حكم عقد المضاربة كما تجريه البنوك


تم النشر 16 إبريل 2016


عدد المشاهدات: 1871


السؤال:

ورد إلي سؤال من الجمعية الخيرية الإسلامية بالخليل يطلب إبداء الرأي حول عقد المضاربة أو الإقراض الذي يتعامل به البنك الإسلامي العربي، هل فيه ما يخالف الشريعة الإسلامية أم لا؟

الجواب:

بعد الاطلاع على نص العقد وشروطه تبين لي أن معظم ما ورد فيه من البنود والشروط مقبول باستثناء ما وقع في البند (9)، حيث اشترط البنك على المضارب أن يستوفي منه الأرباح المتوقعة مقدماً كدفعة على حساب الأرباح بحسب ما تقدره دراسة الجدوى، حيث تحسم من مبلغ المضاربة ابتداءً.

ويمكن إيضاح ذلك بالمثال الآتي:

إذا كانت قيمة المضاربة (100000) مائة ألف دولار مثلاً، وكانت الأرباح المتوقعة (20000) عشرون ألف دولار، وكان الاتفاق على تنصيف الأرباح بينهما؛ فإن حصة البنك فيها هي (10000) عشرة آلاف دولار، ويقوم البنك بحسمها من رأس مال المضاربة، فلا يتسلم المضارب منه إلا مبلغ (90000) تسعين ألف دولار.

الحكم الشرعي في هذا الشرط:

يعد العقد بهذه الصورة فاسداً غير صحيح؛ للأسباب الآتية:

1-   من شروط صحة المضاربة تسليم رأس المال كاملاً إلى المضارب؛ ليتمكن من التصرف فيه، وهذا العقد المطروح في البنك الإسلامي العربي لا يسلم كامل المبلغ إلى المضارب، إنما يأخذ منه حصته المتوقعة في الربح مقدماً، ويدفع إليه الباقي، ويترتب عليه أن يفوت البنك على المضارب استثمار تلك الحصة في الحصول على المزيد من الأرباح، فيتضرر المضارب دون البنك؛ لأن المصرف يقوم باستثمار تلك النسبة المقتطعة فوراً لصالحه.

2- إن هذا الشرط يجعل عقد المضاربة شبيهاً بعقود الإقراض الربوي؛ حيث إن المصارف الربوية تقوم بحسم فوائدها الربوية مقدماً، وتدفع إلى المقترض المبلغ المطلوب مطروحاً منه تلك الفوائد.

3- عد الفقهاء من الشروط المفسدة للعقود الشرط الذي فيه منفعة لأحد العاقدين دون الآخر، ولا شك أن اشتراط البنك على المضارب أن يقتطع من رأس مال المضاربة حصته المتوقعة في الربح فيه منفعة له دون المضارب، فيفسد العقد بهذا الشرط.

وقد سمعت من يقول: لماذا لا نجعل تلك النسبة التي يقتطعها البنك قرضاً من المضارب للبنك؟

وهذا التكييف الفقهي خطأ كبير؛ لأن المضارب لم يقرض؛ إنما قام البنك بمصادرة تلك النسبة ابتداءً؛ ولأنه إذا كان شرط المضاربة قيام المضارب بإقراض البنك؛ فقد أدخل عقدين في عقد واحد، وهو منهي عنه؛ لما رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة.

والله تعالى أعلم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

نصيحة واجبة

أنصح لإدارة البنك العربي الإسلامي أن يتقوا الله في معاملاتهم، وأن يلتزموا مضمون آية الشعار المرفوع فوق هامة عقد المضاربة من سورة الأنفال.

" يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون".  [الأنفال: 27]

خاصة وأن فساد عقد المضاربة المذكور ليس محصوراً في الملاحظة الوحيدة المتعلقة بالبند (9)، فهناك البند (ب) في المادة (8) التي تجعل توزيع الخسارة بحسب مشاركة كل فريق في رأس المال المخصص لعملية المضاربة، وهذا يخرج العقد عن كونه شركة مضاربة؛ لأن المضاربة يشترط فيها أن يكون رأس المال كله من فريق، والعمل من فريق آخر، وعندئذ فالخسارة كلها في رأس المال، ويكفي المضارب أنه خسر جهده، ما لم يثبت التعدي أو التقصير من جهته.

وقد سبق للبنك العربي أن أعلن عن عقد مشابه، وهو أن كل من وضع وديعة إلى أجل عنده بمبلغ معين – لا أذكره الآن – فإنه يقبض 5% من رأس المال أرباحاً مقدمة على حساب الربح النهائي، وهو لا يعدو أن يكون احتيالاً على الناس لاستلام أموالهم وإعطائهم 5% منها، والاستفادة من استثمار الباقي، مع أن الأرباح التي توزعها البنوك الإسلامية عامة لازالت تافهة لأسباب عديدة.




- انشر الخبر -