رمضان جُنَّة... وهو السبيل إلى الجنة / خطبة لفضيلة الشيخ ياسين الأسطل


تم النشر 06 يوليو 2014


عدد المشاهدات: 988


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1 ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَديداً (70)  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) } الأحزاب .

أما بعد،فان أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار،وبعد، عباد الله ، أيها المسلمون :      

 

{ رمضان جُنَّة... وهو السبيل إلى الجنة }

 

حديث رمضان حبيب القلوب ، وهو المقرب إلى كل محبوب ، فياحبذا الحبيب ، وياحبذا المحبوب ، فمن ذاق اشتاق ، ومن عرف غرف ، ومن علم لزم ، فسبحان الذي خلق ورزق وهدى ، وصلى الله وسلم على من إليه دعا ، ودل على سبيل الخيرات ، ونهى عن المهاوي المهلكات ، فيا حبذا الجنة واقترابها ، طيبةً وباردٍ شرابها ، ما أطيبك يارمضان ، وما أطيبك يا أيها الصائم النهار ، القائم الليل ، فأنت طالب الجنان ، الفارُّ من النيران ، المقبل على الرحمن ، المدبر عن الشيطان ، أبشر بثقيل الميزان ، وعظيم الإحسان ، يوم لقاء الملك الديان ، وهل يجازى أهل الخير إلا خيرا ، ومن كان من أهل الشر فلن يلقى إلا شرا !.. 

ومن رحمة الله بنا يا إخوة الإسلام هذا الركن العظيم الرابع من أركان الإسلام الصيام ، هذه العبادة السامية ، والتي تسمو بصاحبها - راحمةً نفسَه من نفسِه – فتصير النفس الأمارة بالسوء نفساً لوامةً ثم تعلو به في مدارج السالكين لمنازل السائرين في مراقي الفلاح فتغدو نفساً مطمئنة حتى لكأنه مَلَكٌ من الملائكة ، لا يشغله طعامٌ  ، ولا يلهيه شراب ،شأنه التسبيح والتقديس ، و ديدنه التحميد والتمجيد لربه عز وجل ، وهو إما تالٍ لكتاب الله ، أو عامرٍ لبيت الله ،كما تسمو بصاحبها راحمةً إخوانه من بني آدم فيحسن ٍإلى الفقير ، ويعين المحتاج ، وفي صحيح البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس رضي الله عنهما قال : 

(كان النبي صلى الله عليه و سلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه و سلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة ) .

فلله أنت أيها الصائم ، يا من حفظت بطنك ،كما حفظت فرجك ، ليس فقط مما حرم الله ؛ بل ومما أباح ، كما أمرك الله في نهار رمضان ، ولم تكتف بهذا بل كنت حافظاً لسانك وأذنك وعينك ، وقلبك وشعورك ، أقبلت على الله فبذلت شيئاً من مالك صدقة أو صلة ، فأقبل الله عليك رحمةً وبرا ، ورفعةً وسترا ، رضيت عن الله فصارت المحنة - بصبرك عليها وتقواك فيها- منحة فرضي الله عنك ، ، فعجباً لأمر المؤمن - كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولا يكون ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر الله فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، فأنت بين الخيرين تتقلب ، نفسك بذكر الله مطمئنة ، ولسانك بالخير ناطق ، ويدك بالفضل ممتدة ، وعينك للحق دائبة ، وأذنك في طيب القول وكريم الكلام راغبة ، أنت في كنف الله لأنك ترى الله في كنفك ، فتعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ولكأنك أنت الذي فيه الحديث عن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ " .

عباد الله ، أيها المسلمون : 

فرض الله الصيام علينا ليكون سبيلاً للتقوى ، ولم نكن بدعاً فيه ، فقد كان مفروضاً على من قبلنا ، قال عز من قائل :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183. بل كان شعار الشاكرين ممن قبلنا من الأنبياء والصالحين ، فهذه مريم عليها السلام ، لما أن أنعم الله عليها بعيسى صلى الله عليه وسلم أمرها ربها : { ..فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً } مريم 26 ، وفي المتفق عليه عند الشيخين البخاري ومسلم من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما - واللفظ للبخاري - أنه حَدَّثَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ؛ فَقَالَ: أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ قَالَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: خَمْسًا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: سَبْعًا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: تِسْعًا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: إِحْدَى عَشْرَةَ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لاَ صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، شَطرَ الدَّهْرِ، صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا " .

