سلط مركز بحثي إسرائيلي الضوء على مدى تأثير المخطط الإسرائيلي لضم مناطق بالضفة الغربية المحتلة وغور الأردن على العلاقات مع دول الخليج، مؤكدا أن معارضة تلك الدول "العلنية" للخطوة ستستمر، ولكن تعاونها "الأمني الهادئ سيبقى".
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده يوئيل جوجانسكي، أنه "على خلفية البحث والخطاب الجاريين في الدول العربية بشأن الضم، توجه علنا ومباشرة ثلاث شخصيات خليجية إلى الجمهور الإسرائيلي؛ أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية بالإمارات، ويوسف العتيبة، سفير الإمارات بواشنطن، ونواف عبيد، مستشار سابق للحكومة السعودية، وعرضوا موقف دولهم من المسألة".
ونوه إلى أن "الرسائل لم تكن موحدة، ويمكن العثور على تضاربات ظاهرة بينها، ويبدو أنها صيغت بشكل يكون فيه لدول الخليج مجال للمناورة في مسألة الضم والعلاقات مع تل أبيب، وهنا يطرح السؤال: إلى أي مدى سيمس الضم بالعلاقات بين إسرائيل ودول الخليج؟".
ولفت إلى أن "الجواب يرتبط بالشكل الثنائي الخاص للعلاقات التي نسجت على مدى السنين بين إسرائيل وبعض من هذه الدول"، مؤكدا أن "معارضتها العلنية للخطوة ستستمر، ولكن تعاونها الأمني الهادئ سيبقى".
"تجارة هادئة"
وأكد المركز في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان: "نظرة عليا"، أن "العلاقات تطورت بين إسرائيل ودول الخليج على مدى العقود الأخيرة في عدة قنوات متوازية؛ قناة أمنية واستخبارية بقيت سرية؛ وقناة اقتصادية وتجارية هادئة، وقناة من الحوار الديني والثقافي".
وبين أنه إلى "جانب العلاقات السرية في الغالبية الساحقة من هذه العلاقات، تطورت مع الزمن علاقات علنية؛ تضمنت لقاءات بين مسؤولين كبار من الطرفين، وفي فترات التقدم السياسي في الساحة الفلسطينية – الإسرائيلية، كانت العلاقات أكثر علنية مما هي في الوقت الحالي، وشملت إقامة ممثليات إسرائيلية رسمية في عُمان وقطر".
اقرأ أيضا: ذا هيل: خطة الضم تعمق الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين
وأشار التقدير إلى حالة من "التذبذب في العلاقات"، متوقعا أن "تدفع خطة الضم دول الخليج إلى التراجع نحو الخلف في جوانب مختلفة من التطبيع وخاصة العلنية؛ رغم أن المسألة الفلسطينية لا توجد على رأس اهتمامها اليوم".
وتابع: "من المتوقع تناسب إيجابي بين حجم الضم المتوقع، وشدة معارضة الجماهير العربية له، وحجم الضرر المحتمل للعلاقات مع تلك الدول"، مؤكدا أن "التعاون الأمني الهادئ، لن يتضرر بشكل كبير ومتواصل".
وذكر المركز أن "إسرائيل أولت أهمية شديدة للجانب العلني في علاقاتها مع الدول العربية، ولا سيما تلك التي ليس لها علاقات رسمية معها رغم المصالح المشتركة، وعليه سيكون للمس بجملة العلاقات العلنية التي نسجت على مدى الزمن، معنى استراتيجي سلبي".
واعتبر أن المقالات التي نشرت مؤخرا من قبل العتيبة في "يديعوت أحرنوت"، وعبيد في "هآرتس"، وقرقاش، فيها توجه مباشر وعلني للجمهور الإسرائيلي، وهي "بحد ذاتها تعبير عن التطبيع"، منوها إلى أنها حملت "تهديدا بالمس بالعلاقات مع إسرائيل إذا نفذ الضم، وفي الوقت نفسه، عرضت على إسرائيل ضمنا تحسينا للعلاقات إذا ما ألغيت نية الضم".
ومن بين الأمور التي قد تتضرر بحسب التقدير الإسرائيلي؛ "الحوار الديني، والسماح بالطيران لشركة هندية إلى إسرائيل فوق الأجواء السعودية"، لافتا إلى أن قرقاش خلال مشاركته في مؤتمر اللجنة اليهودية الأمريكية، "ميز بين خلافات الرأي مع إسرائيل في المسألة الفلسطينية، والقدرة بل والحاجة للتعاون معها في مسائل إقليمية أخرى".
وعد ضمني
ورأى المركز في تصريحات قرقاش بأنها "وعد ضمني باستمرار التعاون مع إسرائيل حتى لو نفذت الضم"، موضحا أن "زعماء دول الخليج، لديهم تخوف من المس بمكانتهم، ومن اضطرابات جماهيرية تمس باستقرار حكمهم، إذا لم يعربوا عن معارضة قاطعة للضم، بينما إيران وتركيا يجمعان نقاط الاستحقاق على معارضتهما للضم".
وأوضح أن "موقف دول الخليج من المسألة الفلسطينية ثنائي البعد، وقد اجتاز تغييرات معينة في العقدين الأخيرين، فدول الخليج كانت تشترط في الماضي تنمية العلاقات بينها وبين إسرائيل بتسوية سلمية شاملة مع الفلسطينيين، ولكن في السنوات الأخيرة، عمليا تآكل هذا الموقف".
وتابع: "موقف الدول اليوم أقرب إلى الصيغة التي عرضها عبيد في مقاله؛ أن التقدم في الجبهة الفلسطينية سيجاب بتحسين العلاقات العلنية مع إسرائيل، وهذا الموقف بقدر كبير حل وسط بين الموقف الإسرائيلي والفلسطيني"، منبها إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعطى في السنوات الأخيرة أولوية لتحسين العلاقات مع الخليج والمغرب على القناة الفلسطينية".
اقرأ أيضا: سفير أمريكي سابق بتل أبيب: الضم سيكلف إسرائيل ثمنا باهظا
وأشار التقدير إلى أن الجانب الفلسطيني (السلطة)، عمل على "لجم مظاهر التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ولا سيما الخليجية، للإبقاء عليها كورقة مساومة مع تل أبيب".
ولفت إلى أن "الثنائية في موقف دول الخليج من إسرائيل، تعود إلى تطلع تلك الدول للإبقاء على علاقات طيبة مع واشنطن"، مضيفا: "قدرة دول الخليج لتوثيق العلاقات والإعلان عنها، محدودة عقب الجمود السياسي المتواصل في القناة الفلسطينية-الإسرائيلية ، ولكن التهديدات المشتركة تبقي التعاون السري بين الطرفين، وينبغي التوقع ألا تقلل مسألة الضم، حتى وإن خرجت الخطوة إلى حيز التنفيذ، بقدر كبير التعاون الأمني الهادئ".
وقدر أن "إيران في كل الأحوال ستخرج رابحة من تنفيذ خطة الضم؛ فالخطوة ليس فقط ستصرف الانتباه عن تقدمها نحو النووي العسكري، بل ستجعل من الصعب على تل أبيب تحقيق الشرعية الدولية لخطوات ضدها".
وخلص التقدير في نهايته، إلى أنه في حال نفذت "إسرائيل" الضم، "لن يؤدي إلى قطع شامل للعلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، ولكنه بالتأكيد سيمس بقدرتها على التقدم بالتعاون العلني".