تخبطٌ تحت وطأة الفشل / بقلم أ.عبد الكريم الأسطل


تم النشر 30 يونيه 2014


عدد المشاهدات: 1009


تخبطٌ تحت وطأة الفشل

ظل سيدنا سليمان ممسكاً بعصاه وقد انتصب أمام جيشه من الجن ميتاً ردحاً من الزمن، فلما نخرت دابة الأرض مِنسأته وخرَّ جثةً هامدة؛ تبين للجن الذين يدعون علم الغيب أنهم لو كانوا كذلك؛ ما لبثوا في العذاب المهين.

مع تأكيد الفارق بين أطراف التشبيه، نرسم صورةً للعالم الذي ظل مرتكزاً على (إسرائيل) في تركيع حكام وشعوب منطقتنا العربية عقوداً من الزمن، حتى استمرأ حكامنا ذلك الحال وباتوا يعيشون وكأن هذا الحال جزءً من نواميس الكون، كشروق الشمس من مكانٍ وغروبها في مكانٍ آخر، ليس ذلك فحسب؛ بل إنهم هبوا في وجه من وقف يقول غير ذلك، ولما تمكنت الأجيال المخلصة من نخر عصا الغرب في مراتٍ عديدة؛ كرد عدوان (إسرائيل) في تموز 2007 في لبنان، وتمكن المقاومة الفلسطينية من أسر شاليط من عقر دارهم، والصمود في وجه عدوان (إسرائيل) عام 2008/2009، وتمكنها في عام 2011 من نخر العصا من الداخل؛ وأن تلك العصا قد بدأت بالتآكل فعلاً منذ أن وصلت الصورايخ إلى قلب العصا (تل آبيب) إلاّ أن ذلك لم يكن كافياً لأن يفق هؤلاء من غفلتهم، أو للتدليل على هشاشة تلك العصا من داخلها.  

واليوم وبعد ما يقرب من أسبوعين على اختفاء ثلاث جنود، أو خطفهم من عقر مأمنهم – إذا صدقت الرواية الصهيونية – لم تكد تستفق (إسرائيل) بعدُ من صفعة شاليط؛ أو  حتى لم تكد تلملم أو تعثر على خيوط الهزيمة الاستخبارية؛ تستيقظ اليوم على وقع صفعةٍ هي أكبر من أختها، وتقف أمامها عاجزةً بكل جبروتها، متخبطةً في ردود أفعالها، تعلق فشلها ووهنها على عاتق هذا الطرف أو ذاك دون أدنى دليل، بل وتمعن في تخبطها لتعتقل الأبرياء وتزجّ بجلِّهم في آتون ظلمها وتنكرها لكل الأعراف الدولية والإنسانية، إنه الاعتقال الإداري الذي يقض أبطاله المضربون عن الطعام مضجعها، غير آبهةٍ بأوضاعهم ومطالبهم الإنسانية.

ولم تقف صور التخبط (الإسرائيلية) عند هذا الحد؛ بل راحت تشن على قطاع غزة عدواناً سيكولوجياً يكوي وعيهم، عبر غاراتٍ هنا وهناك، تدل بصماتها عن مدى العجز واليأس الذي تعيشه القيادتين السياسية والعسكرية، في مواجهة النخر في هذه العصا المتآكلة، التي لا زالت توهم العالم أنه باستطاعته أن يتكأ عليها في فرض التبعية والإذعان، المفروضَيْن على الأمة منذ عقود.

إن ما تعيشه (إسرائيل) اليوم، هو نتاج ظلمها وعربدتها، وهي تخنق الآلاف من السكان الفلسطينيين وتصادر ممتلكاتهم، وتختطف المئات منهم، وتقتل من تشاء منهم بدمٍ بارد، في ظل صمت المجتمع الدولي، وسلطةٍ وأجهزةٍ أمنيةٍ بدلت دماء عروقها، حين صمتت عن معاناة الأسرى، بل وقمعت المظاهرات المؤيدة لمعاناتهم، وهبت للبحث عن جنود الصهاينة الذين اختفوا، وتركت الاحتلال يعربد في بيوت الآمنين وشوارعهم، ويختطف المواطنين من بين عوائلهم.

وأمام هذا المشهد المتناقض، من تبدل الأدوار، وادعاء القوة العسكرية والاستخبارية، والمباهاة بها أمام العالم، تقف (إسرائيل) بكل ما تدعيه؛ يائسةً من هول الضربة القاسية التي تلقتها باختفاء جنودها، عاجزة عن رفع أنفها من التراب، مبشرةً بمزيد من التخبط تحت وطأة الفشل.

                                                              بقلم : أ.عبد الكريم أحمد الأسطل

 




- انشر الخبر -