شهد الاقتصاد الفلسطيني على مدار عام 2019 أزمات مستعصية وخطيرة جدًا ضربت كافة مناحي الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة في مقتل.
"أزمة وراء أزمة" هكذا هو المشهد في فلسطين حتى أصبح رصيدها بين دول العالم صفر كبير، لا اقتصاد لا نمو لا رصيد للفرد لا مشاريع تنموية لا صادرات لا منشآت ولا مؤسسات.
كافة الاحصائيات التي نشرها الجهاز المركزي الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية تدلل على أن عام 2019 كان العام الأسوأ والأسود على فلسطين بدون ناقش، وفقًا للخبير الاقتصادي الدكتور أسامة نوفل.
دخل الفرد
ففي الأعوام السابقة كانت نسبة النمو تتراوح في ادناها 3% وفي أعلاها 5% لكن عام 2019 بلغ النمو 1% فقط وهذا مؤشر خطير جدًا يعكس حالة التردي في الاقتصادية الفلسطيني وتراجع الأنشطة الاقتصادية المولدة للناتج المحلي وفقًا للخبير والمحلل الاقتصادي د. أسامة نوفل الذي حصل عليها من الجهاز المركزي.
وأوضح د. أسامة نوفل أن هذا المؤشر يدلل على انهيار كبير يحدث لأول مرة في الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام والاقتصاد في قطاع غزة بشكل خاص حيث بلغ نصيب الفرد خلال الربع الثالث من العام 2019، نحو 48 دولار فقط وهذا يدلل على وجود تراجع بنحو 3% من نصيب الفرد عن الأعوام السابقة.
خترنا لكم: أبرز أحداث عام 2019 في العالم .. وفاة رؤساء وتغير أنظمة وحرب مستمرة
ارتفاع الشيكات المرجعة
ومن أبرز المشاكل الاقتصادية التي شهدها عام 2019 وفقًا للدكتور أسامة نوفل، ارتفاع الشيكات المرجعة في الأراضي الفلسطينية حيث أن حصيلة الشيكات المرجعة خلال 11 شهرًا فقط حوالي مليار دولار وهذه أول مرة تحصل في الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أن نصيب الأسد في الشيكات المرجعة لقطاع غزة، وهذا يدلل على أن هناك العديد من الأفراد والأشخاص وأصحاب الشركات المرموقة في الضفة الغربية أيضًا ينتظرون أوامر الحبس في السجون.
وأوضح ان هناك العديد من الشركات المرموقة في الضفة الغربية دخلت على لائحة القوائم السوداء في فلسطين بسبب كثرة الشيكات المرجعة.
مؤشر دورة إدارة الأعمال
وأفاد د. نوفل بأن مؤشر دورة إدارة الأعمال التي يتم من خلالها قياس حجم النشاط الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية سواء من حيث المبيعات أو المشتريات من جانب والإنتاج من جانب اخر عكست مؤشرًا خطيرًا لأول مرة في فلسطين.
ويظهر هذا المؤشر بالسالب في الضفة الغربية لأول مرة في تاريخها حيث بلغ -5 نقاط بينما في السنوات الماضية كان 16 نقطة بالموجب، وفي قطاع غزة بلغ في هذا العام -28 نقطة، وهذا يعكس تدهور الاقتصاد الفلسطيني.
تراجع الاستثمار
ولفت د. نوفل، إلى أن نتائج الجهاز المركزي الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية دلت على أن حجم الودائع في البنوك قد ارتفعت جدًا ووصلت إلى حوالي 14 مليار دولار وهذا مؤشر خطير في عمل البنوك في الأراضي الفلسطينية لأول مرة في التاريخ.
وأشار إلى أن السبب في خطورة هذا المؤشر هو عدم ثقة المواطن الفلسطيني في استثمار أموالهم في الضفة وغزة لذلك يلجأون لإيداع أموالهم في البنوك كودائع فقط.
وأوضح أن إيداع الأموال في البنوك يجعل البنوك غير قادرة في التصرف في تلك الأموال سواء بتنفيذ مشاريع اقتصادية أو قروض للمستثمرين.
وبين أن حجم ودائع المواطنين في البنوك يفوق الملكية الخاصة للبنك حيث كل دولار حقوق ملكية للبنوك يقابله 4 دولارات للمواطنين، مشددًا على أن هذه الحالة لا تحدث مطلقًا في أي اقتصاد في العالم خاصة وان المتعارف عليه هو أن رصيد البنك أكبر من رصيد الفرد.
اخترنا لكم: الحدث الأبرز في 2019: صيحة الفجر النقلة النوعية في المواجهة مع "إسرائيل" والقادم "أدهى وأمر"
المعابر وحركة التجارة
على سبيل المثال لا الحصر فقد كشف عام 2019 حقيقة فشل رؤية حكومة د. محمد اشتية في مجال انفكاك الاقتصاد الفلسطيني عن الاقتصاد الإسرائيلي.
واظهرت الاحصائيات والأرقام الرسمية وفقًا للدكتور أسامة نوفل، أن الاقتصاد الفلسطيني زاد ارتباطًا بالاقتصاد الإسرائيلي، حيث أن ما يتم استيراده من الدول العربية لم يتعدى 800 مليون دولار خلال عام 2019 في مقابل استيراد 5 مليار دولار من الجانب الإسرائيلي أو من خلاله دون أن يقابله زيادة في الصادرات التي بلغت مليار دولار.