عباد الله أيها المؤمنون : 

وفي فضل الصوم في سبيل الله تعالى روى النسائي بسنده عن النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفا " ، قال الشيخ الألباني : صحيح . وفي رواية للنسائي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من صام يوما في سبيل الله عز و جل باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام " ، قال الشيخ الألباني : حسن . ولكن هذا الفضل إنما هو لمن صام رمضان بشرط الصيام على هدي النبي صلى الله عليه وسلم .

* ففي النية الإيمانُ والاحتسابُ :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) .رواه البخاري .

* وفي العمل تأخير السحور ، وتعجيل الفطور :روى البخاري أيضاً من طريق أبي حازمٍ عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : ( كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ) . 

وعَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : " لاَ يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ"رواه أبوداود .

فلتحرص أخا الإسلام على الصوم والقيام إيماناً بالله جل وعلا ، وبما شرع في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، واحتساباً للثواب من الله تعالى ، ولتسلك سبيل السلف في عباداتهم ومنها الصيام ، متمسكاً بآدابه وسننه ، ممتثلاً أحكامه ، مبتعداً عن مكروهاته ، متقللاً من تناول الشهوات ولو كانت حلالا ، فما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه ، وقد قيل البطنة تذهب الفطنة ، وخير منه قول الله تبارك وتعالى :  {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }الأعراف31 .

 عباد الله ، أيها المسلمون ، أيها الصائمون  : 

لقد أظلكم شهر رمضان ، شهرٌ كريم ، تفتح فيه أبواب الجنان ، وتغلق أبواب النيران ، وتصفد الشياطين ، وتضاعف فيه الحسنات ، وتغفر فيه السيئات ، فعن مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ،فلما رقي عتبة قال آمين ، ثم رقي أخرى فقال آمين ، ثم رقي عتبة ثالثة فقال آمين ، ثم قال أتاني جبريل عليه السلام فقال : يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله فقلت آمين ، قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله فقلت آمين ، قال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله ، قل آمين فقلت آمين " ، رواه ابن حبان في صحيحه ، وقال الألباني صحيح لغيره ، الرابح في رمضان من صبر ، و الموفى الأجر من غفر ، قال سبحانه وتعالى : {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }الشورى43. ، وأما الشاكرون فمالك ومالهم ، اسمع قول الله : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }إبراهيم7 ، فأهل الشكر هم أهل الزيادة ، قال الإمام ابن القيم في حادي الأرواح :(..وفي أثر إلهي يقول الله تعالى : أهل ذكر أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي و أهل شكري أهل زيادتي و أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، ابتليهم بالمصايب لأطهرهم من المعايب ..).

اللهم وفقنا للأعمال الصالحات ، وجنبنا السيئات ، ومن تق السيئات يومئذٍ فقد رحمته ، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين ، اللهم آمين ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي جعلنا من المسلمين تفضلاً وتكرما ، والصلاة والسلام على نبيه محمد ، وعلى آله السعداء ، وأصحابه الأوفياء ، ومن اتبعهم بإحسانٍ إلى يوم القيامة تقرباً وتعظما ، وعنا معهم اللهم آمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .أما بعد ، عباد الله ، أيها الصائمون القائمون : 

وفي الحديث عند البيهقي في شعب الإيمان : عن عطاء بن السائب عن عرفجة قال : كنا عند عتبة بن فرقد و هو يحدثنا عن رمضان إذ دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فسكت عتبة بن فرقد ثم قال : يا أبا عبد الله حدثنا عن رمضان كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول فيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " رمضان شهر مبارك تفتح فيه أبواب الجنة و تغلق فيه أبواب السعير و تصفد فيه الشياطين و ينادي منادي كل ليلة يا باغي الخير هلم و يا باغي الشر أقصر " .

