أي انتخابات نريد؟ هاني المصري


تم النشر 12 أكتوبر 2019


عدد المشاهدات: 1424

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


أي انتخابات نريد؟

 

صدرت هذه الورقة عن لجنة السياسات في مركز مسارات من إعداد هاني المصري

 

مقدمة

أعلن الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 26/9/2019، أنه سيدعو فور عودته إلى انتخابات عامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة.  ولاقى هذا الإعلان ترحيبًا واسعًا من مختلف الأوساط السياسية والشعبية.

فهل ستُجرى الانتخابات، وإذا أجريت ما وظيفتها، وهل ستجرى على أساس تكريس سلطة الحكم الذاتي التي أصبحت بلا سلطة، خصوصًا بعد إلغاء قوات الاحتلال الفروق بين تصنيفات الأراضي الفلسطينية بعد اجتياح مدن الضفة في العام 2002، وعلى أساس الاحتكام إلى الاتفاقيات الموقعة التي أصدرت السلطة قرارات بوقفها وإعادة النظر بها، وهل ستكون انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، أم رئاسية وتشريعية متزامنة أو غير متزامنة، ، أم تشريعية في الضفة الغربية فقط؟

 

التوقيت

لا شك أن الإعلان ينطوي على قدر من المفاجأة، لأن موضوع الانتخابات توارى عن الأنظار بعد التطورات والمستجدات التي وضعت رأس القضية الفلسطينية على المقصلة في ظل الخطة الأميركية الإسرائيلية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية من مختلف أبعادها، وتجاوزت إقامة دولة فلسطينية والمرجعيات المعتمدة سابقًا، بما فيها المرجعية الدولية، إلى جانب أن الدعوة لإجراء الانتخابات أدت وظيفتها الرئيسية في التغطية على حل المجلس التشريعي.

وساهم في توقيت الدعوة للانتخابات مبادرة الفصائل الثمانية التي طرحت في أيلول 2019، ومن ضمنها فصائل في منظمة التحرير، حيث وافقت عليها "حماس"، في حين اعتبرتها "فتح" مضيعة للوقت، ونسخة أخرى عن مبادرة "حماس"، لأن "فتح" لا تريد أن تبدو منعزلة، وظهرت من خلال الدعوة إلى الانتخابات وكأنها تريد الاحتكام إلى الشعب وليس إلى الفصائل.

كما أن القول إن الانتخابات لا تشكّل أولويّة، ولا تشكّل مخرجًا من الأزمة التي لا يزال يعيشها النظام السياسيّ الفلسطينيّ، نابع بالأساس من حقيقة أن الانتخابات تحتاج إلى وحدة المؤسسات التي تحضر لإجرائها، وإلى الحد الأدنى من التوافق القانونيّ والسياسيّ، غير المُتوفّر كليًا في السياق الفلسطينيّ، وهو ما يجعل من الانتخابات في حال عُقدت، شكلية لا تغيّر فعلًا من الواقع القائم. وذلك لحقيقة أن الظرف الحاليّ سيشكّل نتائج الانتخابات، وليس العكس حيث تشكّل نتائج الانتخابات الواقع وتصيغه.

وما يعزز هذا الرأي ما تعانيه القضية الفلسطينية الآن من مخاطر وتحديات تفرض أن تكون الأولوية لإحباطها، وتكون الانتخابات في هذه الحالة نقطة ضمن خطة شاملة، وتندرج في سياق إحباط الخطة الأميركية الإسرائيلية لتصفية الفلسطينية.

أمّا من الناحية الاجتماعيّة - السياسيّة، فإن الانتخابات تحتاج إلى حد أدنى من الاتفاق على شكل النظام السياسيّ، وماهيّته، وحدوده كما الإستراتيجيّة الوطنيّة والسياسية التي تدور المعركة الانتخابيّة تحت سقفها، كما اتفاق على هويّة الدولة، وشكل الحكم فيها، والحريّات كما حريّة الترشّح والانتخاب، والأهم: لماذا ننتخب؟. وهذا غير موجود في فلسطين لعوامل عدة: الانقسام الذي يعبر عن غياب التوافق على إستراتيجيّة سياسيّة، وغياب الأهداف الواضحة أصلًا للنظام السياسيّ وماذا يريد هذا النظام أن يُحقّق؛ كما الاحتلال من جانب آخر، حيث يلقي بظلاله على العمليّة الانتخابيّة ككل، ويبدأ باعتقال المرشّح وصولًا إلى قمع الناخب. ومن هذا المنطق، يمكن القول إن الانتخابات غير ممكنة أصلًا في السياق الفلسطينيّ إلّا بعد الاتفاق على العوامل الأساسيّة التي تجعلها ممكنة، وعلى رأسها، ما الإستراتيجيّة الفلسطينيّة، وما مكوّنات النظام السياسيّ الفلسطينيّ المنقسمة التي تعتمد الإقصاء ليس كسياسة فقط، بل كشرط الحكم إن كان في الضفّة الغربية أو قطاع غزّة.

