الطفلان أحمد ومحمد.. شاهدان على مجزرة الأسطل
"إنتَ وأولادك أحمد وأمين وندى ذبحتكم إسرائيل يابا"، عندما يتحدث الوالد مع ابنه ثائر وأحفاده الشهداء هكذا فاعلم أن يد الاحتلال "الإسرائيلي" لُطِّخت في دماء أطفال غزة وأوغل في طغيانه بحق الآمنين.
أدخلت الأطقم الطبية بمجمع ناصر في خانيونس أحدَ عشر شهيدًا من أفراد العائلة في ليلة واحدة، وعلى مرأى ومسمع الطفلين الناجيْن الذين حملقا بأعينهم لا يعلمون هل يبكون أم يصمتون؟
جدُّ الأطفال احتضنهم وقد أحاطت بهم جثث أبنائه وأحفاده، يتساءل الحاج عمران الأسطل "من هذا؟أين ابني وعائلته؟" متسائلا هل سينجو منهم أحد، حتى أفاق من الصدمة بمعرفته أن من يحتضنهم بين ذراعيه هم الناجون فقط.
الطائرات الحربية "الإسرائيلية" باغتت الآمنين في غفلتهم بالنوم على أمل الراحة من يوم عصيب شهدوه في وداع أقاربهم الشهداء الذين سبقوهم، ولم يعلموا أنهم الهدف التالي لتلك الطائرات فقد فتت أجساد أطفالهم وأدمت قلوب الطفلين محمد وأحمد على ذويهم.
ماذا أخبرهم؟
واختطفت الطائرات "الإسرائيلية" أرواح أحد عشر مواطنًا جُلهم من الأطفال الأشقاء من عائلة الأسطل، ونجا من العائلة المستهدفة طفلين فقط، خلال الحرب المستمرة على المواطنين في قطاع غزة.
وما أن أغمض أطفال عائلة الأسطل عيونهم للغوص في أعماق الأحلام وعالم الطفولة الذي يتمنى الكبار العيش فيه، حتى انقلب الحلم الجميل إلى كابوس فظيع ماتت فيه الطفولة.
ترى نظرات الحزن والدموع في عيون الطفلين الذين فرّق بينهم وبين ذويهم صاروخ من طائرات حربية "إسرائيلية" غادرة أنهت أحلامهم وآمالهم في الحياة كما هي مع ذويهم.
وبالعودة إلى مشفى ناصر الطبي، وفي لحظة سكون مفاجئة استجمع خلالها الحاج عمران قواه، لينهض من مكانه بين الشهداء ويصرخ في كل مكان، "حسبنا الله ونعم الوكيل، هؤلاء الأطفال فقط الناجين، ماذا أخبرهم حين يسألوا عن أهلهم؟".
لكن "إسرائيل لا تعرف للإنسانية مكان ولا تفرق بين طفل وامرأة ورجل فكلهم أهداف على طبقٍ من الدماء يحب رؤيته قادة الاحتلال" كما يقول الحاج الأسطل بحرقة كبيرة على ما أصاب عائلته فجرًا.
كابوس الأطفال
"هي ليلة كابوس عظيم شهدناها نحن وأطفالنا"، كما يقول الأسطل، فقد ودّع الأطفال رِفقة جدهم أشقائهم ووالدهم الذي لم يستطع حمايتهم من الإصابة أو الموت بفعل القصف المستمر عليهم.
ولم يأت العيدُ الذي مضى كأيّ يومٍ في الحرب على العائلة الصغيرة كما الأعياد السابقة، حتى أنه لم يُطل برأسه لينشر الفرح على المنزل، فأطفالهم ونسائهم ورجالهم قتلتهم "إسرائيل".
بعض أفراد العائلة قالوا بعد أيام من ارتقاء شهدائهم: "علينا عدم الحديث عن مجرمهم شاؤول أرون الذي أسره القسام بغزة، ولنبحث جيدًا عن أبنائنا ونلملم جراحنا لنقف مع المقاومة".
ولن تنهي الحكاية عند هذا الحد، فالأيام القادمة تحمل الكثير من المواقف التي تظهر حجم الألم والمعاناة للعائلات الفلسطينية في قطاع غزة، لكن للمقاومة كلمتها وللأطفال عيدهم يومًا ما.