مناورات المقاومة الفلسطينية في غزة عبد الستار قاسم


تم النشر 03 يناير 2021


عدد المشاهدات: 1020

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


أجرت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة مناورات مشتركة موحدة بتاريخ 29 كانون أول (ديسمبر) الجاري، ولم يتخلف فصيل فلسطيني عن المشاركة. جرت المناورات بإشراف غرفة العمليات المشتركة التي تجمع كل فصائل المقاومة بغض النظر عن حجمها وانتمائها الأيديولوجي أو الوطني. 

وفي هذه المناورات دروس ألخصها فيما يلي: 

أشد ما يحتاج إليه الشعب الفلسطيني الآن في كافة أماكن تواجده هو رؤية نور ساطع يرفع المعنويات ويكرس الوحدة ويرد على التدهور المستمر لدى السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية. جزء لا بأس به من أبناء الشعب الفلسطيني تأثر معنويا بموجات التطبيع العربية واستهتار السلطة الفلسطينية بفكرة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وكان من الضروري أن يروا تطورا يطمئنهم بمستقبل أفضل لا تفقد القضية الفلسطينية معه أهميتها ومكانتها العالمية. 

المناورات مؤشر قوي إلى أن المقاومة الفلسطينية قد تطورت عسكريا عددا وعدة وتدريبا وتنظيما إلى الحد الذي يضغط بضرورة إجراء مناورات عسكرية لاختبار الجهوزية ورفع مستوى التنسيق بين الوحدات القتالية والتعرف على نقاط الضعف والقوة وفحص مدى كفاءة التكتيكات العسكرية التي سيتم اتباعها في مواجهات قادمة مع جيش الكيان الصهيوني. 

وقد ظهرت التطورات العسكرية لدى المقاومة في مناوراتها الشاملة للقوى البرية والجوية والبحرية.

أطلقت المقاومة صواريخها باتجاه البحر نحو أهداف محددة مسبقا، وجالت الطائرات المسيرة سماء غزة أمام أعين جمهور غزة الذي رأى في نفسه القوة الكافية للدفاع عن ذاته والانتقال مستقبلا إلى ما هو أكبر من الناحية القتالية الدفاعية. وهنا لا بد من ذكر الشهيد التونسي محمد الزواري الذي ساهم بقوة في تصنيع الطائرات المسيرة والذي اغتاله الصهاينة في تونس. أما بريا، اختبرت المناورات كفاءة الحركة في الأنفاق ومهارة نصب الكمائن وتوقيت كل من الهجوم والدفاع وكيفية إرباك وحدات العدو المقاتلة واصطياد الدبابات. 

تشكل المناورات اختبارا جيدا لعملية الإدارة والسيطرة. المعركة تحتاج دائما إلى إدارة تتتبع الوحدات القتالية والأدوار المناطة بها، وتحتاج إلى تنسيق محكم بين الوحدات القتالية حتى يكون التناغم القتالي مجديا ومؤثرا في صفوف العدو. والإدارة هي التي تتتبع مجريات الحرب وإنجازاتها وإخفاقاتها وتصحيح المسارات الحربية، وهي التي تتتبع شؤون التموين والجرحى والشهداء وسيارات الإسعاف وحركة الطواقم الطبية، وتتتبع إحداثيات الأهداف ومواقع تركيز القصف، الخ. 

الإدارة والسيطرة هي الركن الأهم في تسيير المعارك وتوجيه الاشتباك وضرورات التقدم والانتظار والتراجع المتحفز لقتال. وحتى هي التي تقدر ضرورات الانسحاب إن لم تجر المعارك وفق المخطط  المستحب. وهذه مسألة تتطلب الكثير من التدريب والتأهيل، وتتطلب جهودا مناوراتية بالمزيد. 

 

 

فصائل المقاومة تكون أقوى وأقدر عندما تكون مجتمعة تعمل جسما واحدا موحدا. كل فصيل يشد أزر الفصيل الآخر. أما عندما تكون متفرقة ويعمل كل فصيل على هواه فإن الفوضى تدب والقدرة على تنسيق الجهود تصاب بالشلل ولا يستفيد من ذلك إلا العدو.

 

 



دائما تسبق التشكيلات العسكرية والوحدة الميدانية الطواقم السياسية على الساحة الفلسطينية. عكست المناورات في غزة وحدة المقاتلين الفلسطينيين والشعب الفلسطيني عموما. لم يتلكأ أحد عن العمل الجماعي الفلسطيني، وفقط هم السياسيون الذين يصنعون الأزمات على الساحة الفلسطينية ويمزقون الشعب ويحولون دون الوحدة الوطنية الفلسطينية. طبعا ليسوا جميعا هكذا، لكن أغلبهم يساهمون في إضعاف الشعب الفلسطيني وإلهائه بقضايا تضر ولا تنفع. 

منذ سنوات طويلة وكاتب هذا المقال يضغط باتجاه إقامة غرفة عمليات مشتركة في الأرض المحتلة / 67، وانبثقت في النهاية، وها هو الشعب الفلسطيني يرى جدوى العمل المشترك الموحد. فصائل المقاومة تكون أقوى وأقدر عندما تكون مجتمعة تعمل جسما واحدا موحدا. كل فصيل يشد أزر الفصيل الآخر. أما عندما تكون متفرقة ويعمل كل فصيل على هواه فإن الفوضى تدب والقدرة على تنسيق الجهود تصاب بالشلل ولا يستفيد من ذلك إلا العدو. 

المتابعة للإعلام الصهيوني تشير إلى اهتمام صهيوني كبير بهذه المناورات. اهتم الصهاينة بتقدير قدرات المقاومة الفلسطينية لتتمكن مستقبلا من تقدير القوات اللازمة لمواجهة هذه المقاومة. لقد راقب الصهاينة المناورات عن قرب وعبر الأقمار الصناعية، ووظفوا كبار خبرائهم وعسكرهم لمراقبة الأوضاع ووضع التصورات العسكرية. اهتم الصهاينة أساسا بالتكتيكات العسكرية التي تعتمدها المقاومة، وكذلك بنوعية الأسلحة الجديدة التي تم تطويرها أو تهريبها. لكن المقاومة الفلسطينية كانت من الذكاء فأخفت الجديد لديها ليبقى مفاجأة للعدو إذا جد الجد. 

شعر فلسطينيون وعرب ومسلمون بالسعادة والتفاؤل إثر هذا التطور في قطاع غزة، لكن من المفروض ألا يأخذنا التفاؤل بعيدا عن الإصرار على مزيد من التطوير والتحسين. العدو قوي ويجب ألا نستهين بقوته. ومطلوب منا إقامة غرفة عمليات مشتركة خارج فلسطين وربط الغرفتين الداخلية والخارجية بعضهما ببعض لتكون الكفاءة في أعلى مستوياتها. وهذا موجه لقيادات الخارج والداخل على حد سواء.




- انشر الخبر -