"نعمل للنهوض في زمن الأفول"، بهذه العبارة الموجزة في كلماتها، العميقة في معانيها، يُوَصِّف المفكر العربي، عزمي بشارة، مهمة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومعهد الدوحة للدراسات العليا. كلمات تُعرّي كل التلفيق والإفك والسُم الذي نفثته صحيفة الأخبار اللبنانية، وهي تُقحم اسم المركز العربي، واسم مؤسّسه ومديره، عزمي بشارة، في مقال نشرته يوم 8 يوليو/ تموز الحالي، ينضح بسيل افتراءات ومحض أكاذيب. لا حاجة هنا للرد على إفك الصحيفة المذكورة، وما نشرته من صديد، ذلك أن من يعمل للنهوض في زمن الأفول لا يضيّع الجهد، ولا يهدر الوقت في مناطحة مهاتراتٍ يعي كل ذي عقل صلاتها بحملات افتراءٍ وتشويهٍ خسيسةٍ منظمةٍ من عدة جهات عربية وإسرائيلية، تستهدف المشروع الفكري العربي النهضوي الذي يعمل عليه المركز، منذ تأسيسه في العام 2010. وليس مستهجناً على قوى الشد التي ناصبت العداء لجميع محاولات النهوض العربية، منذ عبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وصولاً إلى إجهاض الربيع العربي بثورات مضادّة، أن تناصب العداء، بكل وقاحة وصلافة، لمشروعٍ ينحت في الصخر مكانةً لائقةً لأمة باتت في ذيل الأمم.
لو رمى أصحاب معاول الهدم معاولهم مرة، وتأملوا قليلاً مداميك البناء التي يرفعها المركز العربي، منذ تأسيسه قبل تسع سنوات، لأدركوا قيمة إثراء المكتبة العالمية بنحو 350 كتابًا، وخمس دوريات محكّمة، أنتجها، ويسهر على إنتاجها نحو ألفين وخمسمائة باحث وأكاديمي من مختلف الجامعات العربية والغربية. أضف إلى ذلك رفع رصيد المحتوى العربي على شبكة الإنترنت بمئات الدراسات والمقالات المُتاحة لقراء العربية، والمهتمين بالشؤون والقضايا العربية في أنحاء العالم. ناهيك عن الجهود الحثيثة التي يبذلها المركز العربي، للتشبيك بين المؤسسات البحثية العربية من مراكز وجامعات، لا بهدف الاستحواذ أو الاستملاك، كما تفتري "الأخبار"، وإنما بهدف حشد الجهود وجمعها لبناء رافعةٍ ترتقي بالإنتاج الأكاديمي والبحثي في الجامعات والمؤسسات البحثية والفكرية العربيّة.
أما درة تاج المركز العربي، معهد الدوحة للدراسات العليا، فلا يخفى إلا على الجاهلين، كيف غدا قِبلة ينهل من محراب معارفها مئات الطلاب الوافدين الى رحابه من جميع الأقطار العربية. منذ تأسيسه قبل أربعة أعوام، استقبل وخرَّج ثلاثة أفواج من حملة درجة الماجستير في 17 برنامجاً أكاديمياً، ويستعد هذه الأيام لاستقبال 288 طالباً وطالبة مع بدء الدراسة في السنة الجامعية المقبلة 2019-2020. ويرى عزمي بشارة، صاحب الأجندات المكشوفة والمنشورة، لا الأجندات المخفية، كما تكذب "الأخبار"، أن معهد الدوحة هو فرصةٌ تاريخية لبناء مشروعٍ مختلفٍ عن السائد في العلوم الاجتماعية والإنسانية، من خلال التفرغ للتأمل والبحث في أجواء من الحريّة الأكاديمية وتشجيع التفكير النقدي والتفاعل المثمر بين الباحثين والأساتذة والطلاب. بهذه الروح، يقول بشارة، بلا مواربةٍ أو مراوغة: "نحدّد أجنداتنا بناء على حاجات المجتمع العربي، فنبحث في المجتمع والدولة والأخلاق وأصول الاستبداد والتحول الديمقراطي وتعثر التحول الديمقراطي وغيرها".
