(لا يشكر الله من لا يشكر الناس)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الشاكر العليم والشكور الحليم القائل: "بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ " الزمر (66)
وبعــد:
فقد انطوت ثلاثة أسابيع كاملة، لم تنقطع فيها وفود المواسين أولاً، ثم المعزين؛ بل المهنئين ثانياً؛ بسبب المحنة بل المنحة التي أزجاها ربنا تبارك وتعالى لنا، على أثر تعرض ولدنا اليافع لحادث سير طرحه في سرير العناية المكثفة، ثم اصطفاه خالقه على رأس ثمانية عشر ربيعاً، كان فيها هو وأشقاؤه قرةَ أعين لنا، ونرجو أن يجعلنا بوداعه للمتقين إماماً.
وبعد ثلاث ليالٍ سوياً من رحيله نجد لزاماً علينا أن نتوجه لربِّنا جلَّ وعلا بالحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، فإنكم إن تَعُدُّوا نعمة الله لا تحصوها، وما بكم من نعمةٍ فمن الله.
كما أننا نجد من الوفاء ببعض الواجب أن نتوجه للإخوة الذين غمرونا بكرمهم بالثناء الجميل والشكر الجزيل على موقفهم النبيل من الدقيقة الأُولى لوقوع الحادث، إلى أن انفضَّ بيت العزاء، أو مهرجان الابتهاج بالعطاء الجليل من رب الأرض والسماء الذي جاء في أجواء ذكرى الإسراء إلى أرض الأنبياء.
ونبدأ بتقبيل الأيدي الرحيمة لطاقم الإسعاف، وللجهاز الطبي الذين وقفوا على قدمٍ وساقٍ على مدار الساعة، لولا أنَّ قَدَرَ الله الغالب قد سبق باسترداد الوديعة للمنزلة الرفيعة، والدخول في عباد الله وفي جنته.
كما نُثَنِّي بتقبيل جباه الإخوة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقيادتها الرشيدة بجناحيها العسكري والسياسي طيلة هذه الفترة بالمشاركة الحاشدة، والمواساة، ثم بالتشييع، وبالزحوف تلقاء خيمة العزاء.
والشكر موصول للفصائل الفلسطينية وأجنحتها العسكرية، وللإخوة في الحكومة، والوزارات، والجامعات، والمؤسسات، والعائلات، ولعُمَّار المساجد الذي شَدُّوا الرِّحال إلينا من كل شبرٍ في القطاع يتوافدون بلا انقطاع.
وأخص بالشكر كثيراً من الشخصيات الاعتبارية، وكثيراً ممن بلغ من الكبر عِتَيَّاً فقد جاء بعضهم وهو يُهادى به بين اثنين من أبنائه، فقد نفروا ثقالاً، ثقَّل الله بذلك موازينهم القسط يوم القيامة.
ومن الجدير بالشكر الأخوات في الحركة النسائية اللائي وقفن يستقبلن ويودعن وفود الأخوات الآتيات من كل القرى والمدن والمحافظات ابتغاء الأجر ورفيع الدرجات.
ونتوجه بالشكر التمام لوسائل الإعلام الذين تفضَّلوا بتغطية الحدث، ومواكبة الجنازة، ولم ينقطعوا عن التواصل في المواقع ومجموعات الإعلام الجديد.
وإنه لمن الواجب الحتمي أن نشكر أبناء عائلتنا وعشيرتنا وجيراننا وأصهارنا وأصدقائنا الذين لم يفارقونا أبداً، وقاموا بأعباء استقبال الجموع، ومؤانستهم، وتقديم الضيافة الواجبة لهم.
والشكر موصول لكلِّ الذين شاركوا أو اتصلوا من الداخل والخارج، وبالأخص الإخوة في قيادة حماس في الخارج، وفي مقدمتهم أستاذنا العزيز أبو الوليد القائد خالد مشعل، وبعض المحبين من كرام شعوبنا العربية والإسلامية.
ولن يفوتنا الثناء على الشرطة الفلسطينية بأجنحتها العديدة، وبالأخص الإخوة في جهاز الأمن والحماية الذين رابطوا معنا طيلة أيام المهرجان الذي أشبه أعراس الشهادة.
ولا بُدَّ من تسجيل شكر خاص للإخوة في قيادة الدعوة بالمحافظة على توفير كل ما يلزم من نفقاتٍ وخدمات، ممَّا كان له عظيم الأثر في القيام ببعض الواجب تجاه المواسين؛ بل المؤانسين.
والأمل يغمرنا أن ننال العفو والصفح من الله أولاً، ثم من الإخوة الذين فاتنا التنويه بأشخاصهم، أو المؤسسات التي يُمَثِّلونها، وكذلك الإخوة الأحباب الذين فاتنا في زحمة الوفود أن نوفيهم ما يجب لهم من الشكر والترحاب.
ولعل من أهم ما يخفِّف المصاب أنه تزامن مع تخيير قيادتنا ومقاومتنا الاحتلال بين رفع الحصار أو انتظار الانفجار، وما عملية سقف الباص الطائر منهم ببعيد، لو كان فيهم رجل رشيد، ثم إن صمود أهلنا في الشام رغم محرقة أصحاب الأخدود يجعلنا مطمئنين إلى وعد الله الأكيد بمجيء نصر الله المجيد.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم
الأربعاء ذكرى الإسراء والمعراج 27/ رجب / 1437هـ
الموافق 4 / أيار (مايو) / 2016م
الكلمة بالفيديو
أبناء عائلة الأسطل
ووالد الفقيد الشيخ/
د.يونس الأسطل