ساعة مباركة مع مجتمع النبوة / خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ ياسين الأسطل


تم النشر 03 مارس 2015


عدد المشاهدات: 1003


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)} الأحزاب .

أما بعد،فان أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي صحابه محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد ، عباد الله أيها المسلمون : 

 

{  ساعة مباركة مع مجتمع النبوة !}

 

مجتمع النبوة قومٌ آمنوا بالله وحده ، فأخلصوا دينهم لله ولم يشركوا به شيئا لا قليلاً ولا كثيرا ، وآمنوا بنبيهم رسول الله محمدٍ صلى الله عليه وسلم ولم يعدلوا عن متابعته لا فتيلاً ولا قطميرا ، هم مجتمعٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فلم يَكْذِبُوا ، وأدَّوْا ما ائْتُمِنُوا عليه لأهله فلم يخونوا ، رجالٌ لا كالرجال ، ونساءٌ لا كالنساء ، فقد نشئوا وتربوا في كنف النُّبُوَّة ،  ودَرَجُوا في رياض الإيمان ، ونَهَلُوا من حياض التقوى ، صَفَتْ نفوسُهم لله تعالى وحده لا شريك له ، وبه اطمأنت لا بأحدٍ معه ولا مِنْ دونه ، قلوبهم بربهم تَعَلَّقَتْ ، وأعينهم لرحمته تَشَوَّفَتْ ، وألسنتهم بذكره لهجت ، ووجوههم بنوره الكريم تهللت ، يدأبون في الطاعات ، ويهجرون السيئات ، يقبلون على الآخرة وأهلها ويريدون الجنة وإن لم يعاينوها ، ويُدبِرون عن إرادة الدنيا ومن النار يهربون وإن لم يروها ، عجباً من هؤلاء الرجال وأولئك النساء ؛ فقد أعلى الله شأنهم طُرَّا، ورفع بهم في وحيه ذكرا ،  عجباً لهم وأي عجب !

* مجتمع النبوة هم السادة الكرام محمدٌ صلى الله عليه وسلم رسولُ الله والذين معه ، وإن لنا فيهم القدوةَ الحسنة ، والأسوةَ الكريمة ، فقد قال الله جل وعلا في صفتهم  : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29،

إخوة الإسلام والإيمان :

في مجتمع النبوة ، نرى أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يتواضع للناس ويوليهم مَحَبَّتَهُ ورعايَتَهُ و يخاطبهم بقوله :" إنِّي لأُحِبُّكُم " .  فقد روى الإمام أحمد في المسند قال : حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَهُ ذَاتَ يَوْمٍ صِبْيَانُ الْأَنْصَارِ وَالْإِمَاءُ فَقَالَ :  " وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكُمْ " اهـ .

وفي مجتمع النبوة للمرأة مكانتها ، فيستقبل صلى الله عليه وسلم امرأة تشكو زوجها: 

فقد روى الإمام أحمد في المسند وأبو داود في سننه واللفظ لأبي داود قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : 

( جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - َنَحْنُ عِنْدَهُ- فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ . قَالَ : وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ ، قَالَ : فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَمَّا قَوْلُهَا : يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ؛ فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُهَا ، قَالَ : فَقَالَ: " لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتْ النَّاسَ " ، وَأَمَّا قَوْلُهَا : يُفَطِّرُنِي ؛ فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : " لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا " ، وَأَمَّا قَوْلُهَا : إِنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ؛ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ ، لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، قَالَ : " فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ " . ) .

ومن قصص مجتمع النبوة :  رجل يشتم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - : قال : «قَدِمَ عُيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر ، فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس بن حصن ، وكان من النفر الذين يُدْنيهم عمر ، وكان القُرَّاءُ أصحابَ مَجْلِسِ عمر ومَشُورَتِه ، كُهُولا كانوا أو شُبَّابا. فقال عيينة لابن أخيه : يا ابنَ أخي ، هل لك وَجْه عند هذا الأمير ، فَتَسْتأْذِنَ [لي] عليه ؟ قال : سأسْتَأْذِنُ لك عليه ، قال ابن عباس :فاسْتَأْذن [ الحُرُّ] لِعُيَيْنَةَ، فلما دخل قال : هي يا ابن الخطاب ، والله ما تُعطِينا الجَزل ، وما تَحْكُم بيْنَنَا بالعَدْلِ ، فغضب عمر حتى همَّ بأن يُوقِعَ به ، فقال الحُرُّ : يا أميرَ المؤمنين ، إِن الله تعالى قال لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم- : {خُذِ العَفْوَ وأمُرْ بِالْعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] ، وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر - رضي الله عنه - حين قرأها عليه ، وكان وقّافا عند كتاب الله تعالى». أخرجه البخاري. 

أيها المؤمنون يا عباد الله : 

ومن قصص مجتمع النبوة الشابُّ الزاهدُ العابدُ عبدُ اللهِ بنِ عَمْرِوْ بنِ العاصِ يخاصمه أبوه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 

