حسين جبارين - عكا للشؤون الاسرائيلية
هآرتس – مقال - 15/5/2020
بقلم: تسفي برئيل
(المضمون: على الرغم من خطوات ولي العهد السعودي لتحسين صورة المملة، ومن بين ذلك محاولة شراء فريق كرة القدم نيوكاسل الانجليزي، يبدو أن ابن سلمان يثبت في كل مرة من جديد أن التقليد السياسي اقوى من أي روح جديدة - المصدر).
إدارة نادي كرة القدم نيوكاسل يونايتيد وجدت نفسها في مشكلة. حتى الآونة الأخيرة كان صاحب النادي مايك اشلي متأكد أن صفقة بيع النادي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان مقابل 300 مليون جنيه استرليني ستنتهي بالنجاح. الأوراق كانت جاهزة للتوقيع، لكن في حينه وصل ممثلون من منظمة "فير سكوير" التي تحقق في المس بحقوق الانسان ومن امنستي وادعوا امام مدير عام الدوري البريطاني الممتاز، ريتشارد ماستريس بأن الصفقة لا تتناسب مع المعايير للمصادقة على اهلية اصحاب الاندية لأن يكونوا اعضاء في الدوري البريطاني الممتاز.
في الرسالة التي ارسلتها "فير سكوير قيل إن محمد بن سلمان يمكن أن يستخدم قوته للتأثير على نادي آخر، هو شفيلد يونايتيد، الذي يملكه أمير سعودي آخر هو الأمير عبد الله، وأن سلوك ابن سلمان يمكن أن يضر ببريطانيا دون علاقة مع مسألة ادانته. هذا الادعاء موجه بالطبع الى تورط ابن سلمان في قتل الصحافي جمال الخاشقجي في اسطنبول قبل سنتين تقريبا.
ممثل المنظمة، نيكولا ماكغين، قال في مقابلة مع الـ بي.بي.سي بأن مجلس الشيوخ الامريكي قرر بالاجماع بأن ابن سلمان هو المسؤول عن قتل الخاشقجي. والمحقق الخاص في الامم المتحدة اشار الى دور ابن سلمان في عملية القتل. "ليس فقط أنه يوجد لابن سلمان سيطرة كبيرة على الامير عبد الله، نحن نعرف ايضا أنه استغل قوته من اجل ابتزاز أمراء آخرين دون علاقة بالعلاقات العائلية بينهم"، قال ماكغيان. وحسب قوله "نحن ايضا نعرف العلاقات المقربة لابن سلمان مع ولي عهد دولة الامارات، محمد بن زايد، صاحب نادي مانشستر يونايتيد، وهكذا الحديث لا يدور فقط عن التأثير على نادي شفيلد". اضافة الى ذلك يقف أمام ابن سلمان ادعاء آخر يقول بأن شبكة التلفاز بي.آوت التي تبث عبر القمر الصناعي عربسات الذي تسيطر عليه السعودية، سرقت بث الدوري البريطاني من شبكة بي. إن القطرية، صاحبة امتياز بث الدوري في الشرق الاوسط.
وحسب استطلاع اجري بين مشجعي نيوكاسل، نحو 96 في المئة من المستطلعين أيدوا الصفقة السعودية. ولكن إبن سلمان لا زال بحاجة الى مصادقة ادارة الدوري الممتاز التي في شهر شباط طلبت من الادارة الامريكية أن تضع السعودية في "قائمة الرقابة" بادعاء أنها تشارك كما يبدو في قرصنة وسائل الاعلام. ازاء هذه الورطة يبدو أن صاحب نادي نيوكاسل قرر البحث عن مشتر آخر وأن يترك ابن سلمان يبحث لنفسه عن ناد آخر.
ابن سلمان بحاجة الى نادي نيوكاسل كجزء من حملته لتحسين صورة السعودية، التي تشمل ضمن امور اخرى، التصريح الذي سمح بسياقة النساء وقرار اقامة بنية تحتية ثقافية وترفيهية حديثة في المملكة، وقص اجنحة شرطة الاخلاق وزيادة عدد المهن التي يمكن للنساء العمل فيها. ولكن هذه الخطوات لا تنجح حتى الآن في تليين موقف الكونغرس الامريكي ضده، والتهديد بفرض عقوبات وسحب القوات الامريكية من السعودية طالما أنه يعتبر المسؤول عن قتل الخاشقجي وقتل عشرات آلاف المواطنين اليمنيين في الحرب المستمرة منذ خمس سنوات دون حسم.
