ما من أمة من الأمم الماضية والحاضرة إلا ولها أيام عيد يفرحون فيها ويتبادلون التهاني والزيارات، تطغى في هذه الأيام روح المودة والألفة والتعاون والتكافل.
والأمة الإسلامية شأنها كشأن باقي الأمم أذهب الله عنها أعياد الجاهلية وخصها بعيدين عظيمين وهما عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى المبارك.
ولو نظرنا إلى عيد الفطر فهو عيد فرحة، فرحة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فرحة لم تكن موجودة في أعياد الأمم الأخرى ولن تكون في أي أمة من الأمم مهما كانت ووصلت إلى درجة من الرقي والحضارة والرفاهية ورغد العيش.
أول فرحة في هذا العيد أنه يأتي بعد صيام شهر كامل يحجب المسلم عن كل طعام وشراب في هذا الشهر، فيأتي هذا العيد بعد هذا المنع ليبيح للمسلم كل أنواع المأكولات والمشروبات، والري بعد الظمأ له وضعه الخاص فيزيد من الفرحة فرحات وفرحات وهذا مصداقاً لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – للصائم فرحتان، فرحة يوم فطره.
والفرحة الثانية أنه لا يوجد في أي بيت من بيوت المسلمين في هذا اليوم من هو محتاج إلى طعام أو شراب لينغص عليه فرحته، فزكاة الفطر مفروضة على كل شخص رب أسرة كفيلة بتغطية المجتمع من الطعام بشتى أنواعه وأشكاله.
فبحق وحقيقة زكاة الفطر تكافل عجيب لم يكن موجوداً في أمة من الأمم السابقة ولن يكون في الأمم اللاحقة عدا أمة الإسلام، وشدد الشرع في إخراجها حتى جعل عبادة الصيام لا تقبل إلا بإخراج هذه الصدقة.
والفرحة الثالثة أنه في هذا اليوم قد أباح الشرع بعض الأمور التي تجلب السرور والانبساط والسعادة والفرحة مثل الضرب على الدف وما إلى ذلك، فلم يعترض النبي – صلى الله عليه وسلم – على جواري كن يضربن بالدف وقال لأبي بكر: "دعهن فإنهن في يوم عيد ".
وللحفاظ على الفرحة منع الشرع زيارة المقابر في هذا اليوم لأنها تذكر بالأحزان وتجددها والشرع لا يريد أن يعكر فرحة هذا اليوم بأي موقف كان ما كان فهو فرحة بحته.
ومن مظاهر الفرحة للأطفال تلك الملابس الجديدة واللعب المختلفة والأناشيد الجميلة باستقبال العيد واللعب واللهو في الأماكن العامة والخاصة.
ومن مظاهر الفرحة للنساء أن كل امرأة يأتيها أقاربها يعيدونها بشيء من النقود والحلوى، فتصبح المرأة موسرة إن كانت من قبل معسرة، وإن كانت موسرة تزيد يسراً على يسر.
ومن مظاهر الفرحة أن الأقارب يزور بعضهم بعضاً ويلتقى بعضهم ببعض يتبادلون التهاني والتحيات كل وجوههم أمل وبشر ويتناسون الخلافات القديمة لتغطيها فرحة هذا العيد.
بكل هذا وغيره يتضح لنا أن العيد فرحة بحق لا تدانيها فرحة في أي عيد من أعياد الأمم الأخرى، وصدق القائل "العيد فرحة".