الحلبي يروي تفاصيل "قرقرة البطون" وصدى الأنين والآهات


تم النشر 10 إبريل 2019


عدد المشاهدات: 1722

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


تسلح الجميع بمعدات القتال، وبدأت المعركة بهدوء، توقف الجميع عن الكلام حفاظاً على قوتهم، وجلس أغلبهم على الأرض تاركين أسرتهم، ينظرون إلى بعضهم بحب وأملٍ بالنصر، ويتردد بينهم صدى الآنين والآهات وقرقرة البطون، هي معركة مختلفة بكل تفاصيلها عن والقصف والرصاص.

تحيط بهم جدران خرسانية تحجز أشعة الشمس من تعقيم المكان، وبوابة حديدية صلبة تقف سداً منيعاً أمام حركتهم للخروج إلى الساحات العامة، وغرفتهم خالية من الطعام أو أي وسيلة للاتصال بالخارج، ويخبئون بعض من الملح وزجاجات الماء لفترة محددة لتساعدهم في معركة قرقرة البطون.

هذا مشهدٌ دقيقٌ لمعركة الكرامة 2 التي يخوضها الأسرى الأبطال داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي لتعنت إدارة مصلحة السجون وعدم استجابتها لمطالب وحقوق الأسرى.

"عندما تسحب إدارة مصلحة السجون إنجازاتنا وحقوقنا التي كفلتها القوانين الإنسانية والدولية والشرعية لا يبقى أمامنا سوى مقاومة الاحتلال بأرواحنا وأنفاسنا فلا كرامة لنا ولا عزة، فهذا العمل الإرهابي يهدف إلى إذلال الانسان والدوس على كرامته" هكذا بدأ الأسير المحرر رامز الحلبي حديثه لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية" عن تجربته داخل سجون الاحتلال.

خاض الأسير الحلبي 50 يوماً متفرقة من الإضراب عن الطعام خلال معارك الأسرى مع إدارة السجون الإسرائيلية لانتزاع حقوقهم وانجازاتهم السابقة.

قبل بدء معركة الكرامة يُخلي الأسرى كل أشكال الطعام من غرفة السجن ويبقون فقط على الملح والماء لمساعدتهم في الحفاظ على أمعائهم من الإصابة بالعفن لأطوال فترة زمنية لمقاومة الاحتلال.

وفي اليوم الأول لخوض المعركة يشعر الأسرى بالإرهاق والتعب الشديد، يجلسون كتفاً بكتف على الأرض ليشدوا أزر بعضهم بعضا، يترقبون ساعة النصر في عيونهم، بعضهم يترك الأسرة خشية من السقوط على الأرض والتعرض للأذى، خلال اقتحامات لوحدات قمع السجون.

بعد 24 ساعة ترتفع أصوت الآهات والآنين من شدة آلام المفاصل وآلام المعدة والصداع الشديد، ورغم هذه الحالة الصعبة إلا أن وحدات قمع السجون تركل حقوق الانسان وتهجم -كالحيوانات المفترسة- تضرب بأقدامها ما تشاء وكيف تشاء وتتحجج بذرائع واهية بالبحث عن ممنوعات وتصادر في نهاية الهجمة المسعورة قلم حبر ودفتر وكتاب.

يستمر المشهد المؤلم كما يرويه الأسير المحرر رامز الحلبي لمدة أيام، تستخدم خلالها إدارة السجون أساليب مختلفة للضغط على الأسرى للتوقف عن خوض الإضراب المفتوح عن الطعام سواء بطهي الطعام أو رفع صوت المكبر ونشر الأكاذيب والبيانات الملفقة عن هيئة الاضراب.

ويقول الحلبي: "خلال الإضراب عن الطعام تقوم إدارة السجون بنقل تعسفي لممثلي الهيئة القيادية للأسرى من الغرف إلى العزل الانفرادي وتعذيبهم نفسياً".

"الأسرى لا يملكون سوى سلاح الإضراب عن الطعام والصمود على الجوع والتعب الشديدين حتى تحقيق النصر، فكلما زاد التعب وحالة الاعياء زاد الضغط على إدارة السجون للاستجابة لمطالبهم" أضاف الحلبي.

وتابع الحلبي قوله: "استذكر أيام كنت مضرباً فيها عن الطعام، كانت قوات القمع الإسرائيلية تقتحم السجون بشكل تعسفي وتعتدي على الأسرى ويعتقدون بأن الأسرى عبارة عن أجساد لا تستطيع أن ترد أو توقف قوات القمع عند حدها، وفي تلك اللحظات تجد روح التحدي ورد الاستفزاز بالاستفزاز وتشعر حينها بالعزة والكرامة والإرادة القوية التي تتحدى أعتدى قوة مسلحة في المنطقة بأمعائك الخاوية".

وأشار إلى أن "الأسرى في حالة التعب الشديد يكونوا على استعداد للشهادة مهما فعلت قوات القمع فلا يمكن لهم أن يُذلوا الأسرى".

ومع تجاوز الإضراب عن الطعام لليوم الـ20 تبدأ مرحلة جديدة من الآلام الشديد حيث يُصاب البعض بتقيؤ الدم والماء، وعدم القدرة على الرؤية أو الكلام.

ويبقى الأسرى يترقبون بهذه الحالة الصعبة جداً سماع الأنباء من خارج السجون أو تهريب بيانات القيادة العليا للأسرى، ووضعهم في أخر المستجدات ليتشاركوا في اتخاذ القرار.

وشدد الحلبي على أن الأسرى سيحققون مطالبهم ما داموا متوحدين ومتماسكين وما دام هناك تضامن قوي خارج السجون لإيصال رسالتهم لجميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية، مؤكداً على أن "إسرائيل" التي تروج نفسها أمام العالم بأنها دولة ديمقراطية وهي كاذبة لن تستطيع أن تواصل الكذب على المؤسسات الدولية وستخضع في النهاية لمطالب وحقوق الأسرى التي كفلتها كافة القوانين الدولية والإنسانية التي تحفظ كرامة الانسان.

يُشار إلى أن الأسرى يدخلون يومهم الثالث في (معركة الكرامة2)، التي شرعت بها الهيئات القيادية للأسرى داخل السجون، بعد رفض إدارة السجون الاستجابة لمطالبهم.

وانضم للإضراب أمس الثلاثاء، قرابة (400) أسير في عدة سجون تركزت في "النقب، وريمون، ونفحة، وايشل، وعوفر، وجلبوع، ومجدو".

وتجري مفاوضات غير مباشرة داخل السجون، وجهود مصرية ما تزال مستمرة للضغط على سلطات الاحتلال من أجل تحقيق مطالب الأسرى الحياتية.




- انشر الخبر -