ينشغل قطاع غزة والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948م بأخبار مدٍّ بحري كبير قد يصيب السواحل الفلسطينية منتصف شهر إبريل الجاري بحسب بيانات شرطة الاحتلال التي استعدّت لهذا الحدث بسلسلة إجراءات احترازية عقب احتمالات راجحة بوقوع هزة أرضيةٍ مائية في الخامس عشر من الشهر الجاري، تبدأ من شواطئ قبرص وقد تصل تأثيراتها لعسقلان وأسدود وغزة"، متوقعةً أن "يكون مركز الهزة في جزيرة كريت اليونانية وتصل قوتها لـ 6.1 حسب مقياس ريختر".
ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المنطقة الساحلية الفلسطينية لهذا المد البحريّ؛ فقد تعرضت فلسطين في القرن الخامس الهجري وحده إلى ثلاثة ألسنة مدّية بحرية هائلة عقب زلازل قوية ضربت المنطقة، وقد وصلت مياه البحر إلى الرملة، كما انحسر البحر وانكشفت أرضيته قبل أن يرتدّ ثانية، وهذه لقطات توثيقية لهذه الأحداث مما ذكره المؤرخون:
1- كَثُرَتِ الزَّلَازِلُ بِمِصْرَ وَالشَّامِ في سنة 425 هـ، فَهَدَمَتْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَمَاتَ تَحْتَ الرَّدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْهَدَمَ مِنَ مدينة الرَّمْلَةِ ثُلُثُهَا، وَتَقَطَّعَ جَامِعُهَا تَقْطِيعًا، وَخَرَجَ أَهْلُهَا مِنْهَا، فَأَقَامُوا ظَاهِرَهَا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَكَنَ الْحَالُ فَعَادُوا إِلَيْهَا، وَسَقَطَ بَعْضُ حَائِطِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَوَقَعَ مِنْ مِحْرَابِ دَاوُدَ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ، وَمِنْ مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ في الخليل قِطْعَةٌ، وَسَلِمَتِ الْحُجْرَةُ، وَسَقَطَتْ مَنَارَةُ عَسْقَلَانَ وَرَأْسُ مَنَارَةِ غَزَّةَ وَسَقَطَ نِصْفُ بُنْيَانِ نَابُلُسَ وَخُسِفَ بِقَرْيَةٍ بِإِزَائِهَا وَبِأَهْلِهَا وَبَقَرِهَا وَغَنَمِهَا، وَسَاخَتْ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قُرًى كَثِيرَةٌ هُنَالِكَ.
2- وفي سَنَة 460 هـ وتحديداً فِي جُمَادَى الْأُولَى كَانَتْ زَلْزَلَةٌ بِأَرْضِ فِلَسْطِينَ أَهْلَكَتْ بَلَدَ الرَّمْلَةِ، ووصلت ارتجاعاتها إلى المدينة المنورة فَرَمَتْ شُرَّافَتَيْنِ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَحِقَتْ وَادِيَ الصَّفْرَاءِ وَخَيْبَرَ وَانْشَقَّتِ الْأَرْضُ عَنْ كُنُوزٍ مِنَ الْمَالِ، وَبَلَغَ حِسُّهَا إِلَى الرَّحْبَةِ وَالْكُوفَةِ، وَجَاءَ كِتَابُ بَعْضِ التُّجَّارِ فِي هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ يَقُولُ: إِنَّهَا خَسَفَتْ الرَّمْلَةَ جَمِيعًا حَتَّى لَمْ يَسْلَمْ مِنْهَا إِلَّا دَارَانِ فَقَطْ، وَهَلَكَ مِنْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ أَلْفَ نَسَمَةٍ، وَغَارَ الْبَحْرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، وَسَاخَ فِي الْأَرْضِ، وَظَهَرَ فِي مَكَانِ الْمَاءِ أَشْيَاءُ مِنْ جَوَاهِرَ وَغَيْرِهَا وَدَخَلَ النَّاسُ فِي أَرْضِهِ يَلْتَقِطُونَ فَرَجَعَ عَلَيْهِمْ فَأَهْلَكَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْهُمْ.
وحكي أن معلماً كان في مكتبه به قرابة مائتي صبي وقع المكتبُ عليهم فما سأل أحدٌ عنهم لهلاك أهليهم، وأن الماء طلع من أفواه الآبار لعظم الزلزلة، وهلك في بانياس من أرض الجولان تحت الردم نحو من مائة نفس، وكذلك في بيت المقدس.
3- وفي سنة 462 هـ وفي الساعات الأولى ليَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، وَهُوَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ آذَارَ مارس كانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِالرَّمْلَةِ وقراها فَذَهَبَ أَكْثَرُهَا وَانْهَدَمَ سُورُهَا، وَعَمَّ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَتِنِّيسَ، وَانْخَسَفَتْ أَيْلَةُ ( قرب العقبة)، وانحسر الْبَحْرُ حَتَّى انْكَشَفَتْ أَرْضُهُ وَمَشَى نَاسٌ فِيهِ ثُمَّ عَادَ، وَتَغَيَّرَتْ إِحْدَى زَوَايَا جَامِعِ مِصْرَ، وَتَبِعَتْ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ فِي سَاعَتِهَا زَلْزَلَتَانِ أُخْرَيَانِ.