{ أيها المسلمون هذا رمضان الموسمٌ الصالح ، والمتجرٌ الرابح} للشيخ ياسين الأسطل


تم النشر 21 يونيه 2015


عدد المشاهدات: 1010


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)  }الأحزاب .

أما بعدُ، فإن أصدق الحديث كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وبعد :

أيها المسلمون :

 

{ أيها المسلمون هذا رمضان الموسمٌ الصالح ، والمتجرٌ الرابح !!  }

 

ما شرع الله العبادات ولا أحكم الأحكام ؛ ولا أنزل الكتب وبعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؛ إلا لسعادة بني آدم في الدنيا والآخرة بالتقوى ، ومن حكمة الله عز وجل أن وحيه المنزل على نبيه المرسل كان أشمل وأكمل ، إذ راعي في الإنسان جوانبه الإنسانية ، واستعداداته الفطرية ، ما أطلق لها العِنان لكنه هذبها ، وما أرخى لها الزمام لكنه أدبها ، فصار العابدون هم خير البرية ، هم أصدقُ قولا ، وأخلصُ عملا ، وأسمحُ يدا ، وأسلمُ لسانا ، يبذلون بينما الناسُ يضنون ، لا يرجون على بذلهم جزاءً من الناس ولا نوالا ، ولا يتطلعون من وراء أعبائهم إلا إلى الله سبحانه وتعالى ، فهو وحده معبودهم ، ورضاه دوماً مقصودهم ، وجنته على كل حالٍ مطلوبهم ، وما يقرب إليها مرغوبهم ، يغتنمون الأماكن العظيمة ، ولا أعظم من بيوت الله ، والأزمان الكريمة ، ولا أكرم من أيام الله ، وها يا عباد الله قد آن الأوان ، ودار الزمان ، أظلنا شهر رمضان ، شهركم أيها الأمة الإسلامية ، موسمٌ صالح ، ومتجرٌ رابح ، ما إن يبتدي حتى ينقضي ،  أياماً معدودات ، لعلكم تتقون .

 

قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد : ( المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات ، وفطامها عن المألوفات ، وتعديل قوتها الشهوانية ، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها ، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية ، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها ، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين ، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والضراب ، وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها ، ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماحه ، وتلجم بلجامه ، فهو لجام المتقين ، وجُنَّةُ المحاربين ورياضة الأبرار والمقربين ، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال ، فإن الصائم لا يفعل شيئا ، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده ، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثارا لمحبة الله ومرضاته ، وهو سرٌ بين العبد وربه ، لا يطلع عليه سواه ، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة ، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فهو أمر لايطلع عليه بشر ، وذلك حقيقة الصوم ، وللصوم تأثيرٌ عجيبٌ في حفظ الجوارح الظاهرة ، والقوى الباطنة ، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها ، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات ، فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } [ البقرة : 158 ] ) اهـ .

أيها المؤمنون ، يا عباد الله :

جاءت كلمة ( لعلَّ ) في الآيات تُعلِّقُ ما بعدها على ما قبلها ، ولتفيد رجاء حصول التقوى للصائمين ، فهي مقصود الصيام العظيم ، وفي حديث الإمام مالكٍ في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

" الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ " .

وكفي بالصيام كمالاً أن ينسبه رب العزة والجلال له فيختاره لنفسه دون عمل ابن آدم ، ففي الحديث عند البخاريِّ ومسلمٍ وأحمد - واللفظ للبخاري- قال : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) .

واعلموا عباد الله أيها الصائمون أن فضائل شهر رمضان عديدة لا تستقصى ، ومزاياه مديدة لا تحصى ، فهو غُنمٌ للمؤمنين ، لما يقبلون فيه على الله بالعبادة والتعظيم ، وعلى عباده بالرحمة والصلة والتكريم ، لكنه غُرمٌ على المنافقين ، إذ ينصرفون عن العبادات إلى الملاهي الحرام ، وعن الطاعات الواجبات إلى المناهي والآثام ، لا يصلون رحما ، ولا يغيثون ملهوفا، ولا يعينون ضعيفا ، بل في سكراتهم يتقلبون ، وعلى غيهم يعمهون ، فقد روى الإمام أحمد وابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان واللفظ له قال :

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، أخبرنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا " بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مَرَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي - أَظُنُّهُ قَالَ: - عَلَى الْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ شَرٌّ لَهُمْ مِنْهُ " بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ يَكْتُبُ أَجْرَهُ وَثَوَابَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْخُلَ - زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ - وَيَكْتُبُ وِزْرَهُ وَشَقَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ فِيهِ النَّفَقَةُ لِلْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ، وَيَعُدُّ فِيهِ الْمُنَافِقِينَ اغْتِيَابَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاتِّبَاعَ عَوْرَاتِهِمْ، فَهُوَ غُنْمٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَغُرْمٌ عَلَى الْفَاجِرِ " يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ .

اغتنموا أيها الصائمون :

1- فعليكم بالصدقة ، وقد كان رسول الله  أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلرسول الله  أجود بالخير من الريح المرسلة ، فالصدقة من الصدق فليكن كلٌ منا صادقاً سخياً كريماً جواداً رحيماً ، يجود بالخير والمال ، قال الله تعالى :

{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} آل عمران (92)

والصدقة بركة للمال وطهارة للعمل ، وحق لأصحابها المبذولة إليهم .

