التطبيع يعني - بوجه من الوجوه - قبول الأعراب بإسرائيل كما هي . . دولة مارقة محتلة ، وتبادل جميع العلاقات معها بوضعها القائم وبعجره وبجره.
وهو ما يعني إعطاءها ألف فرصة جديدة للمماطلة والتسويف والتوسع الاستيطاني وقضم الثوابت الوطنية الفلسطينية.
ولكن الأخطر من ذلك أن التطبيع يأتي في إطار التنفيذ العملي لصفقة القرن . . وهو ما يعني استكمال دائرة الحصار الاقتصادي للسلطة . . أمريكا من جهة ، وإسرائيل من جهة . . والدول الخليجية من جهة، والدول الأخرى المضطرة للتساوق مع أمريكا وإسرائيل من جهة ، وانهيار الاقتصاد الفلسطيني بالحصار المادي وخسارة أهم مصادر الإنتاج بسبب الكورونا ونقص السلع وتآكل الرواتب . . إلخ ، من جهةخامسة وأخيرة.
ويجب أن يؤخذ في الحسبان أن كل ذلك يأتي مع رغبة أكثر من طرف من أطراف الحصار في دعم منافسين للسلطة والعمل على دفعهم لواجهة الصدارة في المشهد السياسي الفلسطيني؛ بهدف إفشال السلطة وتفكيك أحادية التمثيل الذي تتمتع به المنظمة . . والنتيجة معروفة . . التحضير لخلق قيادة فلسطينية بديلة تقبل بتوسعة غزة وقضم الضفة والانضواء تحت مظلة النظام الإقليمي العربي الإسرائيلي الوليد، والذي بات يشكل لاعبا إقليميا جديدا في مواجهة المد الشيعي من جهة ، ولتحجيم الطموح السياسي الإقليمي التركي من جهة أخرى!
والخلاصة أننا مقبلون على تحولات سياسية كبرى قد تحشر السلطة والمقاومة معا في الزاوية. . وقد تدفع الطرفين للدخول في خيارات جديدة لم تكن إسرائيل راغبة فيها . . ولن تقف مكتوفة الأيدي في حالة الوصول إليها. فهذه النقطة تعني تصفير العداد، والعودة بأبجديات الصراع إلى نقطة البداية . . والله يستر !