طفلٌ لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره.. تجده منذ اللحظات الأولى شارد الذهن.. جالساً على أريكة في حديقة منزله حيث الطبيعة وأصوات العصافير والأشجار المزدهرة.. يتفحص كُتبه وعلومهِ، فهو لا يقرأ من أجل العلم والامتحانات فقط ولكن أهدافه ومقاصده متعددة ومتنوعة أبهرت مدرسيه ومن حوله.
فصغر السن لم يقف عائقاً أمام ابداعه وذكائه، فقد تشبث الطفل "يوسف أبو شملة" بالمثل العربي الذي يقول "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" فتمعن في دراسة كتبه المدرسية خاصة كتاب العلوم الذي يحتوي على الكثير من الدروس العلمية التي تقوم على التفكير والتركيز.
يوسف أبدع باستخدام العلم وبذكاء عقله حتى شارك في مشروع "أيام العلوم" الذي أطلقته مدرسته الإعدادية ليتمكن خلال أقل من شهر من ابتكار ثلاثة أجهزة تساهم في الحد من الأزمات التي يعيشها أبناء قطاع غزة منذ سنوات.
"جهاز لصهر الحديد ولحم أجزائه ببعضها البعض بديلاً عن أسياخ اللحام، وجهاز أخر لشحن البطارية (بطارية اللدات أو بطارية الـ "ubs") وجهازٌ ثالث "لنفخ" إطارات الدرجات الهوائية والنارية".
جميع هذه الابتكارات لاقت اهتماماً كبيراً من المدرسين الذين سارعوا في تكريم الطفل يوسف على ما انتجه من أجهزة مفيدة وجميلة.
يوسف أكد لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية" أن جميع ابتكاراته تم انتاجها من "الخردة" حيث قام بإعادة تدويرها من جديد، فجهاز "صهر الحديد" عبارة عن ملف جهاز ميكرويف بداخله جهاز مغناطيسي وكابل كهربائي ما يؤدي إلى لحم الحديد ببعضه البعض.
أما جهاز شاحن البطارية فهو عبارة عن ملف راديو، بينما جهاز "نفخ الإطارات" عبارة عن "ماتور ثلاجة".
وقال الطفل يوسف: "عندما شاركت في مشروع "أيام العلوم" بالمدرسة بدأت أفكر بعمل شيء غريب وجديد يستفيد منه المجتمع، وقد وصلت لفكرة "جهاز صهر الحديد" عندما كنت أسير في الشارع وجدت صاحب ورشة حدادة يضع النظارات على عينيه فراودتني الفكرة على عمل جهاز يحفظ العين من أخطار اللحام ويكون جهاز سهل وقليل الثمن ويساعد الناس في اتمام أعمالهم في ظل عدم توفر سياخ اللحام".
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرض حصارا مشددا على قطاع غزة منذ ثمانية أعوام تحظر بموجبه توريد عشرات أصناف مواد الخام اللازمة للأنشطة الاقتصادية المختلفة ومن بينها سياخ اللحام التي ارتفع سعر الواحد أضعاف مرات ما كان سابقاً.
إصرار رغم الفشل والخطورة
وأضاف: "عندما بدأت بتنفيذ الفكرة فشلت أكثر من سبع مرات وتعرضت للخطر حيث احترقت أصابعي في كثير من المرات لكني أنجزت أعمالي خلال شهر على الأقل".
وأوضح أنه قدم أعماله إلى المدرسة التي اُبهرت من ذكائه ما دفعها إلى تكريمه بجوائز قيمة لتشجيعه على الاستمرار في العمل.
وشدد الطفل يوسف، على مواصلة طريق الاختراعات والابتكارات والتميز في المجال العلمي لحبه الكبير في مجال العلوم.