المطارد الأول بمدينة خان يونس ... الشهيد البطل خليل مصطفى الأسطل
الاسم : خليل مصطفى أحمد الأسطل تاريخ الميلاد : 7/6/1969م
الحالة الاجتماعية : متزوج تاريخ الاستشهاد : 16/4/1989م
الشهيد يروي قصة نضاله
لم يكن من الصعب معرفة بيت الشهيد خليل فكل الأطفال يعرفون خليل وبيت خليل واستشهاد خليل .. البيت مليء بالورود والأشجار الخضراء هكذا كان يحبها خليل وتتوسط هذه الأشجار شجرة زيتون .. وما زالت الرايات السوداء والأعلام التي رفعت يوم استشهاده ترفرف عل هذه الأشجار فالشهيد كان يكتب مذكراته يوم بيوم فهذا ما وجدناه في مذكراته وقالته أمه أيظاً
مذكرات الشهيد خليل
التاريخ : 19-4-1987م كان هذا أول يوم اعتقلني الجيش فيه ووصلت إلى مكتب احد المحققين وسألني : أنت ومن عملت المظاهرات ؟؟ فقلت لم أفعل ولا أدري من يفعل فضربني أول ضربة على الكلية اليسرى ثم على أنحاء أخرى من جسمي وطلب بإلحاح قل من ؟ قلت : لا أعترف ففال المحقق : باستطاعتي أن أجعلك تعترف بمقتل السادات فقلت إفعل ما تريد فقال سأحبسك قلت إللي حاكمك يحاكمك . فضربني بشدة .. نقلوني إلى سجن أنصار (2) وفي اليوم التالي اقتادوني إلى المحكمة وتأجلت (30) يوماً وبعد 37 يوماً من تاريخ الاعتقال أخبرني الضابط أن أرتدي ملابسي وأحضر أغراضي حيث قال اليوم إفراج وإياك افتعال المظاهرات وأفرج عني بتاريخ 2-6-1987م
اعتقال ثاني :
بتاريخ 13-10-1987م حضرت الشرطة وأعطتني تبليغاً لمقابلة الحاكم العسكري فسلمن ي الحاكم للمخابرات وهناك جلست أنتظر قدوم رجل المخابرات تحت شجرة بجوار القمامة ثم جاء رجل المخابرات وأدخلني إلى إحدى الغرف قائلاُ : كيف حالك يا خليل يا زعيم يا بطل فقلت : لا زعيم ولا بطل فقال : سأدخلك السجن بعد أن تعترف طبعاً : فقلت لا ولن أعترف بشئ لم أفعله , وقال بعصبية اقلع ملابسك كلها حتى الداخلية وفعلت تحت الضرب المستمر , ثم قال : سنفعل بك كما يفعل الرجل بزوجته وألبسوني كيساً ذو رائحة كريهة وقيدوني من الأيدي والأرجل وللأسف اعترفت بافتعال مظاهرات وفي الصباح رحلوني إلى سجن أنصار (2) وفي هذه المرة معي زملائي أبناء قضية واحدة وتهمة واحدة , وبعد شهر من التعذيب تم تحويلي إلى مستشفى الشفاء وبعد أيام لحق بي زملائي ثم نقلت إلى مستشفى الأمراض العقلية في غزة وجاء البوليس يتهمني بأنني هارب من المستشفى وأعادوني إلى سجن أنصار (2) وفي نفس الليلة نقلت إلى سجن غزة المركزي , وحولت إلى المستشفى مرة أخرى بتاريخ 7-12-1987م حضر أحد أصدقائي لزيارتي يُدعى رائد شحادة من مخيم الشاطئ بغزة ...وأخبرني أن الإصابات كثيرة فقلت له : أيدي بأيدك لنساعد الجرحى وعملنا اللازم ، ثم مرت مسيرة صاخبة شاركنا فيها ، فحضر الجيش وبدأ بإطلاق النار ، حاول رائد الرجوع فقلت له : لا ترجع ... شارك كبقية الشباب ، وأثناء المشاركة أصابته رصاصة في رأسه ... وضع رائد يده على رأسه ورفعها وكانت مليئة بالدم فوقفت وطبع بدمه علامة النصر على أحد الأعمدة الكهربائية ووقع على الأرض ... حملناه إلى المستشفى ثم ادخلوه غرفة العمليات وبقى فيها ثلاث ساعات سمعت أنه استشهد فأحسست حينها بأني السبب في استشهاده حيث أبقيته معي في المسيرة بعد أن قرر الرجوع .
وفي يوم الأحد 13-12-1987 حكمت المحكمة العسكرية في غزة بالإفراج عني بعد دفع كفالة مالية قدرها 500 شيكل والاكتفاء بمدة التوقيف .
خرجت من السجن فوجدت كل فئات الشعب تخرج إلى الشوارع للمشاركة في الانتفاضة المباركة فأصبحت مثلهم بل أكثر منهم .
وهنا يأتي دور والدته لتكمل لنا قصته التي لم يكتبها فتقول : " كان خليل شجاعا جدا وعنيدا لا يخاف أحدا وقد أصيب أكثر من عشر مرات في الانتفاضة وكان مطلوبا لقوات الاحتلال وأذكر أنه في أحد الأيام كان جالسا مع الجيران في الشارع فجاء الجيش يسأل عنه فقال لأحد الجنود بكل جرأ وبراءة تعال معي لأدلك على بيته ودخل البيت قائلا : نادوا خليل ...الجيش عايزه ، ثم خرج متسلقا سور المنزل إلى خارج البيت ".
