حوار–(داليا جربوع)
حصلت المعلمة حنان الحروب والتي تدرس في مدرسة بنات سميحة خليل بمحافظة رام الله والبيرة على مرتبة متقدمة ضمن أفضل 10 معلمين في العالم، والتي تقدمها مؤسسة “فاركي فاونديشن” العالمية المختصة في تبني مبادرات التعلم في بريطانيا.
حصول المعلمة الحروب على هذه المرتبة سيؤهلها لتكون مرشحة للحصول على جائزة أفضل معلمة على وجه الأرض والتي ستعلن نتائجها لاحقا من قبل المؤسسة.
وكانت الحروب من بين الفائزين بمسابقة أفضل خمسين معلم على مستوى العالم، قبل أن تصل إلى التصفيات النهائية من ثم ستنافس على أفضل معلم أو معلمة في العالم.
وشاركت الحروب ضمن ١١ معلما فلسطينياً تم ترشيحهم من قبل مديرات ووزارة التربية والتعليم العالي للمنافسة بهذه المسابقة التي شارك فيها نحو 8000 معلم ومعلمة من مختلف أنحاء العالم.
وحصلت الحروب على هذه المرتبة عن مبادرة تقدمت بها تقوم على تبني شعار “لا للعنف في التعليم” للمراحل الأولى، وأضافت إليها تقنيات اللعب والمشاركة لتحقيق هذا الشعار باستهداف طلاب الصف الثاني الأساسي في مدرسة سميحة خليل في البيرة.
وتشجيعا على التميز واظهار هذا الابداع التقت اذاعة صوت التعليم مع المعلمة الحروب عبر برنامج “هن” وإليكم نص الحوار
-من هي حنان الحروب ؟
لم تعتبر حنان نفسها يوما معلمة فقط بل هي أم ومرشدة ومربية لكل طفل يدرس في صفها تحركها تجاهه مشاعر الأمومة بالدرجة الأول فتقول” حنان معلمة للصف الثاني الاساسي في مدرسة بنات سميحة خليل التابعة لمديرية تربية رام الله والبيرة قضيت 7 سنوات في سلك التعليم ومنذ اليوم الاول حملت شعار الحد من العنف عن طريق اللعب , شعار امنت به وطورته وعملت على اقناع المحيط به من تربويين واولياء امور وغيرهم من خلال نتاجاته واثاره على سلوك الطلبة وتحصيلهم الدراسي.استطعت بالفعل تغيير سلوكيات غير مرغوبة للطفل منشأها المحيط الذي يعيشه والذي يحمل مظاهر للعنف سببها الاحتلال تلاحظها اعين الاطفال بشكل مباشر وغير مباشر وهي مظاهر بالكاد يتحملها الكبار تركت اثرا واضحا في سلوك اطفالنا وتعتبر عائق لنا كمعلمين . اهيئ لطلابي دائما بيئة صفية امنة فيها امن وثقة بيئة جاذبة فيها مرح يعيش فيها الطفل طفولته التي حرم منها وابني معهم جسور احترام همي الاول هو الطفل الفلسطيني اريد ان يتعلم الطفل وهو فرح وسعيد .”
-أبناء فلسطين يولدون كبارا
ربما يكون القدر أحيانا هو من يقودنا إلى طريق النجاح وتحقيق الانجازات على الأرض وهذا بالفعل ما حدث لحنان التي كانت ظروفها نقطة التحول في حياتها على حد قولها ” حنان لم تعش طفولتها يوما ما فانا ابنة مخيم الدهيشة ومدينة البيرة انا خليط المخيم والقرية والمدينة وابناء المخيمات دائما تفرض عليهم الظروف ان يولدوا كبارا. في الانتفاضة الثانية تعرضت اسرتي لإطلاق الرصاص من جنود الاحتلال فرات اعين اطفالي والدهم وهو مصاب هذه الصورة القاتمة رسخت في اذهانهم واثرت على سلوكهم وتأثيرهم الدراسي ومن هنا بدأت رسالتي الحقيقة فقررت تغيير اختصاصي الجامعي الى التعليم الاساسي لان اطفالي وجدوا من يساندهم ويحاول اخراجهم من دائرة العنف التي يعيشونها لكن ليس كل طفل فلسطيني سيجد هذا الدعم ومن هنا قررت اكون معلمة وإما لأطفال فلسطين”.
