تحذيرات إسرائيلية.. المصالحة في خطر عبد الناصر عيسى


تم النشر 02 ديسمبر 2017


عدد المشاهدات: 1282

أضيف بواسطة : أ. مهند محمد


يتابع المراقبون في "إسرائيل" باهتمام تطورات المصالحة الفلسطينية، وما آلت إليه نتائج حوار القاهرة 22-11-2017، والذى اعتبر وعلى نطاق واسع في "إسرائيل" بفشل ذريع ترفض الأطراف الفلسطينية الاعتراف به، مما قد يؤثر على الوضع في المنطقة وعلى الحدود مع قطاع غزة بشكل خاص.

لقد أعربت المصادر الإسرائيلية عن خشيتها من أن فشل المصالحة سيؤدي إلى إعادة التوتر والتصعيد مع قطاع غزة، وهذا ما أكده على سبيل المثال المحلل العسكري في صحيفة يديعوت، حيث أكد ضرورة قيام "إسرائيل" بالاستعداد والتجهيز لاحتمالات اندلاع العنف من قطاع غزة، وذلك بسبب إحباط وخيبة أمل الشعب الفلسطيني من نتائج الحوار الأخير في القاهرة.

في مقابل هذا فقد اعتبر المحلل العسكري لصحيفة هآرتس أن فشل المصالحة قد يحمل في طياته خطرا مزدوجا على "إسرائيل"؛ فقد يؤدي إلى عودة التصعيد والتوتر بشكل عام في "الجبهة الجنوبية" من جهة، ومن جهة أخرى فهو يرفع احتماليات قيام مقاتلي الجهاد الإسلامي باستغلال هذه الحالة لإغلاق حسابهم مع "إسرائيل"، بعد هجومها القاتل على نفق خان يونس.

من الضروري التأكيد على أن "إسرائيل" لا ترغب بأن يحقق الشعب الفلسطيني آماله وتطلعاته من خلال الوصول بالمصالحة إلى مراحلها الأخيرة وتحقيق الوحدة الوطنية المناسبة والتي تمكن من مواجهة الاحتلال بنجاح وفعالية واضحة، ولكنها بالمقابل لا تريد لأوضاع غزة الصعبة من النواحي الإنسانية أن تؤثر عليها أو أن تضر بها وبمصالحها الأمنية، لذا فهي فعليا تؤيد درجة معينة ومحدودة من المصالحة، وبالشكل الذى يضمن تخفيف الأوضاع الإنسانية لسكان قطاع غزة، وبالتالي تمنع احتماليات التصعيد العسكري.

كما تجدر الإشارة أن تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والتى ترى بدرجة معينة من المصالحة، وإن استفادت منها حماس أيضا كأهون الشرين وأخف الضررين، وذلك إذا قورنت بما سيؤدي إليه استمرار حالة الانقسام السابقة من إمكانيات واحتماليات عالية لحدوث حرب لا تريدها "إسرائيل" حاليا على الأقل مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك بسبب المعاناة الإنسانية للسكان، والتى اعتبرتها الاستخبارات الإسرائيلة دافعا رئيسيا واعتبارا مركزيا في حسابات قيادة المقاومة وحماس على وجه التحديد.

يمكن القول إنها من المناسبات النادرة التي تلتقي بها مصلحة "إسرائيل" الأمنية مع مصلحة الشعب الفلسطيني بالمصالحة ولو بحدها الأدنى، وذلك بسبب صبر وصمود الشعب الفلسطيني وثبات مقاومته على مواقفها الوطنية، لذلك يتوجب على الفلسطينيين انتهاز هذا التقاطع الإجباري والمؤقت للمصالح للبناء عليه والتقدم نحو المصالحة الوطنية الواجبة.

قد تستوعب "إسرائيل" فشلا تكتيكيا مؤقتا لحوار المصالحة بالقاهرة أي فشلا مقصودا يهدف للمزيد من الضغط لابتزاز المقاومة ولكسب المزيد من المكاسب السياسية لهذا الطرف أو ذاك أو لشراء مزيد من الوقت، ولكنها لن تستوعب وعلى الأرجح فشلا استراتيجيا لعملية المصالحة، مما قد يضطرها إلى التدخل غير المباشر وغير المعلن لمنع ذلك، وذلك من خلال حلفائها في الإقليم.

 تدرك "إسرائيل" ومن خلال أجهزة استخباراتها ومحلليها الأمنيين أن سلاح المقاومة وعلى الأقل في هذه المرحلة هو خط أحمر لدى المقاومة، كما أنها تعتبر أن مشكلة رواتب موظفي غزة كان لها دور في جولات قتالية سابقة، لهذا فقد وافقت ضمنيا، وبعيدا عن مواقفها العلنية على ما وافق عليه المصريون ولم تدركه حسابات بعض الأطراف في الإقليم، على مخرجات اتفاق القاهرة 12-10-2017، ولكنها مع ذلك قد تسكت أو تعطي فرصة معينة لمن يغدق عليها الوعود بأنه سيتمكن وبمزيد من الضغط من انتزاع تنازلات جديدة من حماس والمقاومة.

أخيرا يمكن القول إن الضامن الأساسي لاستمرار المصالحة رغم كل العقبات التي تضعها قوى داخلية وخارجية، هو صبر وصمود وثبات الشعب الفلسطيني في غزة على حقه في العيش بكرامة ومقاومته للظالمين، الأمر الذى جعل "إسرائيل" تخشى بل وتحسب ألف حساب "لجوعه وعطشه"، بمعنى آخر إن استمرار معاناة غزة هو تهديد للأمن القومي الإسرائيلي، والطريق الممكنة والأقل ضررا لـ"إسرائيل" لمواجهة هذا التهديد هي درجة معينة من المصالحة الوطنية الفلسطينية.

 




- انشر الخبر -