هل حان الوقت ليعيد الحلف الإسرائيلي-الأمريكي تصميم الشرق الأوسط؟


تم النشر 01 مايو 2020


عدد المشاهدات: 1202

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


جيفارا الحسيني - عكا للشؤون الاسرائيلية

بقلم: العقيد احتياط أوري هلفرن/ المساعد الاستخباري لرئيسي الحكومة نتنياهو وأولمرت وضابط الاستخبارات في قيادة المنطقة الجنوبية - معاريف

 

لا ريب أن أثر كورونا هو المصمم الجغرافي – السياسي العالمي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، فهو ينطوي إلى جانب المخاطر التي ستأتي في أعقاب الأزمة على استغلال فرص كبيرة أيضاً، وسيتيح تشخيصها الآن إلى جانب الأعمال الصحيحة إلى تغيير طويل المدى.
حتى لو سبقت إسرائيل جيرانها في الخروج من الأزمة، فلا يمكنها أن تحتمي تماماً من الآثار الإقليمية التي لواقع كورونا على جيرانها. فالساحة الفلسطينية، التي تعتمد بحبل السرة على الاقتصاد الإسرائيلي، ستوفر لنا تحديات إنسانية -وكنتيجة لها أمنية أيضاً– لا بأس بها.

 

ولكن ما يجري في إيران ودول نفوذها، لبنان سوريا والعراق، جراء كورونا كفيل بأن يوفر فرصاً أيضاً. إيران التي تتصدى منذ زمن بعيد لعقوبات خانقة وأسعار نفط متدنية وناتج قومي يراوح في المكان، تشهد اليوم إحدى الأزمات الأعمق والأكثر تحدياً التي عرفتها منذ صعود حكم آية الله. فإلى جانب الفقر والنقص المتفاقم، هناك تفاقم إضافي في مستوى التهديد المحدق بها من جهة واشنطن. ففي الأسابيع الأخيرة حركت الولايات المتحدة إلى المنطقة حاملتي طائرات أخريين. كل هذه وغيرها يشكل مؤشرات مقلقة، وعن حق، للقيادة الإيرانية.


في لبنان، حزب الله غارق حتى الرقبة في محاولة لتثبيت نفسه في الساحة اللبنانية الداخلية كـ "حامي لبنان"، في ظل فرز مقدرات لمساعدة مدنية واجتماعية وبالأساس في أوساط معاقل الشيعة. إن المفهوم الذي اعتقد بأنه سيتمكن من التفرغ بقوة أكبر للجبهة مع إسرائيل مع إنهاء مهامه في سوريا لحماية النظام، دحر في هذه المرحلة إلى أيام ملائمة أكثر. مؤشراته على إسرائيل، في شكل شق السياج الأسبوع الماضي كرد على هجوم إسرائيلي، ليست سوى محاولة عقيمة تستهدف كسب الوقت. وذلك بينما تغرق المنظمة في معالجة معاقلها المدنية، تحت اضطرارات مالية متفاقمة.
في سوريا المدمرة، لن يكون ممكناً مقارنة خطر كورونا أبداً بالمشاكل الأخرى، ومشكوك أن يضع الحكم الموضوع في رأس اهتماماته. فالإبقاء على المسارات البرية إلى العراق ومنه إلى إيران مفتوحةً يشير إلى أن الحاجة إلى تعزيز المحور الشيعي وتعاظمه لا يزال في رأس سلم الأولويات الأعلى. ولكن من الصعب التصديق بأن الشريك الروسي، القلق من تعاظم الوباء في الداخل، سيواصل تخصيص المقدرات لترسيخ المعسكر الشيعي. يحتمل أن يقلص تدخله الذي في ميل تقلص منذ زمن. ورغم ذلك، يشدد على أن المحور الشيعي لا يزال مصمماً على تحقيق تطلعاته لتوسيع الانتشار في المنطقة. فإيران مستعدة لأن تستثمر مقدراتها المتقلصة في تعميق تواجد الميليشيات في العراق وسوريا، والعمل على التقدم العنيد في مشروع دقة الصواريخ وتسليح حلفائها وفوق كل شيء، فإنها لا تتخلى عن ورقة النووي التي تشكل من ناحيتها بوليصة تأمين استراتيجية حيوية.


على فرض أن الضغط الاقتصادي في الأشهر القريبة القادمة على إيران وفروعها سيبقى بل وسيتعمق، والضغط الأمريكي لن يقل.. ستتسع الاحتجاجات الشعبية في الساحة الداخلية، وسيضطر النظام إلى تخصيص مقدراته للانشغال بها عن كثب. في ظل مثل هذا الواقع، تقع في أيدي إسرائيل والولايات المتحدة فرصة لإعادة تصميم الخطوط الحمراء التي تآكلت في السنوات الأخيرة في ضوء تعزيز القوة الإقليمية لإيران. في هذا الإطار يجب أن تتضمن الحملة ثلاثة عناصر عمل مركزية:


أولاً، تشديد الضغوط الاقتصادية. رغم الآثار الإنسانية فإن فيها ما يعمق الضغط المدني الداخلي على النظام، لتغيير سلم أولوياته الوطنية، من النووي إلى البنى التحتية الوطنية، ومن تمويل الميليشيات الإقليمية ووسائل القتال إلى أماكن العمل والغذاء.


ثانياً، ينبغي استغلال الضعف في أوساط القوى الشيعية في سوريا لتفعيل مركز ومصمم لخطوات عسكرية لتدمير منظومات تعاظم القوى الدقيقة في سوريا ولبنان، في ظل إبعاد القوات الشيعية من سوريا إلى لبنان. وكل هذا في أعمال حكيمة، دون اعتراف علني بالمسؤولية منعاً للتصعيد.


ثالثاً، ينبغي تفعيل منظومة إعلان ونزع شرعية غايتها تشديد الضغط الداخلي على النظام في إيران، في سوريا والعراق ولبنان. هدفها تجسيد الحاجة إلى تغيير عميق في سلم الأولويات الوطنية – إلى الاقتصاد، إلى الصحة وإلى الأمن الاجتماعي، بدلاً من الحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة.


في السطر الأخير، فإن كورونا والضعف المؤقت الذي علق فيه المعسكر الشيعي يسمح للحلف الإسرائيلي – الأمريكي بإعادة تصميم المجال الجغرافي – السياسي في الشرق الأوسط.
في ظل أزمة كورونا وأسعار النفط المتدنية والاستقرار الأساسي في الدول القاعدة للمعسكر الشيعي، تتوفر فرصة مشكوك أن تتكرر، لإبعاد كبير لإيران ولفروعها عن تحقيق الحلم في تثبيت تواصل شيعي استراتيجي من الخليج وحتى البحر، يقوم على أساس مظلة صواريخ بعيدة المدى دقيقة ذات قدرة مستقبلية على حمل سلاح نووي.




- انشر الخبر -