الزاد اليومي


تم النشر 13 مارس 2016


عدد المشاهدات: 1786


بوح القلم

تأملات في النفس والكون والواقع والحياة

"الزاد اليومي"

 

مع بزوغ فجر كل يوم تتوجه العوالم كلها للسَّعْي والعمل، والكَدْح والكَسْب، والإنتاج والإنجاز؛ لتوفير أسباب الحياة ومُقوِّمات البقاء؛ ﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾ [النبأ: 11].

 

في نهاية اليوم ومع غروب الشمس تَؤُوب الخلائق إلى بيوتها ومساكنها؛ للنوم والراحة، والسُّبات والسكينة؛ ﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ﴾ [النبأ: 9، 10].

 

يعيش المسلم في مسيرته الدنيوية وَفْق السنن الإلهية، والنواميس الكونية، التي تنظِّم حياته، وتضبط حركاته، وتوجِّه أفعاله، وتحدد مصيره، بما يضمن له السرور والسعادة والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.

 

تتميَّز البرمجة اليومية واللحظات الحياتية للمسلم بالتصورات والأحوال التالية:

١- الاتصال الدائم بالخالق؛ بالمحافظة على الصَّلوات المكتوبة؛ لكونها عنوانَ الضبط، وسِمةَ التقرب.

٢- سلامة القصد وصلاح النية في كافة الأعمال الدينية والدنيوية.

٣- التنوع والتعدُّد في الأعمال التعبُّدية؛ (صلاة، صيام، صدقة، صلة، ذِكر، دعاء، تلاوة، زيارة... ).

٤- صِدق التوبة وحسن الأوبة عند حدوث الخطأ ومقاربة الزلل.

٥- التبرؤ من الحَوْل والقوة، والتجردُ من العُجب والغرور، والخوفُ من الرياء والسمعة.

٦- استشعار الأنس واللذة في كافة الأزمنة والأمكنة، والأوضاع والأحوال.

٧- استثمار الأوقات الفاضلة والأماكن المباركة للاستزادة من الخير ومضاعفة الأجر.

٨- الفَهم الكامل والتصور الشامل لمعنى التألُّه وحقيقة التعبُّد.

٩- الحرص على نشر الخير، وبذلِ المعروف، ودعوة الناس، وغوث الخلق.

١٠- التأثير على مَن حَوْلَه بالقُدوة العمليَّة والأُسوة الخُلُقيَّة.

 

هذه الوضعية اليومية وتلك البرمجة الوقتية تمثِّل زادًا مُتدفِّقًا، وقُوتًا مُتواصِلًا، يُنقِذ الفرد من سطوة المادة، وسلطة الجسد، وجاذبية الأرض، وسيطرة الغفلة، ويسمو بالإنسان إلى عالم اللذة، وفضاء الأنس، وسماء الطُّمأنينة، وعرش الصلة، وشرف الولاية، وسَنَاء القربة.

 

ومضة: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: ((فمن تَبِع منكم اليومَ جنازةً؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: ((فمَن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: ((فمن عادَ منكم اليوم مريضا؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اجتمَعْنَ في امرئٍ إلا دخل الجنة))؛ [رواه مسلم].


 



- انشر الخبر -