-قصة الرحلة إلى العالمية
حصرت الحروب ومنذ اللحظة التي قررت فيها أن تكون معلمة على الإبداع والتميز وإحداث التغيير فبذلت مجهودا تكلل بوصولها إلى العالمية بعد رحلة تصفها بالشاقة ” في شهر ديسمبر الماضي ارسلت الوزارة اشعارات لمديريات بضرورة ترشيح معلمين متميزين ضمن معايير محددة ومنهجية واضحة لها تأثير على الطالب والمحيط والمجتمع المحلي بعد الاعلان عن المسابقة في العالم فقامت المديريات بترشيحنا واجتمعنا في مقر الوزارة وتم شرح فكرة المسابقة لنا والية التقدم لها وبالفعل تقدمنا بطلبات وبدأت الرحلة حيث تقدم 11 معلم ومعلمة وهناك من تقدموا بطريقة منفصلة ليس عن طريق الوزارة امثال المعلم القدير جودت صيصان وكنا ننافس مع اكثر من 8000 معلم من العالم و في مرحلة ترشيح افضل 50 معلم من العالم حصلت فلسطين على 3 مراكز منها (حنان الحروب- فداء زعتر- وجودت صيصان) وكان معنا معلمة اردنية نحن الاربعة نمثل الوطن العربي ثم توج كل ذلك بوصول حنان الحروب الى مرحلة افضل 10 معلمين (Top 10 Finalist) وهو ما اعتبره انتصار للمعلم الفلسطيني وليس فقط لحنان” .
-التصفيات النهائية
اختيارها كواحدة من أفضل 10 معلمين لم يكن النهاية بل لا زالت الفرصة أمامها مفتوحة للتربع على العرش فتتابع بالقول “في المرحلة النهائية سينافس المعلمين العشرة على لقب المعلم الاول في العالم وسيتم الاعلان عن المعلم الفائز في 13 اذار القادم في مؤتمر القمة وبحضور رؤساء دول ووزراء تعليم من العالم. تتويج المعلم المتميز سيتم بعد سلسلة من التقييمات من قبل لجان التقييم نحن دخلنا مرحلة التقييم من قبل لجان متخصصة تضم اكثر من 70 شخصية من جميع التخصصات منهم علماء وادباء وفنانون ورياضيون وصحافيون وتربويون حملة جوائز الأوسكار ونوبل للسلام” .
-حنان كتبت اسم فلسطين على خارطة العالم
– فرحة الفوز لم تكن فرحة اعتيادية فقد كان وقع الخبر غير متوقع لدرجة الشك…. ” عندما كنا في مرحلة 50 معلما كان الوصول.سهل فقد اسلو لنا رسالة مفادها اننا من المرشحين للمرحلة وربما قرات الرسالة اكثر من 7 مرات وانا لا اكاد اصدق ما ارى وطلبت من اطفالي وزوجي قراءة الرسالة حتى اتاكد من صحة الخبر وكان شعورا رائعا ان يتم اختيارك من بين 8000 معلم في العالم فالمنافسة كانت شديدة. اما في مرحلة اختيار افضل 10 معلمين فلم يتعاملوا معنا بنفس الالية وكنا نتكهن هل لا زال امامنا الفرصة ام لا وكنا ننتظر اللحظة النهائية. عندما بلغنا بالفوز صباح يوم 17 من فبراير كانت الفرحة مختلفة ولا توصف شعرت انني ادخلت الفرحة لقلوب الفلسطينيين جميعا في الوطن والشتات رأيت الفرحة بعيون الاطفال والشباب والشيوخ ربما يتوقع الجميع ان المعلمين فقط هم من يعنيهم الامر الا انني شعرت بفرحة الشعب الفلسطيني بكافة اطيافه, قيل لي من بعض الشخصيات : لنا سنوات طويلة من الكفاح والنضال ولم نستطع ان نكتب اسم فلسطين على خريطة العالم لكن اليوم حنان فعلت ذلك”.
-قطف الثمار
من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل …مقولتحققت للعنف.هاها مع حنان التي قطفت ثمار ما غرسته.. “اليوم قطفت ثمار ما آمنت به منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها تغيير اختصاصي الجامعي لأجله وهو الطفل الفلسطيني, أريد إن أراه يدرس وهو سعيد وهي مسؤولية عالية إن تمثل فلسطين الأسمى منا جميعا أنا ألان واجهة المعلم الفلسطيني للعالم ولم تقتصر مسؤوليتي على ذلك فقط فانا حريصة على أن تنشر منهجيتي في جميع أنحاء العالم وقد قمت بوضع خطط لتوظيف هذا الانجاز واستثماره” .