2- وعليكم بتفطير الصائمين ففي سنن الترمذي واللفظ له والدارمي وأحمد قال الترمذي   : حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا "  قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

3- وعليكم يا أيها الصائمون بالذكر وقراءة القرآن ومدارسته ، والقرآن الكريم روح من أمر الله تعالى يهتدي به التائهون ، وتقوى به وتحيا الأمة الضعيفة الخاملة ، فتعلو الهمم بعد دناءة ، وتغتني النفوس بعد فقر ، وتنتصر الإرادة بعد هزيمة ، وترتفع بعد ضِعة ، ففي القرآن الكريم  من الضلال هداية ، و من التردد والشك ثباتٌ ويقين ، ولهذا كانت عناية الرسول  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقرآن ظاهرة مشهورة وكان أصحابه رضي الله عنهم يحرصون على تعلمه وتعليمه ، وتفهمه وتفهيمه ، فقد جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان في رمضان يتلو كتاب الله عز وجل ، ويدارسه إياه جبريل ، وهكذا كان السلف من بعده من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم .

عباد الله : من أقبلَ على الله قُبِل ، ومن أدبر عن الله دُبِر ، فالقبول مع الإقبال ، فلنقبل في هذا الشهر على الله بالإقبال على عباده ، ولنصلح ذات بيننا ، ولنجمع كلمتنا ، ولنوحد صفنا ،طائعين لله فبه سبحانه صلاح الأحوال ، وقبول الأعمال ، فلنرفع أكف الضراعة بالابتهال ، اللهم فرج عنا الكروب يا علام الغيوب ، وارفع عظيم البلايا بجليل العطايا ، اللهم و اغفر لنا الذنوب والعيوب والآثام و الخطايا ، ووفقنا لتقبل منا الصيام والقيام ، وأكرمنا لتدخلنا الجنة دار السلام ، أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله على توالي نعمه وآلائه ، وله الشكر على سوابغ فضله وعطائه ، والصلاة والسلام على محمدٍ خاتمِ رسله وأنبيائه ، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسانٍ أصفيائه ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .أما بعد ،،،

إخوة الإيمان والإسلام :

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من عظيم اهتمامه يدعو الله أن يبلغه رمضان ، فقد روى الإمام أحمد في المسند والطبراني في معجمه الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان والبزار في المسند واللفظ للبيهقي قال : أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ، قَالَ: " اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ " ) .

وقد عرف السلف فضل ذلك ، قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان في كتابه المناهل الحسان : ( وقال عبد العزيز بن مروان: "كان المسلمون يقولون عند حضور شهر رمضان اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر فسلمه لنا وسلمنا له، وارزقنا صيامه وقيامه، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والنشاط، وأعذنا فيه من الفتن".

وقال مُعلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يُبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.

وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: "اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني مُتقبلا" ) اهـ.

فلنحذر إخوة الإسلام أن نكون في هذا الشهر من المحرومين :

ما استمعوا لناصح ، ولا انتفعوا بهداية ، ما أصغوا لمكلوم ، ولا التفتوا لمعدوم ، وما رَقُّوا لثكلى ، في أعراض العباد يسرحون ويمرحون ، وفي المال الحرام بالخطايا يرتعون ، على الهوى  مقبلون ، وعن الهدي معرضون ، يقيمون على ما يشتهون ، شغلتهم الهدايا عن الهدايات ، لا يرحمون ولا يتراحمون ، فما رحموا ولدا ، ولا عظموا والدا ، ولا أطاعوا نبيا ،كأنهم ما سمعوا ما في سنن البيهقي الكبرى عن الوليد بن رباح عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتقى المنبر فقال : " آمين ، آمين ، آمين ، فقيل له : يارسول الله ماكنت تصنع هذا ؟ .. فقال : " قال لى جبرئيل عليه السلام :رغم أنف عبدٍ دخل عليه رمضان فلم يُغْفَرْ له ، فقلت : آمين .ثم قال : رغم أنف عبد ذُكِرتَ عنده فلم يصل عليك . فقلت : آمين .ثم قال :رغم أنف عبدٍ أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخل الجنة .فقلت : آمين " أهـ . اللهم فكفهم عنا بهدايتك إياهم ، وكفنا عنهم برحمتك إيانا ، يا أرحم الراحمين .

يا عباد الله : ألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه والسلام فقال :  {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. اللهم فصلِّ وسلم على محمد وآله الأكرمين ، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءًً رخاءً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك ،اللهم اجعل رزقنا رغدا ولا تشمت بنا أحدا ، اللهم اشف مرضانا ، وفك أسرانا ، وارحم موتانا ، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك وإتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار ،اللهم إنا نسألك أن تنصر الداعين إلى سبيلك على البصيرة ، اللهم احفظ المسجد الأقصى وأهله ومن حوله من الصهاينة المعتدين المحتلين واجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين ، اللهم اجمع شتاتنا ، ووحد صفنا ، واجبر كسرنا ، اللهم قد مسنا الضر والأذى ، وأنت بنا أرحم فوفق اللهم المختلفين منا ليأتلفوا، والمتفرقين عزين ليكتنفوا ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولأعمامنا والعمات ، ولأخوالنا والخالات ، وأبنائنا والبنات ، وإخواننا والأخوات ، وأقربائنا والقريبات ، وجيراننا والجارات ، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك،عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،   ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 




- انشر الخبر -