ما المقصد من مشروعية الزواج في الإسلام؟؟
بقلم الأستاذة إيمان يونس الأسطل
لقد أجاب القرآن الكريم عن ذلك بوضوح لا لبس فيه، قال تعالى: ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) وقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا).
إذن المقصد الأسمى من مشروعية الزواج (لتسكنوا إليها)، بما يحتوي عليه من معاني السكينة والأمان، الهدوء والاطمئنان، الإشباع والاحتواء، السعادة والهناء، بصورة يصبح معها كل من الطرفين إنسانا سعيدا سويا مستقرا مؤهلا لخلافة الأرض على وجه يرضي الله..
ومن أدق الآيات التي تنظم هذا الكون أن الله تعالى جعل ثمة افتقارا فطريا في كل جنس إلى الجنس الآخر، افتقارا لا يشبعه إلا اندماج تكاملي ودود رحيم في ظل ميثاق غليظ..
السؤال الذي يطرح علامة استفهام كبيرة؛ أتخيلها منجلا يحصد الأمان من كثير من البيوت المسلمة ويلقي به خارج أسوراها:
ما بال كثير من الزيجات لم تهد طرفيها ذلك المقصد المشروع، بل أهدتهم نقيض ذلك تماما، أهدتهم اضطرابا وقلقا وخوفا وضياعا وشتاتا؟؟؟
ثمة عوامل داخلية وخارجية كثيرة متداخلة ومعقدة تبعث على هذا الاضطراب..
لكنني أظن أن أهم العوامل المؤدية إلى ذلك هو عدم إدراك كل منهم للمقصد الأساسي من الزواج، والدور الرئيسي لكل منهما، والذي تشير إليه الآيات السابقة..
تماما كمن يسير في طريق ما دون أن يدرك هدفه وغايته، هو حتما سيتعثر ويضل ويضيع، ولن يصل إلى مبتغاه..
من المؤكد أن الحياة الزوجية ستتعثر وتتوه في منعطفات الحياة إذا كان المقصد الأساسي في الزواج الطمع في مرتب موظفة، أو أملاك أو ميراث، أو مسايرة تقاليد، أو إشباع شهوات مجردة، أو حتى الإنجاب..
قد يكون لهذه الأمور حيز ما، لكن لا يمكن أن تكون لها الأولوية الأولى، فالأولوية هي لقوله (لتسكنوا إليها) دون ما سواه..
وأجزم أن أي عوامل داخلية أو خارجية تستهتر بذلك المقصد، وتقدم عليه ما سواه من العوارض الدنيوية، وتجعله مهددا بالتنحي على الدوام، هي عوامل آثمة بغيضة..
ينسب لآينشتاين أنه قال: إن أهم قرار تتخذه في حياتك، هو هل تريد أن تعيش في عالم ودود أو عدواني..
وأنا أقول: إن أهم قرار لابد أن يتخذ في الحياة الزوجية هو: هل تقرر أن تعيش في جو أسري مفعم بالمودة والرحمة والسكينة، أم في جو مليء بالشحناء والتنافر والتجافي..
قد يقول أحد إن الكلام السابق ينطوي إلى حد ما على فلسفة مجافية للواقع.. لكنني أقول: إن معطيات السعادة في كل البيوت متذبذبة منقوصة، وأهم ما يميز البيوت المستقرة السعيدة عن تلك التي تترنح في دهاليز الشتات هو توافر النية والإرادة والقصد والعزم على تحقيق السعادة والاحتواء والسكينة، بصورة يتم فيها برمجة القلوب والعقول والجوارح لتتماشى مع تلك المقاصد، وتستهين بكل ما من شأنه أن يزعزع الاستقرار الأسري، ويفقد الزواج من أروع معانيه، حيث الحب والود والرحمة والاحتواء والإشباع..
#خواطر_إلى_حبيبين