-مبادرة لا للعنف …نقلت الطالب من العنف إلى الإبداع –
المعلم قدوة لطلابه وهو القادر على إحداث التغيير المنشود في شخصية الطالب وسلوكه وكما يقال هذا الشبل من ذلك الأسد وهنا لم تكن المعلمة فقط هي الطموحة والمتميزة فالطالب في صف المعلمة حنان يرتقي بطموحاته كما أكدت لنا حنان ” تغيير سلوكيات الطفل ليس بالمر السهل الذي يأتي (بكبسة زر) بل هو أصعب تغيير أنا اشعر أنني بدأت بقطف الثمار عندما أرى استجابة من الطفل لمنهجيتي وبداية الاستجابة تكون عندما أرى الطفل يريد أن يشارك في اللعبة برغبة ملحة.. اذكر هنا قصة طالب جاءني في بداية العام ولديه مظاهر عنف لم أشاهد مثلها من قبل هو ليس فقط عنف بالضرب بل لديه رغبة في إيذاء الآخرين بصورة وحشية وفي البداية لم تتقبله المدرسة ولا أولياء الأمور وطالبو بنقله من الصف والمدرسة حتى المرشدة الاجتماعية رفعت الراية البيضاء معه وبالفعل تم رفع كتاب للمديرية لنقله وكنت شخصيا انأ اترك الصف لحظة واحده وأخاف تركه مع الطلبة خوفا من أن يؤذيهم . عندما جاءني والده رأيت الدموع في عينيه وقد شعرت به كأم وطلبت منه أن يعطيني شهرين حتى أحاول تغيير ما استطيع من سلوكه وهنا تكمن صعوبة الموقف فانا احتاج لمفتاح للدخول لنفسية الطفل والتعامل معه في البداية لم يكن يمر يوم بدون ما لايقبل عن 5 حالات عنف وبمجرد أن اصبحو 4 حالات في اليوم كنت اعتبره انجاز ثم بدا عدد الحالات يتناقص تدريجيا إلى حالة كل يومين ومع نهاية الفصل الدراسي وانتهاء الشهرين لم يكن هناك أي حالة عنف وهذا ما اعتبره جائزة كبرى . والسؤال الأهم هنا هو كيف تغير الطالب؟ وأنا هنا استخدم التعزيز وأحاكي فيه عقل الطالب أنا أتعامل مع طفل والطفولة سمتها اللعب والفرح فاستخدمت وسائل تعزيز مميزة لم يستخدمها احد قبل حنان من خلال العمل على المجموعات والعمل التعاوني ومن خلاله نستطيع تغيير سلوكيات الأنانية والذاتية والسيطرة والتشتت وأي سلوك غير مرغوب فيه من خلال المجموعات فان المتسابق الذي يمثل مجموعة إذا فاز تعزز المجموعة كاملة لأشعرهم جميعا بقيمة النجاح الجماعي وهنا يضطر الطالب لتغيير أي سلوك ترفضه المجموعة وتجعلهم يخسرون …أما عن وسائل التشجيع فالطالب في صف حنان الحروب لا يبحث عن البطاقات والنجوم وتعليق اسمه على لوحة الشرف أو أي من الطريق التقليدية اليوم طالب حنان الحروب عند الفوز يطلب زاوية القراءة أو المرسم أو كرسي المتميز ا وان يكون صحفي اليوم الذي سيقدم برنامج فكر واربح للصف الثاني.
-ما الذي يحتاجه الطفل الفلسطيني؟
تتمنى حنان أن تقدم للمجتمع قادة المستقبل وتبذل في سبيل تحقيق ذلك الغالي والنفيس ” الطفل يحتاج إلى الثقة و احترام عقله, طفلنا الفلسطيني عقله كبير وهو الاستثمار الحقيقي لنا مستقبلا وأنا عندما أتحدث مع طلابي أقول لهم انتم قادة المستقبل فأصبحوا يرددونها وأصبح لديهم شعور داخلي أنهم قادة المستقبل وهنا عندما أريد أن انتقد سلوك لديهم أقول: هل هذا سلوك يليق بقادة المستقبل ؟ فيرفض الجميع السلوك وبالتالي يضطر الطفل للتخلي عنه مباشرة. حنان في الصف ليست معلمة فقط بل أيضا مرشدة تربوية فانا ادرس نفسياتهم وأتعامل معهم بناء على احتياجاتهم وخصائصهم كل طالب لديه إبداع في نقطة معينة فقط أعطيه فرصة واكتشفه وقدم له المنهاج حسب نقاط قوته.