 قال الإمام أحمد رحمه الله قال الحليمي :

 و تصفد الشياطين في شهر رمضان يحتمل أن يكون المراد به أيامه خاصة ،و أراد الشياطين التي هي تسترق السمع ، ألا تراه قال : مردة الشياطين ،لأن شهر رمضان كان وقتا لنزول القرآن إلى السماء الدنيا ، وكانت الحراسة قد وقعت بالشهب ، كما قاله :  { و حفظا من كل شيطان مارد } ، التصفيد في شهر رمضان مبالغة في الحفظ و الله أعلم ،ويحتمل أن يكون المراد به أيامه و بعده ، و المعنى أن الشياطين لا يخلصون فيه في إفساد الناس إلى ما يخلصون إليه في غيره ،لاشتغال أكثر المسلمين بالصيام الذي فيه قمع الشهوات ،وبقراءة القرآن و سائر العبادات و أعلم . والصوم جُنَّةٌ للصائمين ، أي وقاية من المعاصي ، ووقاية من النار ، ففي صحيح ابن حبان عن أبي بكر بن بشير عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت ، النار أولى به ، يا كعب بن عجرة الناس غاديان : فغاد في فكاك نفسه فمعتقها وغاد موبقها يا كعب بن عجرة الصلاة قربان والصدقة برهان والصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا ) قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح .

 وكان للصيام هذه المزية يا عباد الله فهو يحد من فوران الدم وهيجانه عند هضم الطعام ، مما يسهل على الشيطان مسالكه في عروق ابن آدم ، فيوسوس له بما شاء ، لذلك ندب النبي صلى الله عليه وسلم الشباب الذين لم يستطيعوا الزواج لعجزهم عن الباءة إلى الصيام ، ففي الحديث رواه البخاري في صحيحه بسنده عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع عبد الله رضي الله عنه فقال : كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم فقال :( من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) .

أيها الصائمون القائمون :

إن الله غنيٌ عن عبادة العابدين ، وزهد الزاهدين ، ولكن الخير كل الخير يعود على هؤلاء العابدين بعبادتهم لله سبحانه وتعالى ، ولذلك من لم يدع من هؤلاء الصائمين قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه ، فقد روى الإمام البخاري واللفظ له ،وأبوداود والترمذي وأحمد وسواهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) .

فكثيرٌ ممن يتسمى بالصائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، وكثيرٌ ممن يتسمى بالقائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، وفي الحديث عند أحمد في المسند عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر " ، قال الأرنؤوط : إسناده جيد .

عرفت أيها الصائمُ الوسيلةَ فَالْزَمْ ، وذقت حلاوة الإيمان فَاطْعَمْ ، وأدركت الحقيقة فاعلم ، ومن أصاب عمله السنة يَسْلَم ويغنم ، اللهم وفقنا للعمل بدينك القويم ، وثبتنا على صراطك المستقيم ،وتقبل منا الصيام والقيام ، وألزمنا ما تحب وترضى على التأبيد والدوام ، وجنبنا ما تسخط من الأقوال والاعتقادات والأعمال وسائر المعاصي والآثام ، فهي سبيل الهلاك والعذاب الغرام ، اللهم آمين .

يا عباد الله : 

ألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه والسلام فقال :  {إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}الأحزاب 56 .. 

اللهم صلِّ وسلم على محمد وآله الأكرمين ، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك ،اللهم اجعل رزقنا رغدا ولا تشمت بنا أحدا ، اللهم اشف مرضانا ، وفك أسرانا ، وارحم موتانا ، وانصرنا على من عادانا برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ بناصيته للبر والتقوى ، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار ،اللهم إنا نسألك أن تنصر الداعين إلى سبيلك على البصيرة ، اللهم احفظ المسجد الأقصى وأهله ومن حوله من الصهاينة المعتدين المحتلين واجعله شامخا عزيزا إلى يوم الدين ، اللهم اجمع شتاتنا ، ووحد صفنا ، واجبر كسرنا ، اللهم قد مسنا الضر والأذى ، وأنت بنا أرحم فوفق اللهم المختلفين منا ليأتلفوا، والمتفرقين عزين ليكتنفوا ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولأعمامنا والعمات ، ولأخوالنا والخالات ، وأبنائنا والبنات ، وإخواننا والأخوات ، وأقربائنا والقريبات ، وجيراننا والجارات ، ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات،سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك،عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ،   ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 




- انشر الخبر -