مثلما لا يسعى المركز العربي إلى أي استحواذ أو استملاك لمؤسسات نظيرة، لا يسعى المعهد للاستحواذ على خريجيه، بل يحثّهم رئيس المعهد، ياسر سليمان، في كلمةٍ ألقاها على مسامع خريجي الفوج الثالث، في أواخر إبريل/ نيسان الماضي، على العودة إلى بلدانهم بعد أن تسلحوا بأدوات البحث والتفكير النقدي "لينخرطوا هناك في قواطرِ التنميةِ والتمكينِ في مُجتمَعاتِهم؛ ليُحقِّقُوا تطلُّعاتِ أوطانِهم في بناءِ مجتمعاتِ المعرِفةِ القائمةِ على الفكرِ النّاقدِ، المتجذِّرِ في أرضِه، في زمنٍ تَتداخلُ فيه العُلومُ والمعارفُ بسُرعةٍ هائِلة".
يعي المركز العربي قتامة الراهن العربي، ويتلمس عمق الدرك الذي سقط فيه بعض العرب وإعلامهم الأصفر، ولكنه يدرك، بوعي ومسؤولية، معنى أن تعمل للنهوض في زمن الأفول، فطائر المينيرفا (أي طائر الحكمة)، يفرد جناحيه ويبدأ تحليقه بعد الغروب، على حد قول عزمي بشارة، مُقتبساً من الفيلسوف هيغل.
أما درة تاج المركز العربي، معهد الدوحة للدراسات العليا، فلا يخفى إلا على الجاهلين، كيف غدا قِبلة ينهل من محراب معارفها مئات الطلاب الوافدين الى رحابه من جميع الأقطار العربية. منذ تأسيسه قبل أربعة أعوام، استقبل وخرَّج ثلاثة أفواج من حملة درجة الماجستير في 17 برنامجاً أكاديمياً، ويستعد هذه الأيام لاستقبال 288 طالباً وطالبة مع بدء الدراسة في السنة الجامعية المقبلة 2019-2020. ويرى عزمي بشارة، صاحب الأجندات المكشوفة والمنشورة، لا الأجندات المخفية، كما تكذب "الأخبار"، أن معهد الدوحة هو فرصةٌ تاريخية لبناء مشروعٍ مختلفٍ عن السائد في العلوم الاجتماعية والإنسانية، من خلال التفرغ للتأمل والبحث في أجواء من الحريّة الأكاديمية وتشجيع التفكير النقدي والتفاعل المثمر بين الباحثين والأساتذة والطلاب. بهذه الروح، يقول بشارة، بلا مواربةٍ أو مراوغة: "نحدّد أجنداتنا بناء على حاجات المجتمع العربي، فنبحث في المجتمع والدولة والأخلاق وأصول الاستبداد والتحول الديمقراطي وتعثر التحول الديمقراطي وغيرها".
مثلما لا يسعى المركز العربي إلى أي استحواذ أو استملاك لمؤسسات نظيرة، لا يسعى المعهد للاستحواذ على خريجيه، بل يحثّهم رئيس المعهد، ياسر سليمان، في كلمةٍ ألقاها على مسامع خريجي الفوج الثالث، في أواخر إبريل/ نيسان الماضي، على العودة إلى بلدانهم بعد أن تسلحوا بأدوات البحث والتفكير النقدي "لينخرطوا هناك في قواطرِ التنميةِ والتمكينِ في مُجتمَعاتِهم؛ ليُحقِّقُوا تطلُّعاتِ أوطانِهم في بناءِ مجتمعاتِ المعرِفةِ القائمةِ على الفكرِ النّاقدِ، المتجذِّرِ في أرضِه، في زمنٍ تَتداخلُ فيه العُلومُ والمعارفُ بسُرعةٍ هائِلة".
يعي المركز العربي قتامة الراهن العربي، ويتلمس عمق الدرك الذي سقط فيه بعض العرب وإعلامهم الأصفر، ولكنه يدرك، بوعي ومسؤولية، معنى أن تعمل للنهوض في زمن الأفول، فطائر المينيرفا (أي طائر الحكمة)، يفرد جناحيه ويبدأ تحليقه بعد الغروب، على حد قول عزمي بشارة، مُقتبساً من الفيلسوف هيغل.