وتضيف الأم : " لقد كان استشهاد خليل في الذكرى الأولى لاستشهاد أبي جهاد خليل الوزير ، فبالرغم من فرض نظام حظر التجول خرج خليل للشارع وزينه بالأعلام الفلسطينية والرايات السوداء كما أشعل الإطارات ، وفي الساعة الثالثة مساء جاءه ( س) من الأشخاص ليخبره بأن أناسا سوف يزورونه ضروري في تمام الساعة الرابعة والنصف مساء ويرجوه ألا يغيب من البيت ، ولم يدري خليل أن هذه خطة مدبرة من المخابرات ، ففي نفس التوقيت حضرت قوات الجيش وحاصرت البيت ، حاول خليل الفرار أو الدفاع عن نفسه فلم يستطع أمام هذا العدد الكبير من الجنود ، فأطلقوا عليه النار قائلين لأحد الجيران: بلغ أهل خليل " حيث كان خليل وحده في البيت في ذلك اليوم " بأننا قتلناه .
وهكذا انتقل خليل إلى جوار ربه شهيدا في أفضل شهور السنة شهر رمضان المبارك فقد كان صائما ... وفي يوم العزاء كتبت شعارات تحية وإكبار للشهيد ومن هذه الشعارات : تحية من تونس إلى خان يونس في ذكرى خليل الوزير إلى خليل الأمير .
** من فعاليات الشهيد :
1- التسلل إلى مستوطنة غوش قطيف وحرق مصنع تعليب البندورة مما كبد العدو والمستوطنين خسائر كبيرة .
2- التسلل إلى كراج باصات " إيغد " وقام بحرق أربعة باصات تابعة للشركة .
3- التسلل لمكتب العمل في خان يونس وحرقه والتي كانت الحكومة الإسرائيلية تجني منه الملايين من الشواقل ، وكانت أكبر عملية تحتسب له وذلك حيث اعترف النقيب " فارس فريد " مستشار الشئون العربية في الإدارة المدنية قائلا بصريح العبارة لو تكررت هذه العملية في مركزين أو ثلاثة من مراكز مكتب العمل لأصبحت خزينة إسرائيل خاوية لم نستفد من العمال بأي شيكل على الإطلاق .
4- خليل الأسطل المقرون اسمه بحجر رابين أو قاهر رابين هو الذي أجبر إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل على الجري على قدميه من أول شارع البحر بخان يونس وحتى الإستاد الرياضي بها دون أن يلتفت للخلف وكأن القيامة قامت وذلك عندما اسقط عليه كتلة إسمنتية تقدر بحوالي 50كم سقطت بعيدة عن رأسه بحوالي 70سم وذلك لأنها ارتطمت بأحد عرش المحلات ولولا قدرة الله ومشيئته لسبق "إيغال " خليل في القضاء على رابين .
5- خليل الأسطل صاحب العلم الفلسطيني والذي استشهد بقى علمه على مأذنة المسجد الكبير بخان يونس ، شاهدا على ما صنعت يداه الذي جمع جمهور خان يونس في ساحة الشهداء أمام المسجد ليشاهدوا ذلك المارد الذي يصعد المأذنه بخطوات ثابتة حتى القمة ويغرس العلم الفلسطيني ويقف في أعلى المأذنه يحيي الجمهور الذين يهتفون " بالروح بالدم نفديك يا فلسطين " ... كان يضع العلم في وضح النهار .
6- خليل الأمير أول المطاردين والمطلوبين في مدينة خان يونس ، انه بحق المطارد الأول الذي ألتحف السماء وافترش الأرض ... كان بعيدا عن أقرب المقربين له لم تكن أمه تراه في الأسبوع إلا مرة واحدة ولا زوجته التي لم تمضي على زواجها منه سوى شهور ، كان كالطيف سرعان ما يختفي .
7- خليل أبا للمساكين جميعا فكثير ما كان يخرج في منع التجول في أيام الإغلاق يتفقد المحتاجين ويرسل لهم ما يحتاجون من مواد غذائية ، وينسى بيته وأهله ويتركهم بالجوع ، وكان يقول إنني ابن فلسطين ... ابن كل المحتاجين من هذا الشعب ، فكان خير مناضل في خير زمان .
8- خليل الذي دوت له الحناجر تناديه لم تمت يا خليل ... وارتفعت صيحة الغضب الفلسطيني ... فخرجت خان يونس ... فخرج كل الثوار يهتفون بدم الشهيد والثأر له حيث كتبت الشعارات وارتفعت الرايات إلى خليل السوداء وتتوالى البرقيات تنهني الشهيد بالعرس الجديد ... فمن تونس إلى خان يونس من خليل الوزير إلى خليل الأمير ... العهد واحد والدم واحد ...
في مساء 16/4/1989م خرجت روح الشهيد خليل إلى بارئها لتعانق كل الشهداء ، حيث كان نظام منع التجول مفروضا على سائر مدن قطاع غزة في ذكرى أمير الشهداء "أبو جهاد" وتم تشيع جثمان الشهيد بعد في منتصف الليل ولم يرافقه سوى ثلاثة من أهله ، حيث منعوا أمه من رؤيته وكذلك إخوته الذين كانوا داخل السجون .
وبذلك طويت صفحة نضاليه من صفحات الكفاح الفلسطيني العريق ليسجل اسم خليل الأمير بأحرف من نور ونار وتبقى ذكرى نقمة غضب في وجه كل الخونة