سُنَّةُ التَّكبيرِ في العِيدَينِ د. محمد سليمان الفرا


تم النشر 25 يوليو 2020


عدد المشاهدات: 1134

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد



???? سُنَّةُ التَّكبيرِ في العِيدَينِ

1. اتّفقَ العُلماءُ علَى أنَّ مِن مُستحبَّاتِ العِيدَينِ التَّكبيرَ والإكثارَ مِن ذكرِ اللهِ تعَالَى، أمَّا عيدُ الفِطرِ؛ فَلِقَولِهِ تعَالَى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة:185]، وأمّا عِيدُ الأضحَى، فيدلُّ لهُ قولُهُ تعالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، قالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما: (الْأَيْامُ الْمَعْلُومَاتُ: أَيْامُ الْعَشْرِ) [تفسير ابن كثير: 5/415]، وعن ابْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما أنّ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ) [مسند أحمد: 6154].

2. التَّكبيرُ للعِيدِ نوعَانِ: تكبيرٌ مُرسَلٌ، آخَرُ مُقَيَّدٌ، أمَّا المُرسَلُ فَهُوَ التَّكبيرُ الذِي لَا يتقيَّدُ بحَالٍ، بل يُؤتَى بِهِ فِي المنَازِلِ، والمَسَاجِدِ، والطُّرُقِ؛ لَيلاً ونَهَاراً [المجموع: 5/32]، وهُوَ مشروعٌ فِي الأضحَى باتّفاقِ العُلمَاءِ، وفِي عيدِ الفِطرِ عندَ مالكٍ والشَّافعيِّ وأحمدَ [مجموع الفتاوى: 24/221]، ويشهَدُ لهُ ما ذكرَهُ البُخاريُّ فِي صحيحِهِ مُعلَّقاً: (كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضيَ اللهٌ عنهُم يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا) [صحيح البخاري: 2/20]، وروَى نافِعٌ: (أنَّ ابنَ عُمَرَ رضيَ اللهٌ عنهُما كَانَ يَغدُو إلَى العِيدِ مِنَ المَسجِدِ، وكَانَ يَرفَعُ صَوتَه بالتَّكبيرِ حَتَّى يأتِيَ المُصَلَّى، ويُكَبِّرُ حَتَّى يأتِيَ الإمامُ) [سنن الدارقطني: 1712].

3. التَّكبيرُ المُقيَّدُ هُوَ التَّكبيرُ المَشرُوعُ عَقِبَ كلِّ صلَاةٍ مَكتوبَةٍ بعدَ الاستِغفَارِ، واتَّفقَت كلمَةُ المَذاهِبِ الأربعَةِ علَى مشروعيَّتِهِ واختلفُوا فِي وَقتِهِ [المبسوط: 2/42، المغني: 3/287]، والرَّاجحُ مِن أقوَالِ العُلَمَاءِ أنَّ وقتَهُ فِي الأضحَى يبدأُ مِن صَلاةِ فَجرِ يومِ عَرفةَ إلى عَصرِ آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ، أيِ: اليومِ الثَّالِثَ عَشرَ [المجموع: 5/39]، ويشهدُ لذلكَ ما ثبتَ عَن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: (أنَّه كان يُكبِّرُ من صلاةِ الفجرِ يومَ عَرفةَ، إلى صَلاةِ العَصرِ مِن آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ) [مصنف ابن ابي شيبة: 2/165]، أما المُحرِمُ فيبدَؤُهُ مِن صَلاةِ الظُّهرِ يومَ النَّحرِ.

4. التَّكبيرُ فِي العِيدَينِ لَهُ صِيغٌ عديدَةٌ المَشهُورُ مِن نصُوصِ الإمَامِ الشَّافعيِّ رحمَه اللهُ أنَ يقُولَ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ [منهاج الطالبين: 53]، ويشهدُ لهُ مَا جَاءَ عنِ الأَسودِ، قالَ: (كانَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ، يُكبِّر مِن صَلَاةِ الفَجرِ يومَ عَرفةَ، إلَى صَلَاةِ العَصرِ مِن النَّحرِ؛ يَقُولُ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ) [مصنف ابن أبي شَيبة: 2/165].

قالَ الإمامُ الشافعيُّ: "وَإِنْ زَادَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، فَحَسَنٌ، وَمَا زَادَ مَعَ هَذَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَحْبَبْتُهُ" [الأم: 1/276].

5. نقَلَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ رحمهُ اللهُ فِي حِكمَةِ اختصَاصِ هذِهِ الأيَّامِ بالتَّكبيرِ عَن الْخَطَّابِيُّ رحمَه اللهُ قولَهُ: "حِكْمَةُ التَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَذْبَحُونَ لِطَوَاغِيتِهِمْ فِيهَا، فَشُرِعَ التَّكْبِيرُ فِيهَا إِشَارَة إِلَى تَخْصِيصِ الذَّبْحِ لَهُ، وَعَلَى اسْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ" [فتح الباري: 2/462].

واللهُ تعالَى أعلمُ.

✍️ محمد سليمان نصر الله الفرا
رابطة علماء فلسطين - خان يونس
الجمعة 3 ذي الحجة 1441 ه‍
المـوافـــق 24 تـمـوز 2020 م

https://t.me/mohammadelfarra




- انشر الخبر -