 

الموقف الحقيقي من الانتخابات

الانتخابات غير مفضّلة لدى الأطراف الفلسطينية المقررة، وتحديدًا الرئيس وحركتي فتح وحماس، خلافًا لخطابهما السائد كما سنبين أدناه.

 

موقف الرئيس وفتح

لدى هذا الفريق من الأسباب ما تدفعه لتأجيل الانتخابات، فهو في وضع سيئ، خاصة بعد فشل مشروعه السياسي، وإعلانه منذ سنوات أنه سيعيد النظر في العلاقة مع الاحتلال والاعتراف به وبالاتفاقات الموقعة، لدرجة اتخاذ قرارات من المجلسين الوطني والمركزي بهذا الخصوص لم تنفذ رغم مرور سنوات على اتخاذها، ووصل الأمر إلى اتخاذ قرار من الرئيس محمود عباس في تموز 2019 بوقف العمل بالاتفاقيات، والتهديد بإنهائها كليًا إذا اتخذت الحكومة الإسرائيلية القادمة قرارًا بضم الضفة أو أجزاء منها كما هدد بنيامين نتنياهو. فكيف يمكن الجمع بين هذه القرارات، وعقد انتخابات على أساس الاتفاقيات وتحت سقف سلطة الحكم الذاتي، بينما أصبحت فلسطين تتمتع بمكانة الدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة، ما يفترض أن تكون الانتخابات القادمة لبرلمان الدولة ورئيسها، وهذا بحاجة إلى كفاح لفرضه؟

ويزيد وضع السلطة سوءًا، لدرجة بروز خطر انهيارها، وقف المساعدات الأميركية، والقرار الإسرائيلي باقتطاع الأموال التي تدفعها السلطة لعائلات الشهداء والأسرى، ما أدى إلى امتناع السلطة عن تسلم بقية أموال المقاصة – باستثناء ضريبة الوقود (البلو) - منذ شهر شباط الماضي وحتى الآن، الأمر الذي أدى إلى صرف ما بين 50-60% من الراتب لموظفي السلطة ممن تزيد رواتبهم عن ألفي شيكل، وهذا وضع لا يناسب إجراء الانتخابات، ولا يساعد على خوضها وتوقع الفوز فيها.

ما يجعل مسألة طرح إجراء الانتخابات ليس جديًا وإنما أفضل مخرج من الوضع الراهن، ومرحب به بعد إجراء الانتخابات التونسية والإسرائيلية، والاستعداد للانتخابات السودانية والجزائرية، كونه يمكن أن يجذب الاهتمام، ويستهلك الوقت، ويساعد على عبور الأشهر القادمة، التي سيتقرر فيها مصير تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وهل ستكون هناك انتخابات إسرائيلية ثالثة، وكذلك مصير "صفقة ترامب"، إضافة إلى مصير وآفاق البدء بإجراءات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟

ومن المسائل التي تعيق حماس حركة فتح لإجراء الانتخابات الخلافات بين معسكراتها المختلفة، بما فيها تيار محمد دحلان الذي لا يزال يتمسك بانتمائه للحركة رغم فصله منها، إضافة إلى  الصراع على خلافة الرئيس، والهوة الشاسعة، كما تشير الاستطلاعات، ما بين الرئيس وقيادة السلطة التي تمثلها "فتح" والشعب في ظل الفساد وصراع مراكز القوى والمساس بالقضاء والحريات.

