مأساة راشيل كوري وهدم المنازل في رفح
بقلم الأستاذ يحيى الأسطل
في السادس عشر من شهر مارس قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل الناشطة الأمريكية راشيل كوري التي جاءت متضامنة مع الشعب الفلسطيني ضد سياسة هدم وتجريف المنازل وقد سالت قريحة شاعرنا الأستاذ يحيى بهذه الأبيات التي نضعها بين أيديكم آملين أن تنال إعجابكم
عضي على الجرح لا تستصرخي رفحُ *** لا تستغيثي بمن إن قرروا نبحوا
واستلهمي الصبر فالأهوال هائجةٌ *** والريح عاتية تذرو وتكتسح
ما للعويل مكانٌ بين أضلعنا *** إن لم يلد حمماً في البغي تُقتدَحُ
فالحزنُ إنْ قيَّد الخطواتِ مُرتفضٌ*** والحزن إن أشعل الساحات يُمتدَحُ
فينا شموخٌ من الإيمان نرضعهُ *** من شرع أحمد والصحب الألى صلحوا
عن هؤلاء تعلمنا مبادِءَنا *** لولا المبادئ ما سادو ولا نجحوا
فلَنصبرنَّ على البلوى وإن عظمت *** إن الشدائد تعتو ثم تنفسحُ
هذا الكيان غشومٌ منذ مولده *** مذ حلَّ في الشرقِ حلَّ الموتُ والترحُ
أعداؤنا بالذي في طبعهم فعلوا *** فلا غرابةَ إن أشفَوْا إذا ذبحوا
إن مزقوا الطفلَ أشلاءً فَدَيْدَنُهُم *** أن يأكلوا الدمَّ مخبوزاً إذا فَصِحوا (1)
هلا رأيتم أبا السبعين محتجزاً *** يَهوِي من الركل تارات ويَنْبَطِحُ
هل في الخليقةِ أوغادٌ كمن قتلوا *** ذاتَ المخاضِ على المخناقِ(2) ما فتحوا
كادوا لهتلرَ زعماً وهو مرشدهم *** عاجوا لموردِهِ من ظلمهِ مَتَحوا (3)
هل في البرية ساديون(4) مثلهم *** إن أوقعوا الظلم في أغيارهم فرحوا
يكفي دليلاً على الإجرام ما لَقِيَتْ *** تلك الفتاةُ التي من أجلِها فضحوا
راشيلُ كُوري من الأَمْرِيكِ مَنْبَتُها *** من فتية ضد بنتاجونهم سبحوا
مالوا إلى الحق واصطفُّوا لنُصْرَتهِ *** يا حسنَ ما فعلوا مَرْحاً لما طَمِحوا
جاؤوا فلسطينَ مرتادينَ فانكَشفتْ *** لهم مَظالمُ تُعْيِيهم إذا شَرَحوا
قد عايَنوا الجندَ في أطفالِنا طَفِقوا *** قتلاً وأسراً وكم من غَضِّهِم جَرَحوا
هدمُ البيوتِ وقتلُ الناسِ يُسعدهم *** يا وَيْحُ, كم خرَّبوا منها وكم كَسَحوا
صارَ الألوفُ بلا مأْوىً يظللهمْ *** حَلُّوا العراءَ ومن أَجوائهِ لُفِحوا
راشيلُ حالتْ دُوَيْنَ الهدمِ فانْسَحَقَتْ *** تحت الجنازير عمداً داسها الوَقِحُ
ضَحَّتْ ِلأَجْلِ بَنِي الإنسانِ في وَطَنٍ*** أضحى كما السجنِ حُرِّيَّاتِهِ كَبَحُوا
راشيلُ موتُكِ آياتٌ لِمَنْ جَهِلُوا *** أن اليهودَ بما في صدرهم نضحُوا
أنتِ الشهيدةُ قد أرداكِ من مَقَتُوا *** عيسى اليسوعَ وفي إنجيلهِ قدحُوا
العدلُ أختاه يُرجَى من مَظِنَّتِهِ*** لا يُطلبُ العدلُ ممن عنه قد جمحوا
لو كان للعدلِ أركانٌ لهدَّمها *** بغيُ اليهودِ وغالوا العدلَ إن لمحوا
فليفرحِ الغربُ بالشرِّ الذي صنعوا *** وليربحوا من بني صهيون ما ربحوا
ولْيعلمِ الغربُ مهما قدَّموا مدداً *** إلى اليهودِ وأَحيوْهم بما منحوا
أنَّ العِراكَ طويلٌ معْ صنيعَتِهمْ *** حتى التحررِ واسترجاعِ من نزحوا