-كيف يكون معلمينا جميعا (حنان الحروب) ؟
حنان ليست فقط المعلمة المتميزة المخلصة التي تحلم لنفسها ولفلسطين وأطفالها فالمعلم الفلسطيني في نظرها يصبو للتميز والإبداع ” فلسطين ولادة المبدعين هناك الآلاف من حنان الحروب والكثير من المعلمين ننحني لهم احتراما فهم عظماء والدليل أن هناك 3 منهم وصلوا للتصفيات النهائية مع حنان لكنهم يحتاجون الثقة الاحترام والهيبة والراتب الذي يرقى لمستوى جهودهم المبذولة…اليوم المعلم الفلسطيني رغم ذلك يجيبنا ويقول ها أنا ذا وصلت للعالمية رغم ظروفي وأنافس معلمي العالم. حنان وغيرها من المعلمين يعدون وسائلهم من خامات بيئية بسيطة من خلال إعادة التدوير. اليوم أقول لان أي مجتمع نريد بناؤه يحتاج أساس سليم وإذا ما تخطيت المعلم فلن تبني مجتمع قوي ينافس المجتمعات الأخرى…المعلم هو القوة الحقيقية على الأرض. نحن نقوم بدور نضالي ..أنا أهب عملي خالصا لوجه الله تعالى أولا وللوطن ثانيا يحركنا انتمائنا الوطني راتبنا اليوم لا يقارن بالمجهود الذي نبذله بل نحن نخصص جزء منه لصفوفنا ووسائلنا وهذا دليل انتمائنا لوطننا وإيماننا بان هذه المهنة مهنة سامية وان المعلم هو الوحيد القادر على تحقيق التغير المنشود . تحسين نوعية المجتمع والأجيال القادمة هي مسؤولية المعلم وهو الوحيد العريضة.ى التحكم بنوعيتها واعتقد انه آن الأوان أن نقف وان نقول للمعلم أنت تستحق”.
-الطريق للتميز –
التميز والإبداع لا يأتي من فراغ بل هو محصلة العمل الدؤؤوب والمتواصل كما تقول حنان ” احرص على تطوير ذاتي فالشهادة الجامعية لا تكفي هي تعطينا فقط الخطوط العريضة . حنان قارئة جيدة ومتابعة لكل ما يحدث في العالم التحقت بالعديد من الدورات على حسابي الشخصي أنا لا انتظر فقط أن ترسل لي الوزارة لحضور دورة بل اذهب إليها بنفسي أي دورة تدعم فكرتي ومنهجيتي التحق بها أنا أيضا أتابع مواقع مختلفة في جميع أنحاء العالم خاصة تلك التي لها علاقة بفهم الجوانب النفسية للطفل وابحث دائما عن المعلومة”.
-ما بعد الفوز بالجائزة –
أحلامنا لا تقف عند عتبة معينة فطموحاتنا وأمالنا مستمرة طالما لا زلنا على قيد الحياة ووصول حنان للعالمية وبداية المشوار كما تتابع هي بالقول “أتمنى أن يستثمر هذا الانجاز من قبل الإعلاميين وصناع القرار كل حسب مسؤولياته لأنه ليس انتصارا لحنان بل هو لصالح الطالب والمجتمع وفلسطين . أسعى لتطبيق منهجيتي في العالم . سألني الكثير لو حصلت على المليون دولار قيمة الجائزة الكبرى فماذا أنت فاعلة؟ وأجبتهم بالقول: أريد أن أنشئ مراكز لتأهيل وتطوير مهارات وقدرات معلمي المرحلة الأساسية لان طفل اليوم هو لبنة البناء في المستقبل ويحتاج لمعلمين مؤهلين . وأهنئ مجتمعالجبارين”.نجاز الذي صنعته حنان ولكن الفوز للجميع أقول لكل فلسطيني ارفع راسك وأقول لكل معلم أنت تستحق وأتمنى أن أقدم للمجتمع قادة المستقبل وتاكدو أنني سأضعكم وسام على صدري أينما ذهبت وسكون المعلمة التي تشرفكم وتمثلكم خير تمثيل وأريد أن أقدم رسالة للعالم وأقول ..هذا هو شعب الجبارين” .