 

موقف حماس

لا تفضل حركة حماس إجراء الانتخابات لأنها لن تحصل في الانتخابات القادمة على ما حصلت عليه في الانتخابات التشريعية السابقة في العام 2006، لا سيما في ظل التراجع العام الذي شهده الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، إضافة إلى نموذج الحكم السلبي الذي جسدته حركة حماس في قطاع غزة، الأمر الذي لا يشجع الناخب على التصويت لحماس مرة أخرى.

 وإذا سلمنا جدلًا، وفازت "حماس" في الانتخابات، فإنها لن تحصل بعده على شيء أكثر مما لديها الآن، أي لن تُمكّن من حكم السلطة في الضفة، هذا لو افترضنا بأن الرئيس وفتح سيمكنانها من ذلك، فالاحتلال يقف لها بالمصاد، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لا تفضل "حماس" الانتخابات الآن، وخصوصًا أنها تعطي الأولوية لاستمرار سيطرتها على غزة، وتقترب وقطعت شوطًا من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة مقابل تخفيف شروط الحصار.

لكن عدم ضمان التوصل إلى هدنة طويلة، وتزايد احتمالات شن عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة؛ تجعلها مستعدة للتجاوب مع مسألة الدعوة لإجراء الانتخابات، على الأقل من زاوية الرهان على عدم جدية، أو قدرة، الرئيس وفتح، على إجرائها، وتفادي تحميلها مسؤولية معارضة انتخابات قد لا ترى النور أصلًا.

 

السيناريوهات المحتملة

السيناريو الأول: عدم إجراء الانتخابات

يقوم هذا السيناريو على أن طرح موضوع الانتخابات والترحيب بها من مختلف الأطراف مجرد مناورة يحاول فيها كل طرف تحميل المسؤولية عن عدم إجرائها للطرف الآخر. ويرجع ذلك إلى أن الدعوة لم تترافق مع توفير العمل على توفير الشروط اللازمة لإجرائها.

وما يرجح هذا السيناريو استمرار الانقسام والخلافات على الخطوات التحضيرية الضرورية، مثل من هي الحكومة التي ستشرف على الانتخابات؛ الحكومة القائمة أم تشكيل حكومة وحدة أو وفاق وطني، والخلاف على قانون الانتخابات، وعلى أساس أي قانون ستجرى، التمثيل النسبي بالكامل أم نسبي 75% ودوائر 25%، أم مثل الانتخابات السابقة مناصفة ما بين الدوائر والنسبي، والخلاف على سلاح المقاومة ودور الأجهزة الأمنية في حالة إجراء الانتخابات، علمًا أن لجنة الانتخابات سوف تقوم بالتحضيرات للانتخابات بموجب القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة، الذي ينص على إجراء الانتخابات على أساس نظام التمثيل النسبي الكامل "القوائم" باعتبار الأراضي الفلسطينية دائرة انتخابية واحدة، وهذا أمر لم توافق عليه "حماس"، إضافة إلى عدم موافقة الاحتلال على إجراء انتخابات في القدس.

إن ما سيجري وفق هذا السيناريو عدم إجراء الانتخابات، وتحميل السلطة لكل من إسرائيل و"حماس" المسؤولية عن ذلك. الأولى، أي إسرائيل، لأنها لم تسمح بإجراء الانتخابات في شرقي القدس. وهذا وارد جدًا لأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي تعهد بضم أجزاء من الضفة لن يوافق على إجراء انتخابات في القدس، لا سيما وهو في فترة التشاور على تشكيل الحكومة، وبحاجة إلى دعم تحالف اليمين الأكثر تطرفًا، خصوصًا أنها الأبواب مفتوحة على احتمال التوجه لعقد انتخابات ثالثة.

وفي هذا السياق، لن تكون الحكومة الإسرائيلية مطالبة من الإدارة الأميركية بتسهيل إجراء الانتخابات في القدس بعد نقل السفارة الأمريكية إليها والاعتراف بها عاصمة موحدة لإسرائيل. ويتعزز هذا الأمر في ظل عدم وجود أفق سياسي، بل على العكس هناك تأزم شديد في العلاقات الفلسطينية الأميركية على خلفية رفض القيادة الفلسطينية لصفقة ترامب.

والثانية، أي "حماس"، لأنها لن توافق على إجرائها من دون توافق وطني على الخطوات الضرورية التي تتضمن مشاركتها في السلطة والمنظمة.

