ورطة نتنياهو.. كل الحلول سيئة بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بعد إخفاقه في الانتخابات


تم النشر 18 سبتمبر 2019


عدد المشاهدات: 1585

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


أُسدل الستار على الانتخابات الإسرائيلية التي تنعقد للمرّة الثانية في غضون ستة أشهر، وأسفرت مجدداّ عن نتيجة غير حاسمة، في ظل فوز بنيامين نتنياهو وخصومه الوسطيين بنفس عدد المقاعد تقريباً، بينما يفتقرون جميعاً إلى طريق أصوات الأغلبية.

ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، فإن كلاً من نتنياهو رئيس حزب الليكود، ومنافسه من ائتلاف «أزرق أبيض» الوسطي قد فاز بـ32 مقعداً. مما يعني أن كلا الطرفين لن يكون أمامه طريقٌ واضحٌ للوصول إلى 61 مقعداً للوصول إلى نسبة الأغلبية.

هذه النتيجة تعني انعقاد مفاوضات مكثفة بعد الانتخابات، إذ يحاول كل من نتنياهو وبيني غانتس، الجنرال السابق الذي يرأس ائتلاف «أزرق أبيض«، إثبات أنه في وضع أفضل من منافسه لتشكيل حكومة، بحسب تقرير لصحيفة Telegraph البريطانية.

ليبرمان هو المنقذ

بعد هذه النتجية كل الأنظار تتحول الآن صوب أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع السابق في حكومة نتنياهو، الذي يبدو في وضع جيد لممارسة دور حاسم في مصير السلطة، إذ أُشير إلى أن حزبه القومي العلماني «إسرائيل بيتنا» قد فاز بنحو 9 مقاعد، ومن المرجح أن يحمل ميزان القوة في البرلمان المنقسم.

شكلت النتيجة صفعة لنتنياهو، الذي كان يأمل أن تأتي هذه الانتخابات الثانية بأغلبية يمينية واضحة. ولكن يبدو أن هذا ليس سيئاً لرئيس الوزراء على نحو يضاهي وَقع استطلاعات الرأي المبكرة التي أشارت إلى أن ائتلاف «أزرق أبيض» قد نال النصيب الأكبر من المقاعد.

ويشير أحد الاحتمالات البارزة إلى أن إسرائيل تتجه نحو حكومة وحدة وطنية، يتعاون فيها ائتلاف «أزرق أبيض» مع حزب الليكود، لتشكيل ائتلاف يميني وسطي حاكم. 

لكن السؤال الأساسي يتعلّق بالدور الذي سيؤديه نتنياهو في مثل هذه الحكومة. إذ قال غانتس إنه يريد ائتلاف وحدة وطنية، ولكن يجب حتماً على نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد الجنائي، أن يستقيل، وأن يحل محله زعيم جديد لحزب الليكود.

ورطة الليكود

ويصرّ حزب الليكود على عدم التخلّي عن نتنياهو، إذ قال نير بركات، البرلماني البارز في الحزب، لصحيفة Telegraph البريطانية: «هذا شيء غير مقبول، ولن نقبل أبداً أن يُملي علينا أشخاصٌ هوية قادتنا» .

وأضاف نير بركات قائلاً: «لقد انتُخب نتنياهو زعيماً لليكود، ومن فطرتنا الراسخة أن ندعم هذا القائد، خصوصاً في الأوقات العصيبة» .

وإذا لم يتمكن أيٌّ من الطرفين من تشكيل أغلبية، ولم يتسنَّ لهما التوصل إلى اتفاق بشأن حكومة موحّدة، فمن الممكن أن تنغمس إسرائيل في انتخابات ثالثة.

وقال كل من غانتس ونتنياهو، صباح الأربعاء 18 سبتمبر/أيلول 2019، إنهما ينتظران النتائج النهائية قبل الإعلان عن الخطوات التالية.

وأوضح نتنياهو أن «إسرائيل بحاجة إلى حكومة قوية.. حكومة مستقرة.. حكومة صهيونية. ولا يمكن ولن تكون هناك حكومة تعتمد على أحزاب عربية معادية للصهيونية» .

وردد غانتس أصداء دعوته لتشكيل حكومة موحدة، وقال «أناشد خصومي السياسيين من جميع المعسكرات أن يضعوا خلافاتنا جانباً، وأن نعمل معاً من أجل مجتمع إسرائيلي جيد وعادل وينعم بالمساواة، من أجل جميع المواطنين» .

وتتمثل المرحلة الأولى من مفاوضات ما بعد الانتخابات في اضطلاع رئيس إسرائيل، رؤوفين ريفلين، بمهمة استطلاع آراء قادة الأحزاب في البرلمان المنقسم، وتقييم ما إذا كان غانتس أو نتنياهو يتمتعان بدعم أكبر.

من المرجح أن يكون دعم ليبرمان حاسماً، نظراً إلى أن كلا الرجلين يحاول إقناع الرئيس بأن لديه أفضل فرصة لتشكيل حكومة أغلبية.

فشل متكرر لنتنياهو

وقد فاز كل من ائتلاف «أزرق أبيض»، وحزب الليكود بـ35 مقعداً في الانتخابات الأخيرة التي انعقدت في أبريل/نيسان. وحينها لم يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة أغلبية، فدعا إلى انتخابات ثانية غير مسبوقة لمحاولة الفوز بأغلبية مطلقة.