هذه الإحصائية تؤكد كما يقول د. نوفل، وجود تناقض مع رؤية السلطة الفلسطينية، حيث أن الواردات أعلى من الصادرات التي لا تمثل سوى سدس ما يتم تبادله التجاري، مشددًا على أن ذلك يعتبر هروب رأس المال الفلسطيني.
اغلاق المنشآت
شهد عام 2019 اغلاق العديد من المنشآت الصناعية العامة في قطاع غزة أدى لتسريح العمال العاملين في تلك المصانع الأمر الذي زاد نسبة العاطلين عن العمل.
وعن تلك المصانع والمنشآت التي تعمل قال د. نوفل: "تلك المنشآت الصناعية لا تعمل سوى بنحو 10% من قدرتها الإنتاجية".
وقد زادت نسبة البطالة كما أشار إلى 46% في قطاع غزة أي نحو 274 ألف عاطل عن العمل وهذه الأرقام مخيفة للاقتصاد الفلسطيني، أما في الضفة الغربية فإن نسبة البطالة لم تتعدى سوى 18% والسبب في ذلك يعود إلى زيادة العمالة من أبناء الضفة في "إسرائيل".
ولفت إلى أن نحو 136 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية يعملون في "إسرائيل" هم أساس عدم انهيار الاقتصاد في الضفة المحتلة حيث يدخلون ما نسبته 30% من الدخل القومي الفلسطيني.
فشل قرارات حكومة محمد اشتية
وأكد د. أسامة نوفل بان كافة المبادرات والرؤى التي طرحتها حكومة د. محمد اشتية للانفكاك من الاقتصاد الإسرائيلي فشلت جميعها بالمطلق، وما هي إلا حبر على ورق، وفي حال أصرت السلطة على تطبيق تلك الرؤى والمبادرات فإن الاقتصاد في الضفة سينهار بشكل كبير جدًا.
ولفت إلى أن حكومة اشتية فشلت منذ بدايتها في استيراد الوقود من الدول العربية لأنها لا تتماشى مع اتفاقية باريس، كما أنها فشلت في وقف استيراد العجول من الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى قرار التراجع عن استلام أموال المقاصة منقوصة من "إسرائيل".
وشدد على أن ذلك الفشل يؤكد وجود تخبط في السياسات الاقتصادية لدى السلطة الفلسطينية، خاصة وإنها لم تحدث أي اختراق في تمييع التجارة مع الاتحاد الأوروبي بل زادت تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي.
اخترنا لكم" 2019..العام الأكثر جدلاً للإنقسام: بدأ بالضرب وضحكات موسكو.. وانتهى بزيت الانتخابات
النائب جمال الخضري
وفي ذات السياق أكد رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في قطاع غزة النائب جمال الخضري، أن عام 2019 الأسوأ اقتصاديا على قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 13 عامًا.
وأشار الخضري في تصريح له أمس الاثنين، إلى وجود جمود اقتصادي وتراجع في مستويات الدخل والعملية الانتاجية بشكل كبير جدا، إضافة لعمليات اغلاق يومية لمحال تجارية ومؤسسات وشركات بسب عدم قدرتها الاستمرار في العمل بسبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
ولفت إلى أم نحو 250 ألف عاطل عن العمل في قطاع غزة، وأن ما نسبته 85% من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر.
أما عن المصانع فكما يرى النائب جمال الخضري بأنها تعمل بنحو 20% من الطاقة الإنتاجية بسبب الحصار والاغلاق وتقييد حركة الاستيراد والتصدير والاعتداءات المتواصلة.
كما أدى ذلك وفقًا للنائب الخضري إلى وقف قرابة 80% من المنشآت الاقتصادية عن العمل، حيث تعتبر بحكم المغلقة.
ملف اعمر قطاع غزة
وعن ملف الاعمار، قال الخضري: "إن نحو 20% من المنازل المُدمرة كلياً بفعل العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 لم تبنى بعد، ولم يتم الايفاء بوعود المانحين ببنائها"، مشددًا على أن أصحاب تلك البيوت يعيشون وضعا إنسانيا صعباً في عداد المُهجرين، ومعاناتهم مُركبة ويضاف عليها المعاناة الإنسانية بفعل الحصار الإسرائيلي، إضافة إلى أن قضية إعادة بناء المصانع والمنشآت لا تزال تراوح مكانها ولم يحدث أي انجاز حقيقي.
ويرى النائب الخضري بان رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة هو البوابة الرئيسة لإنهاء أزمات قطاع غزة، باعتباره غير قانوني ويتناقض مع مبادئ القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
دعوات لإقامة مشاريع تنموية
ودعا رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في قطاع غزة، إلى إقامة مشروعات تنموية وتوجيه دعم خاص للقطاع يوازي حجم المأساة والمعاناة والتراجع والاقتصادي، كما دعا المؤسسات الدولية والأممية والعربية والإسلامية بضرورة توجيه دعم عاجل وخاص لإنقاذ الحالة الإنسانية المتدهورة.