الحديث يدور عن موقف يخترق الاحزاب ويتشارك فيه الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء، رغم الدعم القوي للرئيس ترامب لابن سلمان. ولكن ايضا يوجد لهذا الدعم كما يبدو حدود. ففي الشهر الماضي كشفت وكالة "رويترز" عن مضمون مكالمة هاتفية اجراها الرئيس ترامب في بداية شهر نيسان مع محمد بن سلمان، التي فيها هدد الرئيس ترامب ولي العهد السعودي بأنه اذا لم يقلص انتاج النفط ويعمل على رفع سعره في السوق العالمية فانه سيجد صعوبة في منع الكونغرس من سن قانون لسحب القوات الامريكية من السعودية. وهكذا خلال عشرة ايام توصلت السعودية وروسيا، وهما دولتان أدت المنافسة بينهما الى انخفاض دراماتيكي في اسعار النفط، الى الاتفاق على تخفيض كبير لكميات النفط التي ستسوق. الولايات المتحدة هي حقا لا تحتاج النفط السعودي، لكن ولايات استخراج النفط في امريكا مثل تكساس واوكلاهوما وداكوتا تضررت بصورة شديدة من انخفاض اسعار النفط وطلبت من ترامب التدخل. ليس فقط هي، بل ايضا الولايات التي تنتج النفط من الصخر الزيتي والتي تساهم في تحرير الولايات المتحدة من الاعتماد على النفط العربي، ستضطر الى بيع البرميل بـ 50 دولار من اجل الوصول الى الربحية، والخوف المبرر كما يبدو هو أن روسيا والسعودية تعاونتا من اجل المس باستخراج النفط من الصخر الزيتي عن طريق تقليص ارباحهما.
التوتر بين الولايات المتحدة والسعودية ما زال لا يهدد شبكة العلاقات ذات الـ 75 سنة بين الدولتين. ولكنه يزداد بالتحديد في فترة فيها محمد بن سلمان غارق في ازمة اقتصادية من اصعب الازمات التي عرفتها الحكومة في العقود الاخيرة. حرب النفط مع روسيا التي اضرت بمداخيل الدولة، انضم اليها وباء الكورونا الذي قلص الطلب العالمي على النفط وقلص حجم سوق النفط السعودية، شبيها بكل الدول المنتجة للنفط. في شهر آذار هبط فائض العملة الصعبة في المملكة بـ 27 مليار دولار تقريبا – هذا تطور جعل وزير المالية محمد الجدعان يوضح بأن المملكة ستضطر الى اتباع سياسة شد الحزام واقتراض نحو 50 مليار دولار من مؤسسات تمويل خارجية. شد الحزام هذا وجد في هذا الشهر تعبيره عندما اعلنت الحكومة عن عدة خطوات منها وقف زيادة غلاء المعيشة للعاملين في بداية شهر حزيران. وتجميد عدد من المشاريع الكبرى، منها التي تشملها "رؤيا 2030" مثل اقامة مدينة المستقبل "نيئوم" ورفع ضريبة القيمة المضافة من 5 في المئة الى 15 في المئة – وهي خطوة ستؤدي الى ارتفاع الاسعار دون دفع تعويض عنها.
صفعة مدوية تعرض لها محمد بن سلمان بالذات من صديقه محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للامارات، الذي اعلن على الفور بأنه لا ينوي رفع ضريبة القيمة المضافة، وفي ذلك اكثر من اشارة للمستثمرين بأنه من المفضل عليهم سحب استثماراتهم من السعودية وتحويلها الى بلاده. في نفس الوقت اعلنت شركة النفط الوطنية "عرامكو" بأن ارباحها هبطت بـ 25 في المئة في الربع الاول من هذه السنة. وبهذا فان الحكومة ايضا لا يتوقع أن تحصل من الشركة على الضريبة التي تستحقها بالحجم الذي أملته.
هذه القرارات الجديدة تشعل الشبكات الاجتماعية في السعودية التي فيها ينتقد المتصفحون الضرر المتوقع بالتحديد للطبقات الفقيرة "في الوقت الذي فيه ابن سلمان مشغول بحملة شراء نادي كرة قدم بريطاني بمئات ملايين الدولارات على حساب المواطن السعودي". في حساب تويتر باسم "العهد الجديد" نشر كاريكاتور يظهر فيه إبن سلمان وهو يعصر مواطن سعودي بعصارة يدوية. وفي حساب آخر في تويتر باسم "مستشار الامير محمد بن نايف" (إبن عم محمد بن سلمان الذي اعتقل بتهمة الخيانة في شهر آذار) كتب بأن "الازمة الاقتصادية التي تعاني منها السعودية هي نتيجة تراكم قرارات اتخذها ابن سلمان منذ توليه الحكم". صاحب الحساب لا يقلقه كما يبدو التوجيه الجديد الذي نشرته النيابة العامة الاقتصادية والذي بحسبه حظر نشر وثائق أو معلومات سرية، وأن المخالفين ينتظرهم عقاب يصل الى عشرين سنة وغرامة تصل الى مليون ريال. هذا التعديل لا يشرح ما هي المعلومات السرية وهل تشمل رأي أو تحليل للوضع البائس للمملكة