لماذا لا يعترف نتنياهو بأن المجتمع العربي بإسرائيل في "القارب الإنساني" ذاته


تم النشر 19 إبريل 2020


عدد المشاهدات: 1118

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


جيفارا الحسيني - عكا للشؤون الاسرائيلية

بقلم: ألكسندور يعقوبسون - هآرتس

 

كل الإنسانية في قارب واحد أمام هذا الوباء، قال رئيس الحكومة نتنياهو في ظهور له في التلفاز، وهو يتطرق إلى التعاون في هذا الأمر بين إسرائيل ودول أخرى. هذا صحيح بالطبع، لكن كان يجدر أن ينقل رئيس الحكومة الإسرائيلي هذه الأيام رسالة أخرى إسرائيلية محددة: العرب واليهود في إسرائيل في نفس القارب.

 

تلك الرسالة يحرص على عدم نقلها، وهذا لم يكن بالصدفة، ففي بلاغة السيد نتنياهو القليل جداً من الصدفة. فهو يقدر بأن هذا الأمر ليس هو ما تتوقع أن تسمعه قاعدته منه، وهذا الاعتبار كالعادة يفوق كل الاعتبارات الأخرى. شراكة المصير الإسرائيلية التي تشمل جميع المواطنين، اليهود والعرب، تغيب تماماً عن الخطاب الرسمي (رغم أن الوزير درعي اعتقد أنه يجب التأكيد عليها في أحد ظهوراته). ولكن شراكة المصير هذه موجودة بالفعل، وهناك إمكانية للأمل بأن تبقي انطباعها وتأثيرها على اليهود والعرب على حد سواء.

 

جانب من الجوانب البارزة والمعروفة لهذه الشراكة هو النسبة العالية التي يحتلها العرب في أوساط الأطباء وفي الوظائف الأخرى في جهاز الصحة في إسرائيل. كان يجدر أن يعطى لهذه الحقيقة تعبير مناسب في الخطاب الرسمي والعام، الذي يمجد وبحق إسهامهم وإخلاصهم وشجاعة المحاربين الذين يقفون على جبهة كورونا. من الجدير القيام بذلك، ليس لأنهم يستحقون شكراً خاصاً بقيامهم بعلاجنا، بل للتأكيد على أن هناك -في موضوع مصيري كهذا وفي هذه الأيام بشكل خاص، بل وفي كل أيام الجهاز الصحي- من يقرر، وهو الـ "نحن" والإنسانية والإسرائيلية بشكل عام. الـ "نحن" هذه أيضاً في جانب المعالج وفي جانب من يتم علاجه ليست شعاراً أو أمنية، بل حقيقة واقع إسرائيلي. وإحدى وظائف قيادة مسؤولة هي التعبير عن ذلك.

 

بالنسبة للتعامل فعلياً من قبل الجمهور العربي مع القيود القاسية التي فرضتها علينا جميعاً السلطة لمكافحة الوباء، يجب القول بحذر بأن -وأثناء كتابة هذه السطور- ليس هناك تأكيد للمخاوف الشديدة التي كانت لدى العديدين في هذا الموضوع. تجدر الإشارة أيضاً إلى أنه لم يوجد -حسب علمي- أي رجل دين مسلم أو حتى بين رجال الدين المتطرفين، دخل في مواجهة مع دولة إسرائيل أو احتج على صلاحيتها بالتحديد في هذا الموضوع. يمكن أن نفهم هذا السلوك المسؤول أيضاً على خلفية مواقف الجمهور العربي الواسع في هذه المواضيع، مثلما وجدت تعبيرها في "مقياس السلام آذار 2020" – وهو استطلاع شهري يصدر عن جامعة تل أبيب، الذي نشر مؤخراً.

 

حسب معطيات هذا الاستطلاع، ففي أوساط اليهود وكذلك العرب، هناك أغلبية كبيرة تؤيد الخطوات التي اتخذتها الحكومة لمكافحة الوباء. ولكن عندما يدور الحديث عن تأييد حاسم، أي من قبل الذين يقولون بأنهم "مؤمنون جداً" بضرورة هذه الخطوات، خلافاً للذين يقولون بأنهم مؤمنون، فإن تأييد الجمهور العربي يزيد بصورة بارزة ودائمة عن تأييد الجمهور اليهودي.

 

بخصوص منع الخروج من البيوت باستثناء الحالات الضرورية، فإن 56 في المئة من اليهود "يؤمنون جداً" بضرورته، مقابل 70.6 في المئة في أوساط العرب. بالنسبة لضرورة الصلاحيات التي أعطيت للشاباك في متابعة المصابين بكورونا من خلال الهواتف المحمولة، 44.3 في المئة من اليهود يؤمنون جداً، مقابل 28.9 في المئة في أوساط العرب. أي أن هناك اتفاقاً، لكن لا توجد حماسة. هذه الصلاحيات وأمثالها أثارت الأحاديث المتوقعة عن أنظمة ديكتاتورية وعن حكم عسكري. الجمهور العربي هو تقريباً الجمهور الأخير الذي كان يرغب في رؤية حكم عسكري في حدود إسرائيل. أيضاً شعار "اسمحوا للشاباك بالمتابعة" مشكوك فيه أن يثير الحماسة.

 

مع ذلك، فالأغلبية الساحقة في أوساط العرب خلافاً لليهود؛ 55.9 في المئة ممن يؤمنون جداً بضرورة هذه الخطوة، و24.5 في المئة ممن يؤمنون من اليهود. وإغلاق المصالح التجارية باستثناء الضرورية تحظى بدعم كامل من 55.1 في المئة في أوساط اليهود مقابل 66.7 في المئة في أوساط العرب. وإغلاق المحاكم يؤيده بصورة قاطعة 35 في المئة من اليهود، وبصورة متحفظة 25.6 في المئة من اليهود. يجب الافتراض بأن هناك تعديلاً للتشكك السياسي بسبب تأجيل محاكمة نتنياهو، لدى العرب 52 في المئة ممن يؤمنون جداً بضرورة هذه الخطوة مقابل 21.6 في المئة ممن يؤمنون من اليهود.

 

من يتابع استطلاعات الرأي في أوساط الجمهور العربي لن يتفاجأ من المقاربة المسؤولة التي تم التعبير عنها في هذه المعطيات، رغم أن حقيقة أن العرب يعبرون عن ثقتهم بخطوات السلطات بنسبة عالية بشكل بارز عن نسبة اليهود الذين يظهرون الثقة بها، ليست تافهة حتى على ضوء ما نعرفه من استطلاعات الرأي.

 

نحن هنا في قارب واحد يبحر في بحر هائج، والجمهور العربي يدرك ذلك جيداً، حتى لو تجاهل ذلك من بيده دفة القارب.




- انشر الخبر -