إن سيناريو عدم إجراء الانتخابات وارد جدًا، ولكن يمكن أن نشهد في نطاقه إصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد إجرائها، ومن ثم التذرع بعدم القدرة على تطبيقه جراء رفض إسرائيل و"حماس". وما يعزز هذا الاحتمال ما جاء في خطاب الرئيس من تحسب مسبق من عدم التمكن من إجراء الانتخابات بقوله "إن من يعرقل إجراء الانتخابات سيتحمل المسؤولية أمام الله والمجتمع الدولي والتاريخ".

السيناريو الثاني: إجراء انتخابات تشريعية متوافق عليها

يقوم هذا السيناريو على إجراء انتخابات، وخاصة للمجلس التشريعي، بصورة متوافق عليها بين طرفي الانقسام. وهذا السيناريو يمكن أن يتحقق إذا أعاد الرئيس طرح الاقتراح الذي تم التداول به منذ العام 2016، وأيده الرئيس ولم تعارضه "حماس"، ويقضي بتشكيل قائمة مشتركة تضم مرشحي حركتي فتح وحماس ومن يوافق على المشاركة فيها، وترك عدد من المقاعد لمن يقرر خوضها بمفرده. والقائمة المشتركة تمس بالتعددية والتنافس المطلوب بأي انتخابات وترك الناخب أمام خيارات، ولكنها صعب الاتفاق عليها، وإذا تم الاتفاق عليها يمكن أن تحل عددًا من الإشكالات، بما فيها معارضة "حماس" ورفض إسرائيل لإجراء الانتخابات في القدس، إذ إن التوافق الوطني على التمثيل النسبي الكامل يُمكّن من حل هذه العقدة.

ويمكن أن يترافق هذا السيناريو مع التوافق على تأجيل الانتخابات الرئاسية، أو الاتفاق على مرشح واحد، وهو على الأغلب سيكون الرئيس محمود عباس.

 

السيناريو الثالث: إجراء انتخابات تشريعية غير متوافق عليها في الضفة فقط

يقوم هذا السيناريو على إجراء انتخابات تشريعية في الضفة فقط، وهو سيناريو غير مستبعد، لا سيما بعد عقد الانتخابات المحلية في الضفة فقط، وعقد المجلس الوطني بشكل انفرادي وبمن حضر، وحل المجلس التشريعي ومجلس القضاء، وإحالة ربع القضاة على التقاعد. وهذا السيناريو خطير جدًا كونه سيقضي على بقايا الأمل باستعادة زمام المبادرة ومواجهة المخاطر المحدقة.

ويمكن أن تبدي إسرائيل مرونة حيال هذا السيناريو، لأن الانتخابات في هذه الحالة ستعمق الانقسام، وتسير به خطوة نوعية نحو الانفصال.

السيناريو الرابع: الوحدة

يقوم هذا السيناريو على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية أولاً كمدخل لإجراء الإنتخابات ضمن مقاربة وطنية تكون فيها الانتخابات أداة من أدوات الكفاح ضد الاحتلال وتعبيرًا عن تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض. وهو سيناريو مفضل، لكنه مستبعد لعدم وجود أدوات وروافع له، وهو بحاجة إلى الشروع في حوار وطني للاتفاق على رؤية شاملة وإستراتيحية واحدة وقيادة واحدة تتحلى بالإرادة اللازمة.

يعزز هذا السيناريو حجم المخاطر الجسيمة التي تهدد القضية والحركة الوطنية والنظام السياسي والأرض والشعب والإنسان الفلسطيني، كما يدعمه أن فرصة إجراء الانتخابات لن تكون متاحة في ظل تعمّق الانقسام والتحريض والاتهامات المتبادلة والنفوذ القوي لجماعات مصالح الانقسام هنا وهناك، والأطراف والمحاور العربية والإقليمية، وسيطرة فريق على السلطة في الضفة وليس على الضفة، وسيطرة فريق آخر على قطاع غزة، وإذا أجريت لن تكون حرة ونزيهة وتحترم نتائجها، ما يفرض أولوية إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات والاتفاق على أسس الشراكة السياسية الناظمة للحياة الديمقراطية والتعددية وقواعد معالجة الخلافات، باعتبارها المدخل الوحيد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحترم نتائجها، ودحض صحة جعل الانتخابات مدخلًا لإنهاء الانقسام. فكيف يمكن الاحتكام إلى الشعب من دون مؤسسات مدنية وأمنية مهنية موحدة بعيدة عن الحزبية، تضمن حرية الانتخابات ونزاهتها واحترام نتائجها؟

