الشهيد المجاهد / محمد فراس الاسطل
هُمْ رجالُ الإسلام.. دعوةٌ وجهاد.. لا تَهمهمُ الصعابُ ولا المعيقات.. لا تُؤثر بِهِمُ الشدائد.. عَمَلُهُم خالصٌ لله.. يَسِيْرُونَ بخطواتٍ واثقةٍ نَحْوَ النصرِ والتحرير.. تَرَاهُم رُكعاً سُجَّداً.. تَجِدُهم في كُلِّ الميادينِ والساحات.. يَبْذُلُونَ أغلى ما يملكونَ في سبيل اللهِ تعالى.. يَحْرصونَ على رضا ربِّ العالمينَ عليهم.. قُلُوبُهُم مُعلقةٌ بالله.. هُم كثرٌ وأفعالهمْ تتكلمُ عنهم..
الميلاد والنشأة :
أشرقَ نُورُ شهيدنا محمد فراس الأسطل في العشرينَ من شهرِ أبريلَ لعامِ 1989م ، وكانَ الابنَ الأكبرَ لوالديه ، نَشَأَ وتَرَعْرَعَ في أُسرةٍ إسلاميةٍ مُحافظةٍ ربَّتْهُ على حُبِّ الدِّينَ والوطن .
تميَّزَ أبو فراسٍ بصفاتٍ كريمةٍ كثيرة، منها التواضُعُ والنَّخْوَةُ ، فلم يَكُنْ يرفُضُ طلباً لأحدٍ حتَّى في أشدِّ الظروف ، وتَحَلَّى أيضاً بالمرح فكانت الابتسامةُ لا تُفارقُ شَفَتَيه ، وتَخَلَّقَ بُحسنِ الخُلُقِ عُموماً مَعَ الجميع ، فكانَ محبوباً مِنْ كُلِّ من يلقاه ، كما تميَّزَ بجمالِ خَطِّهِ على الجُدران .
وأكثرُ ما كانَ يُميِّزُ شهيدنا الجُرأةُ والشجاعةُ فكانَ لا يعرفُ الخوفَ منذُ صغرهِ وحتى استشهاده ، كما كانَ مُحبِّاً للعملِ الجهادي والعسكري بشكلٍ كبير .
العمل الدعوي :
إلتزمَ أبو فراسٍ في العملِ الدَّعوي ولَمْ يتجاوز عُمْرَ العشرةِ أعوامٍ حيثُ التحقَ بأشبالِ المسجدِ الكبير ثمَّ انتقلَ لمسجدِ خليل الرحمنِ بحي المحطة فورَ افتتاحه للصَّلاة فيه ، وعمل فيه مُحفِّظاً لكتاب الله تعالى ، وكان ضمن فرقةِ النَّشيدِ الإسلاميِّ فيه ، ولم يدَّخر جُهداً في حلِّ المشاكلِ والإصلاحِ بينَ المُتخاصمين من رفاقهِ واصدقاءه .
وكانَ رحمهُ اللهُ يُشارِكُ إخوانَهُ في حراسةِ المسجدِ والمَبِيْتِ فيه ، وكانَ في آخر أيامه لا يُفارِقُ المسجد ، حيثُ لقَّبَهُ إخاونُهُ بـ "حمامة المسجد" نظراً لملازمته إيَّاه ، وكان عندما يطلبُ منه بعضُ أصدقاءهِ الذهابَ للبيتِ لمراجعةِ دُروسهِ استعداداً لامتحانات الثانويةِ العامةِ يَرُدُّ عليهم قائلاً " "لا أستطيعُ أنْ أُذَاكِرَ إلَّا في المسجد" .
لقد أدمَيتَ قلوبَ مُحبِّيكَ با أبا فراس برحيلك عَنْ هذه الدُّنيا ، فلقد كُنتَ رجلاً في زمان الذلةِ والهَوان ، فيا حاملَ القُرآن اهنأ في جنانِ خلدٍ معَ أحبابكَ الشهداء ، تَسرَحُ وتمرحُ في جناتٍ ونَهَرٍ في مقعدِ صِدقٍ عندَ مليكٍ مقتدر .
العمل الجهادي :
نشأ شهيدنا علي حب الجهاد والاستشهاد ، فتشرب حب الله وحب الوطن ، وكان ذلك حافزا بأن يلتحق في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس ، ويتربى على النهج الإسلامي الطاهر منذ نعومة أظفاره .
كانَ أبوفراسٍ رحمه اللهُ مُحِبَّاً للجهادِ والشَّهادةِ في سبيل الله ، فقد عُرف عَنْهُ أنَّهُ كانَ يُكثِرُ الحديثَ عن الشهادة وعن الحور العين ، وقد كان أبو فراس يُلازمُ المرابطين ويُلبِّي طَلَبَاتِهم ، وكانَ أيضاً يتنقل بين محافظات قطاع غزة لزيارةِ المُجاهدينَ مِنْ رفح حتى بيت حانون ، وقد كان شهيدُنا يَتوقُ للإنضمام للعملِ العسكري حيث كان يُهيئُ نفسه لذلك من خلال التدربِ وتقويةِ جسده ، وقد انضم شهيدنا لجهازِ الأمنِ العام قبل استشهاده بفترةٍ بسيطة .
وبعد أن رأى شهيدنا –رحمه الله- الظلم الذين حل بأبناء شعبه على أيدي الصهاينة الجبناء ، تاقت نفسه للجهاد في سبيل الله أكثر فأكثر ودفع الظلم عن أهله وشعبه ، ما جَعَله حريصاً على الالتحاق بكتائب الشهيد عزالدين القسام ؛ لكن الشهادة حالت دُون ذلك ، ونسأل الله أن يكون قد حاز أجر الشهداء .
موعد مع الشهادة :
وفي الثالثَ عشر من يونيو عام 2007 كانَ أبو فراس على موعدٍ مع الحور العين ، حيث استُشهدَ مُتأثِّراً بجراحٍ أُصيبَ بها وهُو على باب المسجد ، بعد أداءه لصلاة الظهر ، في اليوم الذي كُنِسَ فيه أذنابُ الاحتلال من قطاعنا الحبيب .
لقدْ بكتكَ المآذنُ يا مُحمَّد وكيف لا تَبْكِيكَ وأنتَ الذي كُنتَ تُلبِّي دعوتها عِندَ كُلِّ صلاة ، وتُسارِعُ الى الصفوف الأولى في المسجد ، وتتلو آياتِ القرآن ِوتُسبِّحُ باسم ربِّك الرحمن ، وتُربِّي الأجيالَ على حُبِّ الجهادِ وطاعة الله عز وجل .
فهنيئاً لمن تربَّعت أرواحُهُم على موائدِ القُرآن