روى الإمام أحمد قال : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : ( زَوَّجَنِي أَبِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيَّ جَعَلْتُ لَا أَنْحَاشُ لَهَا مِمَّا بِي مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى كَنَّتِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا : كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ ؟! .. قَالَتْ : خَيْرَ الرِّجَالِ أَوْ كَخَيْرِ الْبُعُولَةِ مِنْ رَجُلٍ ، لَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا ، وَلَمْ يَعْرِفْ لَنَا فِرَاشًا ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَعَذَمَنِي وَعَضَّنِي بِلِسَانِهِ ، فَقَالَ: أَنْكَحْتُكَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ ذَاتَ حَسَبٍ فَعَضَلْتَهَا ، وَفَعَلْتَ ، وَفَعَلْتَ ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَانِي ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَأَتَيْتُهُ ، فَقَالَ لِي : أَتَصُومُ النَّهَارَ ؟! قُلْتُ :نَعَمْ ، قَالَ : وَتَقُومُ اللَّيْلَ ؟! قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ : لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ ، وَأَمَسُّ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ، قَالَ اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ - أَحَدُهُمَا إِمَّا حُصَيْنٌ وَإِمَّا مُغِيرَةُ - قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، قُلْتُ : إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ .قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ : صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ ، وَهُوَ صِيَامُ أَخِي دَاوُدَ ، قَالَ حُصَيْنٌ فِي حَدِيثِهِ : ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَإِمَّا إِلَى سُنَّةٍ ، وَإِمَّا إِلَى بِدْعَةٍ ،فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدْ اهْتَدَى ،وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ " . قَالَ مُجَاهِدٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو حَيْثُ ضَعُفَ وَكَبِرَ يَصُومُ الْأَيَّامَ كَذَلِكَ يَصِلُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ ، ثُمَّ يُفْطِرُ بِعَدِّ تِلْكَ الْأَيَّامِ ، قَالَ : وَكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ حِزْبِهِ كَذَلِكَ يَزِيدُ أَحْيَانًا وَيَنْقُصُ أَحْيَانًا غَيْرَ أَنَّهُ يُوفِي الْعَدَدَ إِمَّا فِي سَبْعٍ وَإِمَّا فِي ثَلَاثٍ ، قَالَ : ثُمَّ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ : لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ أَوْ عَدَلَ لَكِنِّي فَارَقْتُهُ عَلَى أَمْرٍ أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ ) اهـ.

 

عباد الله : فلنتق الله سبحانه ، ولنحذر أشد الحذر من مسلك الضلالة وأهلها ، ولنضرع إلى الله اللهم فارحمنا برحمتك ، وارفعنا برفعتك ، وأغننا بغناك ، وقَوِّنا بقوتك ، وخذ بأيدينا إلى الهداية والرشاد ، ونجنا من الغِواية والفساد ،أنت سبحانك السميع العليم ، البر الرحيم أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين ، إنه سبحانه الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله بما هو سبحانه أهله من محامد ، بما علمنا و بمالم نعلم مما كتب منه في رَق ٍ و كاغد ، وما وعاه صدر كل حامد ، والصلاة والسلام على نبيه محمد وسيلتنا كل راكع وساجد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسانٍ كل غائبٍ وشاهد ، إلى يوم اللقاء والجزاء لكل طائع ٍأو معاند ، وعنا معهم بفضلك رب كل شيء ورب الأرض والسماء فأنت يا ربنا إله العالمين الواحد الماجد ، نشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ونشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبدك ورسولك .أما بعد ،  أيها المسلمون :

أولئك المؤمنون في مجتمع النبوة أنزل الله تعالى فيهم في سورة الأنفال : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) }.

ولهم صفاتٌ خمسٌ قائمةٌ بهم ، وهم قائمون بها ، لا ينفكون عنها ، ولا تنفك عنهم :

الأولى : وجل القلوب من خشية الله ، {إذا ذكر الله وجلت قلوبهم }.  الثانية : زيادة الإيمان بالتلاوة والتذكير بآيات الله  {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} . الثالثة : أنهم {وعلى ربهم يتوكلون } دون سواه . الرابعة : أنهم يصلون الصلاة على وجهها الأتم والأكمل ، {ويقيمون الصلاة }. والخامسة : أنهم مما رزقهم الله ينفقون ، قل الرزق أو كثر {ومما رزقناهم ينفقون  } .

ومن أولئك الصادقين في مجتمع النبوة أبو اليَسَر رضي الله عنه ، فقد روي الطبراني في الكبير قال :  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن النَّضْرِ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمِ بن سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْنِ بن عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ لأَبِي الْيَسَرِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ فِي أَهْلِهِ، فَقَالَ لِجَارِيَةِ: قُولِي: لَيْسَ هُوَ هَهُنَا، فَسَمِعَ صَوْتَهُ، فَقَالَ: اخْرُجْ قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: الْعُسْرَةُ، قَالَ: اللَّهَ؟، قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: اذْهَبْ فَلَكَ مَا عَلَيْكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، كَانَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ كَنَفِ اللَّهِ".

فلنتحقق عباد الله ولنحقق لأنفسنا الإيمان كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولنحل ما أحله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولنحرم ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولنتبع سلفنا الصالحين ، ولنرحم المسلمين والناس أجمعين حتى نفوز بسعادة الدارين اللهم آمين . 

عباد الله ألا وصلوا وسلموا على خير الخليقة ، وأزكاها عند الله على الحقيقة ، فقد أمركم الله به اتباعاً لهديه فقال :  {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين ، الأئمة المهديين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – ، وعن آله المرضيين ،وسائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وجودك وإحسانك ياأرحم الراحمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءًً رخاءً وسائر بلاد المسلمين .اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء ، وسوء القضاء وشماتة الأعداء ، وعضال الداء وخيبة الرجاء ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك ،اللهم اجعل رزقنا رغدا ، ولا تشمت بنا أحدا ، اللهم اشف مرضانا ، وفك أسرانا ، وارحم موتانا ، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك وإتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار ،اللهم إنا نسألك أن تنصر الداعين إلى سبيلك على البصيرة ، اللهم احفظ المسجد الأقصى وأهله ومن حوله من براثن الصهاينة المعتدين المحتلين واجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولأعمامنا والعمات ، ولأخوالنا والخالات ، وأبنائنا والبنات ، وإخواننا والأخوات ، وأقربائنا والقريبات ، وجيراننا والجارات ، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك،عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،   ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 




- انشر الخبر -