وإذا لم يتمكّن نتنياهو من لمِّ شمل ائتلافٍ ما في هذه المرة، فسيواجه إذاً خطر التمرد المحتمل داخل حزب الليكود، على الرغم من إصرار شخصيات بارزة  في الحزب حتى الآن على أنهم لن يثوروا ضد زعيمهم.

لكن ائتلاف «أزرق أبيض» يعتقد أن مسؤولي الليكود يمكنهم في النهاية إسقاط نتنياهو إذا رأوا أنه أصبح عقبة أمام احتمالات بقاء الحزب في السلطة.

اتبعت الانتخابات الأخيرة سيناريو مشابهاً لتلك التي انعقدت في أبريل/نيسان، إذ ركزت بدرجة أقل على الخلافات السياسية، وصبَّت اهتمامها أكثر على  السؤال الرئيسي الذي يدور حول ما إذا كان يجب على نتنياهو البقاء في منصبه بعد 13 عاماً في السلطة أم لا.

ويقدّم رئيس الوزراء نفسَه على أنه قائد لا غنى عنه، وكأنه الرجل الوحيد الذي يتمتع بالمكانة والخبرة على الساحة العالمية لكي يقود إسرائيل خلال التقلّبات الخطيرة في الشرق الأوسط.

ووضعت حملته ملصقات ضخمة تُظهِره وهو يصافح دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، وكان النصّ المرفق على الملصقات يقول: «نتنياهو: عُصبة مختلفة» .

قالت شولا فيلدمان، البالغة من العمر 39 عاماً، وهي بريطانية إسرائيلية ترجع أصولها إلى لندن: «لا أحب بيبي (وهو الاسم الذي يشتهر به نتنياهو)، ولكنه أفضل شخص يمكن أن يتقلّد هذا المنصب، وبالنسبة لي مسألة الأمن تأتي على رأس كل شيء» .

وشأنها شأن العديد من ناخبي الليكود، ترى شولا أن المحاكمة الجنائية ضد نتنياهو كانت مُسيّسة جزئياً على الأقل، وأضافت: «أنا لا أعتقد أنه ستكون هناك تهمٌ إذا لم يكن لديه الكثير من الأعداء» .

الجنوح نحو اليمين للحصول على الأصوات

وردَّد نتنياهو مجدداً كذلك تكتيكات الحملة التي أفلحت معه في الماضي، بما في ذلك تقديم تعهدات متطرفة على نحو متزايد من أجل قاعدة ناخبيه من أقصى اليمين، والتحريض ضد الأقلية العربية في إسرائيل، وإصدار تحذيرات مذعورة بأنه سيخسر.

وقبل أقل من أسبوع من الانتخابات، تعهَّد نتنياهو بضمِّ غور الأردن إلى إسرائيل، وهي خطوة غير مسبوقة من شأنها تحطيم أي آمال باقية بشأن حلِّ الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ونُظِر إلى تلك التعهّدات على نطاق واسع على أنَّها محاولة لضخ الحماس في قاعدة الناخبين.

وأوقف موقع فيسبوك روبوت دردشة تابعاً لحزب الليكود، الذي ينتمي إليه نتنياهو، بعد أن أرسل للزوار رسالة تحذِّر من «العرب الذين يريدون تدميرنا جميعاً، نساءً وأطفالاً ورجالاً» .

أمّا من جانبه، فقد قدَّم غانتس نفسَه شخصاً ساعياً للوحدة للمّ شمل إسرائيل بعد سنوات من حكم نتنياهو الانقسامي. واتهم رئيس الوزراء بالسعي للتشبث بالسلطة فقط، من أجل حماية نفسه من تهم الفساد الجنائي التي تدور حوله.

قال غانتس: «لقد حان الوقت أن تهتم الغالبية بالجميع ولا تعتني الأقلية بشخص واحد»، زاعماً أن نتنياهو سيعتمد على أصوات المتطرفين، لتمرير قانون الحصانة الذي يحميه من المحاكمة.

وأعلن غانتس، ذو التوجّه الليبرالي، عن موقف أشد علمانية مما فعل في الانتخابات الأخيرة ووعد بتحدي قوة الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة التي اعتمد عليها نتنياهو.

وأشار غانتز إلى أن أمله هو تشكيل «حكومة وحدة وطنية علمانية» بقيادة ائتلاف «أزرق أبيض»، لتتضمن أيضاً حزب الليكود وحزب «إسرائيل بيتنا» القومي العلماني.

ومع ذلك، قال غانتس إنه لا يمكن لليكود الانضمام إلى حكومة الوحدة هذه إلا إذا تخلى عن زعامة نتنياهو. فيما قالت شخصيات رفيعة المستوى في الليكود حتى الآن إنهم سيظلّون على ولائهم لنتنياهو.

ومن بين الناخبين، كان هناك موشيه مردخاي، مدرب قيادة السيارات البالغ من العمر 67 عاماً، الذي ذكر أنه يصوت عادة لليكود، ولكنه ينوي الآن دعم غانتس، وقال: «لقد حان وقت التغيير، إن غانتس يثير إعجابي، ولقد اكتفيت من بيبي» .




- انشر الخبر -