والجدير بالذكر أن إسرائيل لاعب رئيسي في أي انتخابات ليس فيما يتعلق بالسماح بإجراء الانتخابات في القدس فقط، وإنما في مختلف مراحلها، فهي تتدخل بالضغط على المرشحين لمنع ترشح من تريد ومنع حركتهم والدعاية الانتخابية، إضافة إلى اعتقال من تريد من الفائزين لمصادرة نتائجها تمامًا كما حدث بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية السابقة، إذ اعتقلت 44 نائبًا ووزيرًا.

وفي إطار سيناريو الوحدة، لا بد من توفير متطلباتها من خلال إنهاء هيمنة الرئيس و"فتح" على السلطة والمنظمة، وإنهاء سيطرة "حماس" على قطاع غزة، عبر تحويل السلطة للشعب عبر تغيير وظائفها والتزاماتها وموازنتها وأن تكون أداة من أدوات المنظمة، إضافة إلى عقد انتخابات للمجلس الوطني حيثما أمكن ذلك في سياق رؤية تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير لتضم مختلف ألوان الطيف السياسي.

كما من مستلزمات الوحدة الاتفاق على تشكيل مرجعية وطنية لكتائب المقاومة المسلحة تخضع للقيادة الواحدة أو الاتفاق على دمجها في جيش وطني، بما ينهي حالة استخدام سلاح المقاومة لخدمة أغراض ومصالح هذا الفصيل أو ذاك.

 

الانتخابات الرئاسية

هناك رأي قوي بعدم الحاجة إلى انتخابات رئاسية الآن، أو على الأقل ليس أولًا، لأن الفلسطينيين حصلوا على اعتراف بدولتهم كعضو مراقب في الأمم المتحدة، ولا يجب تكريس سلطة الحكم الذاتي بعدها، خصوصًا بعد قرارات المجلسين المركزي والوطني، ولضمان استقرار النظام السياسي، لأن انتخاب المجلس التشريعي أولا يؤمن آلية انتقال سلسة خلال الفترة الانتقالية في حالة شغور منصب الرئيس لأي سبب من الأسباب.

ومن الأسباب التي تجعل الانتخابات الرئاسية ليست مفضلة ولا يوجد حماس لإجرائها أن هناك تنافسًا حولها، إذ سبق أن نُقِل عن مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزمه الترشح إذا جرت انتخابات رئاسية وهو في السجن، في حين لن ترضى "حماس" بألا يكون لها كلمة في شخصية الرئيس القادم.

 

خاتمة

الانتخاباب شكل من أشكال ممارسة الحرية، وهي ضرروية، ولكن يجب ضمان حريتها ونزاهتها واحترام نتائجها، وهذا يقتضي تحديد وظيفتها بشكل واضح، وهل ستكرس الوضع القائم بقيوده والتزاماته المجحفة أم ستكون في إطار مقاربة جديدة تهدف إلى تغيير المسار، وتشكل تتويجا لعملية إعادة النظر في شكل السلطة ووظائفها وعلاقتها بالمنظمة والدولة بصفة مراقب، والسير في طريق قادر على تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني.

هناك من يقول أن إجراء الإنتخابات بأي شكل وفي أي منطقة، يجدد الشرعية المتآكلة للسلطة والقيادة، غافلاً عن أن الديمقراطية التوافقية هي التي تناسب الفلسطينيين في ظل المرحلة التي يعيشونها، مرحلة التحرر الوطني، وأن اجراء الإنتخابات بدون توفير الحد الأدنى من مستلزماتها، يمكن أن تكون خطوة نحو المجهول أو حتى الجحيم!

من أراد الإنتخابات فعلاً عليه أن يعمل كل ما يلزم لإنهاء الإنقسام أولاً، بحيث يكون التنافس والخلاف في إطار الوحدة وبإعتبارها هي المدخل الوحيد لإجراء الإنتخابات.

هذا ينطبق على الإنتخابات العامة، أما الإنتخابات على المستويات الأخرى المحلية والقطاعية، فيجب أن تعقد بشكل دوري وبإنتظام.




- انشر الخبر -