال للأقصى ويحمونه ويفدونه بالروح والمال، ويملؤون جنباته وأروقته رغم أنف جنود الاحتلال المدججين بالسلاح.
أهالي القدس يشعرون بنوع من المؤازرة في رباطهم وحمايتهم للقدس، عندما يرون ما يؤازرهم من فلسطينيي الـ 48 وهم يتكبدون المخاطر لزيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى المبارك؛ وهو مما يغيظ الاحتلال ويملؤه قهرا.
الصوم يكون أكثر أجرا، ولو بأضعف الإيمان عبر الدعاء بالصبر والثبات لأهالي القدس، وتسليط الأضواء على معاناتهم، من تهويد للمقدسات، وتهجير وطرد، وهدم للمنازل، وملاحقة حتى أطفالهم وسجنهم.
يتمنى المصلون القليلون من الضفة الذي يسمح لهم الاحتلال بزيارة القدس المحتلة، ألا يتعرضوا للتفتيش والإهانة والحطّ من الكرامة والسير تحت ظلال أعلام الاحتلال المستفزة فوق أسوار القدس العتيقة، وهذه الأمنية طال وقتها، وقد حان أوانها على يد قادة وجند مخلصين لله، همهم التخلص من الاحتلال وليس التعايش معه، ويعدون العدة لذلك؛ بمزيد من التسلح بالإيمان والعتاد والتجهيز لذلك، "ويرونه بعيدا ونراه قريبا".
المصدر المركز الفلسطيني للإعلام